حوار

رئيس المجلس العالمي للاقتصاد الأخضر: نكافح التلوث البيئي بالمشروعات الخضراء

إلقاء 3 مليار متر مكعب مخلفات صرف صحى سنويا في نهر النيل

الاقتصاد الأخضر يساهم في التنمية البشرية المستدامة 

أسعار الكهرباء الأعلى عالميا إذا ما قورنت بالدخول

مشكلة مصر ليست فى نمو الطلب على الطاقة

المنازل تستهلك 50% من الكهرباء والزراعة 4% فقط

حوار أجرته: جيهان رفاعى

قال الدكتور محمد جمال كفافي، رئيس المجلس العالمي للاقتصاد الأخضر، أن كمية الصرف الصحي في مصر تقدر بحوالى 10 مليار متر مكعب سنويا، يتم القاء 3 مليار متر مكعب منها في نهر النيل، لافتا إلى أنه اذا تم الاستفادة من تحويل إجمالي كمية مياه الصرف الصحي، يمكن إنتاج 300 مليار متر مكعب وقود حيوي سنويا، يستخدم في توليد الكهرباء كجزء من مشروع الطاقات الخضراء لتقليل الاعتماد على النفط ومكافحة التلوث البيئىء، فضلا عن الحصول علي مياه صالحة للزراعة وإنتاج سماد عضوي.

وأضاف كفافى، فى حوار مع “الفلاح اليوم“، أن مشكلة مصر ليست فى نمو الطلب على الطاقة بقدر كفاءة استخدامها وتوظيفها فى مجالات تنموية وصناعية، مشيرا إلى أن مصر تستهلك حوالي 150 ألف ميجا وات/ساعة كهرباء سنويا، وأن حوالي نصف استهلاك الكهرباء في المنازل، و15% في القطاع التجاري، و25% في الصناعة، و4% في الزراعة والباقي إنارة عامة ومؤسسات حكومية، لافتا إلى استهلاك حوالي 30% فقط من الكهرباء في قطاعات منتجة تحقق إيرادات، والباقي في قطاعات استهلاكية لا تحقق ايرادات مباشرة.

وشدد رئيس المجلس العالمي للاقتصاد الأخضر، على أن مصر لديها فرص الاعتماد علي المصادر المتجددة من الطاقة بدلا من المصادر التقليدية، مشيرا إلى الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وإعادة تدوير مياه الصرف الصحى ومخلفات القمامة لإنتاج الوقود الحيوى، للمساهمة فى برامج التنمية الاقتصادية وتوفير فرص العمل وحماية النظام الإيكولوجى من التدهور.

وإلى نص الحوار..

س: ما المجلس العالمي للاقتصاد الأخضر؟

مع تزايد المخاطر البيئية لم تعد المفاهيم الاقتصادية «القديمة» التي أهملت حتمية البعد البيئي في التنمية الاقتصادية الملائمة للتحليل الاقتصادي؛ إذ تمّ صياغة مفاهيم اقتصادية «جديدة» (الاقتصاد الأخضر) من أجل تصحيح الاختلالات البيئية، ومن هنا برزت فكرة وضرورة إنشاء المجلس العالمي للاقتصاد الأخضر.

والمجلس هو مؤسسة دولية غير هادفة للربح مسجلة في الولايات المتحدة طبقا للقانون الفيدرالي الامريكي 501(c)، وفي مصر وفقا للقانون رقم 84 لسنة 2002 ومسجل ايضا في الاتحاد الاوروبي وهيئة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، بالاضافة الي مكاتب تمثيل في بريطانيا، الهند، باكستان، الكويت، السعودية، نيجريا، اوغندا، غانا، وجاري فتح مكاتب تمثيل في دول اخري من العالم، وهنا كرؤية مستقبلية ليصبح المجلس مؤسسة حكومية دولية Intergovernmental Organization.

رسالة المجلس الاساسية نشر الوعي والمعرفة بـالاقتصاد الأخضر وترسيخ الثقافة الخضراء في مختلف أرجاء العالم، لتحويل الاقتصاد العالمي الذي يعتمد على النفط الي الاقتصاد الأخضر من اجل عالم افضل ومستقبل أخضر بإذن الله. وفي هذا الإطار يسعي المجلس جاهدا بالتعاون مع الحكومات والمؤسسات والمجتمع المدني والقطاع الخاص الي تنمية القدرات الفردية والمؤسسية وعقد المؤتمرات وادارة المشروعات الخضراء في أغلب دول العالم خاصة الدول العربية والافريقية وعلي راسها مصر، لريادة الاقتصاد الأخضر والإسهام في التنمية البشرية المستدامة وإعداد أجيال قادرة على قيادة المستقبل.

س: ما الاقتصاد الأخضر، واهميته في مصر والوطن العربي؟

هو نشاط إنساني يشمل إنتاج وتوزيع وتبادل وإستهلاك السلع والخدمات شريطة النمو فى الدخل والعمالة بواسطة استثمارات فى القطاعين العام والخاص مع تعظيم كفاءة استخدام الموارد، واستخدام موارد متجددة ومواد معاد تدويرها، وتخفيض انبعاثات الكربون والنفايات والتلوث البيئي، ومنع خسارة التنوّع الأحيائى وتدهور النظام الإيكولوجى.

ولكن البلدان العربية حاليا تستهلك اكثر من ضعف كمية الموارد التي يمكن لانظمتها الطبيعية اعادة انتاجها، ويقدر معدل التكلفة السنوية للتدهور البيئي في المنطفة العربية نحو 150 مليار دولار، أي ما يعادل 9% من مجموع ناتجها المحلي الاجمالي عام 2016 بالاضافة الي ارتفاع معدلات البطالة التي يصل متوسطها قرابة 13%، وتبرز الحاجة إلى تأمين قرابة 50 مليون وظيفة عربياً بحلول عام 2020 في ظل غياب الاستفادة من تراكم رأس المال البشري، وانعدام الربط بين رأس المال البشري والنمو الاقتصادي، بما قد يؤدي إلى تزايد الضغط على البيئة عبر زيادة استهلاك الطاقة والمياه والموارد غير المتجددة، وارتفاع التلوث، وزيادة الاستخدام الجائر للموارد المائية والتصحّر وانعدام الأمن الغذائي وندرة المياه، وغيرها. وإذا تم الاستمرار في ذلك خلال الـ30 سنة القادمة ستكون الحياة صعبة على هذا الكوكب، ولذا بدأت دول أوروبا في التحول الي الاقتصاد الأخضر منذ سنوات، ولم يعد هناك خيارا للدول العربية سوي تحول اقتصاديات الأنظمة العربية إلى الاقتصاد الأخضر، شريطة تهيئة الحكومات بيئة عمل أفضل، وتشجيع الاستثمار في الإنتاج المستدام، وتعزيز النشاطات الاقتصادية ذات القيمة المضافة، ما يؤدي إلى زيادة فرص العمل والحدّ من البطالة مع حماية البيئة والحفاظ علي حق الاجيال القادمة في الموارد الطبيعية.

 س: ما مشكلة الطاقة في مصر ورؤيتك لحلها؟

ان مشكلة مصر ليست فى نمو الطلب على الطاقة بقدر كفاءة استخدامها وتوظيفها فى مجالات تنموية وصناعية، حيث ان غالبية المنشات والمنازل والتي تبلغ 30 مليون منشاة ومنزل يلزمهم تحسين كفاءة الطاقة في الاضاءة والاجهزة والمعدات. كما ان  تعظيم كفاءة الطاقة ارخص واسرع المصادر المستدامة لتوفير الطاقة، لان تكاليف انتاج ميجاوات ساعة من محطات جديدة تعادل حوالي 5 أضعاف التكاليف اللازمة لتوفير نفس القدرة من خلال الترشيد وتحسين كفاءة الطاقة إضافة الى تكاليف الوقود والصيانة، وبالرغم من ذلك لا يوجد قانون لكفاءة الطاقة حتي الان. والمشكلة الاكبر انه لا يوجد وزارة مصرية واحدة معنية بـالطاقة، بل هناك العديد من الوزارات ما يؤدي الي تشتت الجهود والرؤي.

لذلك اطالب فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية بانشاء منصب قيادي جديد في الحكومة وهو “نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة” لتكامل وتوحيد الجهود في ادارة الطاقة والتي تشمل البترول والغاز والفحم والبتروكيماويات والكهرباء، والطاقة المتجددة.

واطالب مجلس النواب بضرورة اصدار “قانون كفاءة الطاقة” يلزم مستوردي ومنتجي نظم الاضاءة والاجهزة والمعدات الكهربائية والحرارية والسيارات وغيرها بالاستيراد والانتاج طبقا لمعايير الحد الادني لكفاءة الطاقة، ومعاقبة المخالف. ولضمان تفعيل القانون وتحقيق الهدف منه، يتم التسجيل والرصد من خلال برنامج الكتروني لمراقبة التزام كافة الشركات بوضع ملصق كفاءة الطاقة علي جميع الاجهزة والمعدات والسيارات والاطارات وغيرها من المنتجات المعروضة في الاسواق، واكتشاف المزيف منها. وبذلك سوف تختفي الأجهزة المزيفة المهدرة للطاقة من الاسواق وتعظيم  كفاءة الطاقة في مصر، ما يؤدي الي خفض معدلات استيراد واستهلاك الوقود اللازم لمحطات انتاج الكهرباء وفي مختلف وسائل النقل والمواصلات وتوفير مليارات الدولارات وضخها فى مسارات اخرى تدعم الاقتصاد القومى وتخلق فرص عمل جديدة.

س: ما معنى كلمة تحسين كفاءة الطاقة، وما الفرق بينها وبين ترشيد الاستهلاك؟

تحسين الكفاءة تعني استخدام كمية أقل من الطاقة لإنتاج نفس التأثير أو أداء نفس الوظيفة، وهذا يتطلب تغيير الاجهزة والتكنولوجيات المستخدمة، وخير مثال استبدال اللمبات المتوهجة باللمبات الموفرة للحصول علي نفس كمية الضوء مع استهلاك كهرباء اقل من الربع. اما ترشيد الاستهلاك هو عدم الافراط في استخدام الطاقة والاستغناء عن ما هو غير ضروري وهذا يتطلب تغيير ثقافة السلوك البشري، وخير مثال اغلاق نور الغرفة بمجرد تركها او استخدام ضوء الشمس بدلا من اللمبات طوال فترة النهار.

س: كلمنا عن كيفية ترشيد وتحسين كفاءة الاستهلاك في المنازل؟

يعتبر نصف استهلاك الكهرباء موجه إلى المنازل، ولترشيد استهلاك الكهرباء في مصر يجب مراعاة بعض الاحتياطات لتقليل الاستهلاك مثل إستبدال الأجهزة القديمة بأجهزة جديدة يكون استهلاكها أقل، واستخدام اللمبات الموفرة وتوفير استهلاك المياه في الغسيل والمأكولات وفصل الأجهزة من المصدر بعد اغلاقها، وعدم خفض درجة حرارة التكييف أكثر من اللازم للحفاظ علي الصحة والطاقة وخفض فاتورة الكهرباء ايضا.

س: هل تعتبر أسعار الكهرباء في مصر عالية إذا ما قورنت بالأسعار العالمية؟

بالطبع لا يجب مقارنة أسعار الكهرباء فقط لمثيلتها في الدول الأخرى بدون مقارنة الدخول، أما بالنسبة للأسعار المطلقة فسعر الكهرباء في مصر مازال أرخص، لان متوسط الكيلو وات عالميا حوالي 10 سنت أي ما يعادل 2 جنيه أما في مصر متوسط السعر 1 جنية، ولكن عند مقارنة الاسعار بمتوسط الدخول فهي تعتبر عالية في مصر.

س: هل يمكن الترشيد في استهلاك الكهرباء في المؤسسات الحكومية؟

بالفعل وضعت العديد من المؤسسات الحكومية خطط لترشيد الطاقة من حيث التحول الي نظم الاضاءه الموفره وضبط درجة حرارة المكيفات علي 22 درجة، واستخدام نور الشمس في الاضاءة بقدر الامكان، ولكن مازال هناك فرص للمزيد من ترشيد وتحسين كفاءة الطاقة في المؤسسات الحكومية، والاناره العامة حوالي 30%.

س: ممكن توضح لنا بالأرقام إجمالي استهلاك الطاقة في مصر؟

تستهلك مصر سنويا منتجات بترولية حوالي 80 مليون طن وتبلغ قيمته العالمية 40 مليار دولار، وهذا هو حجر الزاوية والخطأ المحوري لتسعير الطاقة في مصر محليا دون النظر للاسعار العالمية وتكلفة الفرصة البديلة. ويستهلك قطاع الكهرباء حوالي 35 مليون طن سنويا، بينما تستهلك الصناعة والزراعة ومختلف وسائل النقل والمواصلات حوالي 45 مليون طن سنويا. وهذا يعني ان التكلفة السنوية لتوليد الكهرباء في مصر تتجاوز 17 مليار دولار بما يعادل 360 مليار جنيه، كما تستورد مصر وقود سنويا بحوالي 14 مليار دولار.

وتستهلك مصر حوالي 150 ألف جيجا وات/ساعة كهرباء سنويا، ويلاحظ أن حوالي نصف استهلاك الكهرباء في المنازل، وحوالي 15% في القطاع التجاري، و25% في الصناعة، و4% في الزراعة مثل الري ومعدات الزراعة والباقي إنارة عامة ومؤسسات حكومية، أي أن الكهرباء تستهلك حوالي 30% فقط في قطاعات منتجة تحقق إيرادات والباقي في قطاعات استهلاكية لا تحقق ايرادات مباشرة. والجدير بالذكر ان تحويل المركبات للعمل بـالكهرباء بدلا من البترول او الغاز يوفر سنويا ما لايقل عن 40% من استهلاك الوقود في مختلف وسائل النقل والمواصلات. لذلك اكرر طلبي الي مجلس النواب بضرورة اصدار “قانون كفاءة الطاقة” من اجل اعادة توظيف الطاقة في مجالات تنموية وصناعية بدلا من استهلاك اكثر من نصفها في قطاعات غير منتجة.

س: ما فرص إنتاج الطاقة المتجددة، وايهما افضل الطاقة الشمسية أم طاقة الرياح في مصر؟

هناك فرص كبيرة في مصر للاعتماد علي المصادر المتجددة من الطاقة بدلا من المصادر التقليدية، لانها تتمتع باعلي سطوع شمسي ومساحات شاسعة من الاراضي الصحراوية التي يمكن الاستفاده منها في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بالاضافة الي اسطح المباني، وكذلك سرعة الرياح المناسبة لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح في منطقة البحر الاحمر وخليج السويس.

والجدير بالذكر ان اجمالي القدره الكهربائية المركبة في الوطن العربي حوالي 900 ألف ميجاوات، واذا استهدفنا انتاج 20% منها فقط بـالطاقة الشمسية خلال 5 سنوات القادمة، فتصبح القدرة الكهربائية المستهدف انتاجها تقدر بحوالي 180 الف ميجاوات. ومن المتعارف علية ان تكلفة استيراد وانشاء محطات الطاقة الشمسية حاليا حوالي 2 مليون دولار لكل ميجاوات، اي ان اجمالي التكاليف اللازمة لانتاج 180 الف ميجاوات حوالي 360 مليار دولار، في حين ان مصنع انتاج الخلايا الشمسية من رمال السيليكون المتوفره بغزارة في مصر يحتاج الي حوالي مليار دولار فقط، ويمكن تحقيق ذلك من خلال مشروع مشترك بين مستثمرين مصريين وعرب والمان وصينين Joint Venture بهدف انتاج خلايا شمسية تحقق احتياجات مصر والشرق الاوسط وافريقيا خلال السنوات القادمة.

اضف الي ذلك انشاء محطات تحويل مياه الصرف الصحي إلى الوقود الحيوي، حيث يمكن انتاج غاز حيوي بمعدل حوالي 30 متر مكعب لكل متر مكعب صرف صحي، كجزء من مشروع الطاقات الخضراء وتقليل الاعتماد على النفط، الاضافة الي الحصول من المحطة علي مياه صالحة للزراعة وسماد عضوي. خاصة انه تبلغ كمية الصرف الصحي في مصر حوالي 10 مليار متر مكعب سنويا، يتم القاء منهم 3 مليار متر مكعب مخلفات صرف صحى سنويا في النيل. واذا تم الاستفادة من تحويل اجمالي كمية الصرف الصحي السنوي في مصر، يمكننا بذلك انتاج 300 مليار متر مكعب وقود حيوي سنويا يستخدم في مختلف الاغراض الحرراية وتوليد الكهرباء ايضا.

كما يمكن ايضا اقامة مشروعات تحويل القمامة الي طاقة، حيث تبلغ المخلفات المنزلية حوالي 70 مليون طن سنوياً و22 مليار طن تراكمات قديمه. ويمكن تحقيق ذلك من خلال دعم المستثمر بتسليمه القمامة مجانا في المحطات مع توفير سيارات تجميع القمامة، حيث ان التجارب السابقة لمشروعات مشابهه فشلت بسبب الصدام مع المحليات في عمليات تجميع القمامة وتسليمها وتكاليف بيعها، ما يوفر من ميزانية الدولة تكاليف رفع القمامة من الشوارع والتي تبلغ 2 مليار جنيه سنويا اضافة الي خفض الخسائر البيئية والصحية التي تسببها تراكمات القمامة، وخلق فرص عمل جديدة، حيث ان بعض الدراسات توضح ان كل طن يعاد تدويره يخلق 8 فرص عمل ويحقق ايرادات حوالي 6000 جنية للطن.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى