رأى

فوائد السد العالي في ذكرى افتتاحه

أ.د/نادر نور الدين

بقلم: أ.د/نادر نور الدين

أستاذ الأراضي والمياه بكلية الزراعة جامعة القاهرة

افتتح السد العالي رسميا في 9 يناير 1971 بعد أكثر من 20 سنة من العمل الدوؤب من منتصف عام 1960 من اجل انجاز هذا العمل الذي صنف على انه افضل عمل نهرى في القرن العشرين.

مر تمويل السد بالعديد من العقبات بعد ان تقدمت مصر بطلب الي البنك الدولي لتمويله إلا ان البنك رفض التمويل بضغوط امريكية بسبب الخلافات مع الزعيم جمال عبدالناصر وبحثت مصر في الدول الصديقة عن ممول للسد وهو ما وافقت وعرضته روسيا وتسبب في قطيعة امريكية طويلة مع مصر بل ومؤمرات مثل ارسال امريكا لمكتب الاستصلاح الامريكي الي اثيوبيا لدراسة امكانية اقامة عدد من السدود على النيل الازرق الرافد الرئيسي لنهر النيل والذي يمثل وحده 60% من اجمالي مياه نهر النيل وذلك نكاية في مصر وفي الرئيس ناصر بسبب قبوله للعرض للروسي لتمويل السد والمشاركة بالخبراء في بنائه وما تبعه من شراكة في عدد من المشروعات القومية مع روسيا مثل انشاء مصنع الحديد والصلب ومصنع المونيوم نجع حمادى وتحديث بنيه الاتصالات واقامة السنترالات التليفوتية وغيرها.

وبعد اربع سنوات دراسات في اثيوبيا قدم مكتب الاستصلاح الامريكي تقريره بالتوصية بإقامة 4 سدود اثيوبية على النيل الازرق بمجموع سعات تجاوزت 50 مليار متر مكعب ومنها تصور لـسد النهضة الحالي تحت مسمى السد الحدودى ولكن بسعة 11,5 مليار مترا مكعبا فقط.

أنشئ السد العالي للعديد من الاهداف اولها انقاذ نحو 22 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل تهدر سنويا في البحر المتوسط سواء اثناء شهور الفيضان من يوليه وحتى اكتوبر او حتى في التدفقات الطبيعية للنهر وهو ماحدث بالفعل بعد بناء السد العالي حيث تم توزيع هذه الكمية بين مصر والسودان فارتفعت حصة السودان من 4,5 مليار متر مكعب سنويا الي 18,5 مليار وارتفعت حصة مصر من 48,5 مليار متر مكعب سنويا الي 55,5 مليار.

ومن اهم فوائد السد العالي انه خلق اكبر بحيرة صناعية من صنع الانسان في العالم وهي بحيرة ناصر والتي تمتد بطول 500 كم متر منها 150 كم داخل الاراضي السودانية ونحو 350 كم في الأراضي المصرية بما خلق العديد من فرص العمل للصيادين في مصر والسودان للاستفادة بـالثروة السمكية في البحيرة ووفر قدر من البروتين الصحي لشعبي مصر والسودان.

وقبل السد العالي كان فيضان النهر يغطي الاراضي الزراعية في مصر لمدة اربعة اشهر بداية من شهر يوليه وحتى نهاية اكتوبر ويتم بعدها زراعة المحصول الشتوى في نوفمبر على مخزون مياه الفيضان في الاراضي المصرية ولمرة واحدة في السنة حيث كانت الاراضي المصرية تستعد من شهر يونيه كل عام لاستقبال مياه الفيضان الجديد ويتم حصاد المحاصيل على عجل قبل قدوم الفيضان بالاضافة الي تأثيره الفيضان الكبير على جرف المنازل والحقول في محافظات صعيد مصر والتسبب في موت العديد من الضحايا.

بعد السد العالي وتوقف الفيضان عن غمر الاراضي المصرية اتاح ذلك زراعة الاراضي المصرية طوال العام ولمرتين وثلاثة شتوى وصيفي ونيلي بدلا من مرة واحدة قبل بناء السد العالي.

وكان من مميزات بناء السد العالي انه سمح لمصر بزراعة نحو 700 الف فدان بالارز كل عام لم تكن موجودة من قبل نظرا لقدوم الفيضان صيفا اثناء موسم زراعة الارز وبما سمح لمصر بتحقيق الاكتفاء الذاتي من الارز وتحقيق فائض للتصدير.

وصلت مساحات زراعات الارز في بعض السنوات الي 2 مليون فدان بفضل السد العالي وانحصرت حاليا الي نحو 1,1 مليون فدان بسبب الاستعداد لتداعيات السد الاثيوبي.

ايضا من مميزات السد العالي انه سمح بالملاحة النهرية طوال العام وبما سمح بادخال الفنادق النهرية والرحلات السياحية بين القاهرة والاقصر وأسوان والتي جذبت اليها ملايين السائحين ووفرت لمصر دخلا كبير من قطاع السياحة النهرية.

وحما السد العالي مصر من فترات جفاف طوية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي حيث دائما تمر دورة فيضان نهر النيل بسبع سنوات سمان لـفيضان غزير يتبعها سبع عجاف لـفيضان ضعيف ثم ست سنوات في المتوسط، واخر نوبات الجفاف كانت في الفترة من 1981 وحتى عام 1988 والتي شهدت جفافا حادا للنهر كاد ان يوقف عمل توربينات السد العالي ويرفع حالة الطوارئ في مصر لترشيد استخدامات المياه لولا قدوم فيضان غزير عام 1988 لينهي سبع سنوات من الجفاف الشديد حما فيها السد مصر وهو ما تكرر ايضا خلال الالفية الجديدة بسنوات عجاف طويلة انتهت في عام 2017 وحما فيها السد العالي الشعب المصري من ويلات الجفاف.

ايضا من مميزات السد العالي توليد طاقة كهربية مائية نظيفة تجاوزت 1800 ميجاوات كانت تكفي اغلب الشعب المصرى في سبعينات القرن الماضي بفضل السد العالي وساهمت في الثورة الصناعية لمصر وادخال الكهرباء الي بيوت كل المصريين وهي حاليا وبسبب التحضر الكبير تمثل نحو 8%؜ من اجمالي استهلاك الكهرباء في مصر.

إن تأمين السد العالي للمياه في مصر طوال العام ساهم في التوسع في انشاء محطات مياه الشرب والتي اصبحت بعد السد العالي متوافرة في كل بيت في مصر.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى