رأى

ما يراه الرئيس السيسي ولا يدركه الآخرون…حقائق للوطن

بقلم: أ.د/علي إسماعيل

أستاذ إدارة الأراضي والمياه ـ معهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة ـ مركز البحوث الزراعية

يتساءل البعض عن دور وزارة الزراعة واستصلاح الاراضي من المشروعات الضخمة التنموية التي تنفذها القوات المسلحة المصرية في مجالات مشروعات استصلاح واستزراع اراضي وانشاء مزارع حقلية وبستانية وسمكية وصوب زراعية ومصانع اسمدة ومخصبات؟

لا شك أن هذه المشروعات تمثل اضافة حقيقية علي ارض الواقع حيث يقوم بافتتاحها الرئيس عبدالفتاح السيسي وحجم الانجازات الفعلية التي اصبحت معروفة لدي القاصي والداني ويشهد بها الاعداء قبل الاصدقاء رغم قصر المدة التي نفذت فيها والتي لم تتعدي 4 سنوات ولا يعلم البعض الأبعاد الامنية والاستراتيجية لملف الزراعة المصرية الذي تراجع في السنوات العشرة الاخيرة قبل تولي السيد الرئيس قيادة مسيرة بناء الدولة المصرية.

نظرة سريعة وبدون الخوض في تفاصيل الموضوع نجد أن ملف الزراعة يحتوي على مجموعة من المحاور الاساسية التي تضمها الزراعة المصرية، وأهم هذه الملفات ملف انتاج التقاوي والتسويق الزراعي واستصلاح واستزراع الاراضي وندرة الموارد المائية وابعادها المعقدة والشح المائي بعد زيادة عدد السكان لأكثر من ١٠٥ ملايين نسمة وثبات حصة مصر المائية التي عمل عليها وعكف على ايجاد اليات حل تنفيذية لها السيد الرئيس لتعظيم الاستفادة من وحدة الارض والمياه وبدء مجموعة مشروعات تحلية المياه وغيرها تظهر واضحة في ما يتم تنفيذه علي ارض الواقع من خلال منظومة وطنية منضبطة.

ملف الزراعة والوزارات المعنية به عان من بطء العمل به منذ فترة ولم يواكب معدلات التنمية المرتبطة بالمعدل العالي للنمو السكاني الرهيب لا تستطيع معه المنظومة الحكومية في ظل الاجراءات الادارية العقيمة أن تلبي طموحات السيد الرئيس للشعب المصري في تحقيق الامن الغذائي وتحقيق التنمية المنشودة في فترة زمنية وجيزة لا تحتمل المهاترات فلا توجد رفاهية الزمن للتنفيذ.

لذلك فكر السيد الرئيس واتخذ قرار التحدي والعبور الجديد لتنفيذ هذه المشروعات الزراعية المتنوعة وكلف بها القوات المسلحة درع الامان للوطن وحمايته. نظرة موضعية محايدة تدفعك إلي عدم اتهام وزارة الزراعة بالتقصير… لماذا؟ لإنه من خلال تحول دور وزارة الزراعة المصرية من صاحبة دور اساسي في صناعة التنمية وبناء الوطن عندما كان يطلق عليها وزارة الزراعة والأمن الغذائي نظرا لارتباط مفهوم الأمن الغذائي بالأمن القومي المصري الي وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بمفهوم وزارة خدمية مهامها البحوث والارشاد وتقديم الخدمات للمزارعين والمنتجين الزراعيين والتنسيق وصنع السياسات الزراعية ومتابعتها.. فقط.

ومع الظروف التي مرت بها الوزارة وتقليص موازنتها بصفة عامة والبحوث بصفة خاصة واستمر تراجع الدور الاساسي لها حيث تقلص هذا الدور في مجال الانتاج الزراعي والتسويق التعاوني مع التوريد الاجباري بسبب سياسات التحرر الاقتصادي والغاء الدورة الزراعية، لكنه استمر في الرقابة والخدمات والبحوث والارشاد ووضع السياسات ومتابعتها متمثلا في الرقابة علي استيراد البذور والتقاوي للخضر وحماية الاصناف المحلية سواء النباتية او الثروة الحيوانية من خلال الحجر الزراعي والحجر البيطري وبعض اللجان الوزارية التي تنظم استيراد وتصدير المبيدات والاغذية والاعلاف والاسمدة والمخصبات وتسجيل الاصناف وغيرها من اللجان مع العمل علي تعظيم البحوث والارشاد.

واستمر دور وزارة الزراعة من خلال مركز البحوث الزراعية الذي شهد اكبر نهضة في بداية الثمانينات ونهاية التسعينات عندما كانت موازنته تتعدي ٢٣٠ مليون جنيه مصري بما يعادل ٧٠ مليون دولار في ذلك الوقت وتواجد مشروعات دولية ضخمة مثل مشروع الحبوب و”النارب” و”الاتوت”، تعدت ميزانياتها في حينه المليار و800 مليون دولار ضخت في وزارة الزراعة ومؤسساتها، وغيرها من المشروعات الاجنبية الاوربية وكان مردودها قوي جدا وفعال من خلال نتائج ملموسة ظهرت علي ارض الواقع تقدمت فيها ملفات منها تدريب الكوادر البحثية ومعرفة الاتجاهات الحديثة في الزراعة وادخال الاصناف النباتية والتربية للعديد من اصناف الفاكهة ومحاصيل الحبوب وزيادة انتاجية بعض المحاصيل الحقلية كالقمح والذرة والارز وتضاعف انتاجيتها ووضع استراتيجيات وخطط خمسية للزراعة المصرية بينما تراجعت ملفات مثل ملف القطن ومحاصيل الزيوت وانتاج تقاوي الخضر ومنها الهجن وخصخصة الشركات الزراعية والتسويق ومشروع البتلو رغم توفر تمويل المشروع.

واستمر مركز البحوث الزراعية يعمل بالدفع الذاتي لفترة مع تقلص وضعف الميزانية ونقص التمويل مع تضاعف اعداد الباحثين والصراعات الداخلية بين الباحثين وتفرغ البعض لتشويه المركز والوزارة بصورة غير مبررة، الي ان وصلت الميزانية البحثية خلال السنوات القبل الاخيرة الي” ميزانية هزيلة” لا يمكن ان تساعد علي استمرار البحث والتطوير المطلوب مع التحديات العالمية والتكنولوجيات الجديدة. وهو ما يتطلب تدخلا رئاسيا لإصلاحه دعما لدوره في البحث العلمي ونهضة مصر الزراعية التي يحلم بها الرئيس عبدالفتاح السيسي ويعمل من أجلها ليل نهار.

لذلك؟ كيف تستطيع هذه المؤسسة، أقصد وزارة الزراعة أن تؤدي الدور المنوط بها لتطوير وقيادة حركة التنمية الزراعية؟ والاستمرارية في تطوير الأصناف وإنتاج تقاوي الاساس والمربي بالشكل الامثل دون الاعتماد على الاستيراد وحماية الاصناف المصرية نجح مركز البحوث الزراعية رغم ما حدث من ظروف صعبة، في إنتاج تقاوي المربي والاساس لمعظم المحاصيل الحقلية غطت الاحتياجات الخاصة بالبلاد كالذرة والارز والقمح وغيرها من المحاصيل الحقلية وتراجع دوره بالنسبة لمحاصيل الخضر وخاصة الهجن والتي تمثل ضغطا وبعدا استراتيجيا حيث تشير الإحصائيات الي ان حجم الواردات من بذور الخضر للهجن وتقاوي البطاطس وخلافه من مستلزمات الانتاج بذور ومخصبات واجهزة نظم ري حوالي ٣ مليار دولار سنويا.

لذا ومن خلال  البعد الاستراتيجي والامن القومي الزراعي ظهرت المبادرة الوطنية التى أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسي قائد مسيرة البناء والتنمية علي ارض مصر مطلقا شعارا وطنيا يظهر حسه الوطني الملخص لبناء ثوابت هذا الوطن ودفع التنمية الي مستويات عالمية في الانتاج الزراعي واستصلاح الأراضي بتكليف خير أجناد الارض ممثلة في قواتنا المسلحة المصرية ومن خلال جهاز مشروعات الخدمة الوطنية لتحقيق حلم المصريين في تأمين غذاءهم وعودة الريادة للزراعة المصرية وتحديثها من خلال مشروع الشركة الوطنية للزراعات المحمية لتنفيذ مشروع ضخم لتنفيذ ١٠٠ الف صوبة تغطي انتاج مليون فدان من انتاج الخضر  تكفي  احتياجات المواطنين وتغطي جزء كبيرا من الصادرات الزراعية النظيفة التي تصل الي الاسواق العالمية.

ليس هذا فحسب ولكن… معها علي التوازي أكبر مشروع لتامين الاحتياجات للزراعة المصرية من الاسمدة  الفوسفاتية والتي قد تصل لأكثر من 2.5 مليون طن من الاسمدة الفوسفاتية بصورها المختلفة والاسمدة المركبة والازوتية بمجمع العين السخنة) 9 مصانع (الذي كلفت اكثر من 12 مليارات جنيه في خطوة هامه لاستخدام وتعظيم الاستفادة من المواد الخام والأولية وتعظيم العائد وعدم وضع الدولة تحت ابتزاز السوق العالمي والضغوط الخارجية وتأمين احتياجات هذه المشروعات الوطنية واستكمالا لمنظومة التأمين بدء تنفيذ مشروع إنتاج تقاوي الهجن للخضر  المطلوبة للسوق المصرية والصوب الزراعية بصفة خاصة ومنها الطماطم والخيار والفلفل والبطاطس.

تبقي منظومة زهور القطف لأغراض التصدير وغيرها وهي من أهم عناصر الامن الزراعي التي تحتاج إلي توفير مستلزمات الانتاج من تقاوي واسمدة ومستلزمات شبكات الري وخلافه تأمين ونجاح هذه المنظومة لتوفير احتياجات السوق المحلي والتصدير يمكن أن تستكمل من خلال توفير خطوط لإنتاج البلاستيك والهياكل المعدنية ونظم الري والأجهزة  اللازمة  لها لضبط الحرارة والرطوبة وتصنيع المحاليل المغذية والاسمدة المركبة وتدريب الكوادر الوطنية  لمنظومة التصنيع الوطني من خلال الدور الأصيل  لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية أو المصانع الحربية او الهيئة العربية للتصنيع خاصة ان الأخيرة قطعت شوطا جيدا في انتاج  اجهزة الري المحوري والطلمبات والآلات الزراعية  .

مصر ستظل حصنا منيعا بإذن الله امام كل المؤامرات بفضل  قواتها المسلحة  الدرع الواقي لهذا الوطن تحت قيادة وطنية لها رؤيا بعيده وثاقبه قادرة علي العبور بها الي آفاق التنمية المستدامة ومحاربة الجوع والفقر من خلال توفير امن غذائي وطني ساهمت في بناءه قواتنا المسلحة المصرية من خلال جهاز مشروعات الخدمة الوطنية وشركاتها الانتاجية المتخصصة كان يحتاج إلي سنوات طويلة إذا تم عبر  المنظومة العادية للسوق المحلي وامكانيات قطاع حكومي “ضعيف” ومتعارض وقطاع خاص مرتبط بمصالحه الخاصة والربحية في المرتبة الاولي في اهتماماته وربما لا يقدر علي تنفيذه.

كل التحية والتقدير لقواتنا المسلحة المصرية ومن خلال أجهزتها التنموية والتي تعمل من خلال رؤيا بعيده وثاقبه لقائد وطني يعبر بالوطن من الفوضى والضياع الي البناء والتنمية والتطوير لبناء مصر الحديثة.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى