رأى

سد النهضة .. ليس فقط قضية مياه

أ.د/صلاح يوسف

بقلم: أ.د/صلاح يوسف

وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الأسبق

كثير من السياسيين من السفراء والعاملين بـوزارة الخارجية المصرية والمهتمين بالشأن السياسي والكتاب الصحفيين المصريين البارزين اهتموا بنهر النيل ليس فقط كمصدر للمياه ولكن لأنه فجر لدى المصريين الفكر والعلم والحضارة والدولة منذ فجر التاريخ ومازال.. وكل الكتاب والسياسيين والمؤسسات والجهات تقريبا حذروا من توجهات اثيوبيا ليس تجاه نمو بلادهم فهذا ندعمه ولكن محاولة الاضرار البليغ الممتد بالصالح المصري، وللأسف تناول الدولة مع هذه القضية مازال دون المستوى الذى يحافظ على دولتنا كما ينبغي بعكس ما حدث في تاريخنا الحديث عبر العهود.. ربما حجم التحدى أكبر مما سبق ولكن لآبد أن يتناسب الاستعداد والتصدى مع حجم التحدى.. ولا نستطيع أن نضع جانبا مجهودات قواتنا المسلحة وتنوع التسليح والتخطيط والتمركز في الفترة الاخيرة.. ألا أن تناول الموضوع لآبد أن يكون حازما لأقصى درجة وبكل الطرق استغلالا لكل قدراتنا السياسية والدبلوماسية والمخابراتية والعسكرية.. مع مراعاة أن الحزم هو الاصل لأن النشاط الدبلوماسيه لن يؤدى إلى شئ خاصة أن العدو يخطط لنا بقوة ويدبر ولن يسمح بالعمل الدبلوماسى إلى التقدم، ودائما الدبلوماسيه البنية على أساس القوة هى التى تنجح فقط.

ويهمنى أن أشير إلى واحد من الكتب المهمة التى تناولت وبينت حجم المؤامرة ونتائجها المقصود وهو كتاب:

سد النهضة.. لعبة بنوك المياه في دول حوض للنيل للكاتب الصحفى المتميز مصطفى خلاف، ولن أشير إلى ما تناوله الكتاب وإن كان جدير بذلك.. لكن كل منا يحاول قراءته، ولكن يعنينى هنا أن أوضح أمورا أخرى مهمة:

١. إن خطط ترشيد المياه لمواجهة أى عجز نتيجة سد النهضة هي خطط لنعود إلى خط البداية وهو ما هو كان متاحا لنا أصلا من مياه أو مساحة منزرعة، بل يجب ترشيد استخدام المياه لأن الله أمرنا ألا نكون من المسرفين، وكذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذى أوصانا بترشيد استخدام المياه حتى في الوضوء ولو كنا على نهر جارى، ومن جانب آخر مهم هو الترشيد لزيادة الرقعة الزراعية والزيادة الإنتاجية وليس الترشيد لنحافظ على مساحتنا المزرعة من قبل، وكذلك البحث عن مصادر مياه أخرى مثل تحلية المياه.. كل هذا لو كان بغرض تخطى الاثار السلبية للقرار الاثيوبي فهو مدخل خطأ قاصر النظر.. لأن أهداف السدود المزمع إنشاؤها هو الاضرار بالدولة المصرية كدولة وليس فقط كمية المياه.

٢. كيف نحقق خطة الدولة فى زيادة استصلاح الاراضى إلى 4 ملايين فدان جديدة منها خطة واحد ونصف فدان سالفة الذكر ونحن نتعرض لشح مائى أم سنستصلح ارتضى رملية ونعمل ما بنته آلاف السنين من اراضى خصبة.

٣. فكرة تعظيم الجانب الاقتصادى للمتر المكعب من الماء هى فكرة قاصرة يتبناها الرأسماليون الذين لا يعنيهم سلامة البلاد والعباد، واولا أقول لهؤلاء مارسوا فكركم الأقتصادى ونظرياتكم الاقتصادية بعيدا عن الزراعة فتحقيق الامن الغذائى معتمدا على القدرات الذاتية هو الذي يصون البلاد ويرفع عن الحكام الضغوط الأجنبية في إدارة البلاد، ولهؤلاء الاقتصاديين لديكم الصناعة والتجارة والتعدين وغيرها من الانشطة، ولكن بشرط مراعاة الصالح الوطنى من قبل الحكومات حيث أن غالبية الاقتصاديين يعلون الجانب الفردى على الجانب العام في الثقافة الرأسمالية البحتة القيمة والمعلوم قصورها إذا اتبعت بمعزل عن الاعتبارات الأخرى المهمة والتى منها الجانب الاجتماعى والاستقرار السياسى وضمان تحقيق وتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة للجميع.

٤. يجب ألا تشغلنا كحكومات قضية عن أخرى، فإذا شغلنا بمكافحة الارهاب وهو واجب يقينا عن الحفاظ على حاضرنا ومستقبلنا فهو قصور، وإن كنت ارى أن كل هذه القضايا هى جميعها ارهاب يجب مكافحته، والرغبة في حدوث استقرار سياسي شكلى على حساب القضايا الوطنية التى تهدد مستقبل بلادنا فهو يمثل خطورة شديدة، ونعنى هنا نحن كدولة مستقرة سياسيا منذ ٧ سنوات، إذا كان هذا حقيقى فلنتفرغ إلى قضايا الوطن المهمة، واذا كان غير حقيقى فلابد من مراجعة فكرنا السياسي.. واستطيع أن أقول إن مصر هل الاصل وكلنا زائلون وفي وقت قصير مهما طالت اعمارنا، ويجب اعلاء مصلحة الوطن على الافراد، واستغلال عيوب البعض الفكرى أو عدم إخلاصهم للبلد في الحد من قدرات بلدنا في النمو والإتحاد فهو استغلال يجب الحد منه كلية.

٥. فكرة تسعير المياه وزيادة أسعارها سواء كمصدر اقتصادى أو للحد من استخدامها هو فكر استعمارى بدليل التخطيط له منذ عقود بالتأكيد من قبل ١٩٩٧ من الأعداء متخفيين في شكل بنك دولى أو جامعات علمية أجنبية، ولا ننسي أن ما يجرى على المواطن قد يجرى على الدولة من دول اخرى، وكل هذا خطأ جسيم لا نقبله كوطنيين يحبون بلدهم ويؤثرونه على أنفسهم.

٦. أين القضايا التى يجب إن ترفع ضد اثيوبيا فى كافة المحافل والتجمعات الدولية، وكثير من الدبلوماسيين راوا ذلك منذ سنوات.

أخيرا وبالتأكيد ليس آخرا.. ندعوا الجميع إلى التكاتف ودعم القيادة السياسية أولا لمنحها قوة التجمع والاتحاد تحت قيادتها فتعطيها القوة السياسية المنشودة في المجتمع الدولى فيصبح قولها ذو اعتبار كبير، وايضا لدفعها إلى اتخاذ القرارات الواجبة دون مهادنة أو تراجع أو تخاذل.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى