تحقيقات

خبراء يُطالبون بوزارة مستقلة لإنقاذ القطن المصري

كتبت: هند محمد لقد بات من المؤكد أن يحقق الذهب الأبيض طفرة فى الاسواق العالمية والمحلية، حيث بدأ يستعيد عافيته بشكل ملحوظ وتعلقت الامال فى عودته بقوة فى أسواق الأقطان طويلة وفائقة التيلة بعد تراجع القطن لسنوات طويلة، وكان لاهتمام الحكومة بمحصول القطن وتحسين أوضاعه دور كبير فى زيادة الانتاج وتحقيق مكاسب سعرية للمزارعين فى العام الماضي، ما جعلهم يقبلون على زراعته ومن المتوقع زيادة الانتاج هذا العام بصورة ملحوظة.

الذهب الأبيض

يعتبر القطن المصرى لا مثيل له فى العالم بمواصفاته القياسية عالميا، لكن هناك حربا خفية ضده فكان يحتل 70% من السوق العالمية بين الأقطان طويلة وفائقة التيلة، وللأسف الثلاثة عقود الأخيرة تسبب بعض المسئولين فى تراجعه وسقوطه ليصل لأقل من 20%، وهذا الوضع المأساوى للقطن المصرى الذى لم يفقد شهرته وسمعته عالميا، فكان هناك دعم وخطة فى العام الماضي، فبدأ القطن المصرى يعود لحركته وصعوده محليا وعالميا.

المطلوب بشكل عاجل الأن دعم سعر القطن بحوالى 300 جنيه للقنطار من الدولة موزعة بين الفلاح والصانع، ما سيكون عائدها مضاعفا فى خزينة الدولة، لأن هذا الدعم سيعمل على زيادة الاقبال على الأقطان المصرية عالميا ومحليا من شركات الغزل، وتحقيق مركز متقدم فى السوق العالمية.

المساحة والإنتاجية

يقول المهندس محمد خضر رئيس الهيئة العامة للتحكيم واختبارات القطن، هناك خطة شاملة للوصول بزراعة القطن لنصف مليون فدان، ورفع الانتاجية والجودة والنهوض بصناعة الحليج والغزل والنسيج والملابس، وتم العام الماضى وضع سعر الضمان من الدولة فزاد الطلب والسعر وتخطى سعر الضمان، لكن المطلوب حاليا تدخل الدولة وبشكل عاجل لا يحتمل التأخير من أجل حل أزمة تسويق القطن.

حرب خفية

لكن هناك حربا خفية لكى يظل القطن المصرى عاجزا أمام الأنواع المماثلة فى السوق العالمية، فكانت بداية هذا الموسم مخيبة للآمال سعريا، حيث تراجع سعر أقطان الصعيد والتى تمثل نحو 10% من الأقطان المصرية بنحو ألف جنيه فى بداية الموسم، لأن أقطان الصعيد يتم جمعها مبكرا فتراجع سعر القنطار ليصل إلى 2500 جنيه فقط، ما سيكون له أثر سلبى على أسعار أقطان الوجه البحري، التى وصلت العام الماضى لنحو 3700، وفى حالة استمرار انخفاض السعر سيمتنع الفلاح عن زراعته العام المقبل، لأن زراعة القطن أصبحت مكلفة نتيجة التكلفة العالية.

التنافس الدولي

يوضح المهندس نبيل السنتريسى، رئيس اتحاد مصدرى القطن، كانت مصر تستحوذ على 70% من التنافس الدولي، لكن للأسف انقلب الموقف خلال ربع القرن الأخير، وتراجعت مصر لتستحوذ على أقل من 20% من التجارة الخارجية لطويل التيلة، أما القطن المصرى طويل التيلة الممتاز والفائق الطول فليس لهما منافس، ونستورد أقطانا متوسطة وقصيرة التيلة، حيث تعمل معظم المغازل المصرية عليها خاصة لتغذية الصناعة المحلية للمنسوجات، كما نستورد غزلا قيمته 200 ألف قنطار، وهناك بعض المغازل فى برج العرب تعمل على القطن المصري.

نقص السيولة

ويؤكد السنتريسى، أن سبب عدم شراء المغازل المصرية للقطن المصرى هو ارتفاع أسعاره، والمصانع لها دعم صادرات لم تحصل عليه منذ سنتين، ولابد من دعم مصانع الغزل بشكل عاجل لشراء القطن المحلى طويل التيلة، لأنه يتم تصدير الغزل بأضعاف تكلفته وبالعملة الصعبة، ويتم تشغيل فنيين وعمالة مصرية ودفع ضرائب وقيمة مضافة، ونقل وغيرها وكل ذلك يدر دخلا وينشط السوق المحلية، ويحذر من توقف السوق الهندية عن استيراد القطن طويل التيلة من مصر، فيتسبب فى انهيار الاسعار، وتتراكم «الفضلة» التى تصل إلى نصف مليون قنطار، ما يخفض الاسعار ويترتب عليه هروب الفلاح من زراعة القطن، ويطالب بضرورة دفع مستحقات المغازل بسرعة لانقاذ الموقف وبالتالى يتم الاقبال المحلى على الأقطان المصرية، فتتنافس السوق العالمية لشراء أقطاننا وبالتالى يحقق ارتفاعا فى الأسعار.

محالج بجوار المزارع

ينادى السنتريسى، بالحل مستقبلا من خلال زراعة القطن وجمعه آليا فى الأراضى الجديدة المستصلحة غرب المنيا وتوشكي، والجنى الآلى يتطلب محالج بجوار المزارع وعرض دراسة جدوى لزراعة 300 ألف فدان، تعطى 3 ملايين قنطار فتنخفض التكلفة مع وجود ادارة تسويق قوية ودعم من الدولة معلن، ما يقوى سوق القطن أمام المنافسة الشرسة والحرب على أقطاننا عالميا، وللعلم القطن المصرى بأنواعه نعمة من الله وغير موجود فى أى من دول العالم، مشيرا إلى إنه يوجد مليون فدان لا نعرف تسويق انتاجها، ولابد أن تقوم الدولة بالشراء بسعر الضمان.

تجارة القطن محلياً

وشدد المهندس وليد السعدنى، رئيس لجنة تنظيم تجارة القطن بالداخل ورئيس الجمعية العامة لمنتجى القطن، على أننا نطالب بتدخل الدولة ويكون معلنا وبقوة وبسرعة للقضاء على الارتباك فى السوق وطمأنة الفلاح والمنتج، ودعم الدولة سيرفع أسعار أقطاننا عالميا والتوسع فى زراعة الأقطان طويلة التيلة وفائقة الطول والممتازة، لكن ما تمت زراعته حتى الآن أقل من 350 ألف فدان، ونقابل حربا شرسة حيث توجد مشكلات فى التسويق وانخفاض السعر حوالى 20% عن العام الماضي، الذى شهد طفرة فى سعر القطن المصرى وكميته، ولابد من الاستمرار، ويتأكد ذلك من خلال الالتزام بسعر الضمان للفلاح ووضع آلية سريعة لإنهاء المشكلة، لما له من أبعاد اقتصادية واجتماعية.

وزارة مستقلة للقطن

ومن جانبه، اقترح الدكتور محمود الباجورى، الخبير فى مجال الأقطان ورئيس احدى الشركات، بإنشاء وزارة مستقلة للقطن ومنتجاته، ابتداء من الحلج والغزل والملابس والبذرة ومستخرجاتها، فهو سلعة استراتيجية ومنتج عالمى مطلوب وللأسف هناك 5 وزارات معنية بزراعة وتجارة القطن، وباكستان تنتج 20 مليون قنطار وتستورد القطن المصرى لأن هناك وزارة قائمة للقطن.

وطالب الباجورى، بوقف المغازل الأهلية وتشديد العقوبات على اصحابها لأنها تؤثر على الانتاج والتسويق محليا وعالميا، ولابد من السيطرة على زراعات القطن ومنع تهريب بذور أجنبية، كما يحدث حاليا والخوف من اختلاط البذور بأصنافنا المتميزة، ولابد أن تتسلم الدولة كامل المحصول وتضع آليات وتدخل جميع الجهات فى عملية الشراء، وهناك منتجات جانبية للقطن لها قيمتها وتضيف دخلا اضافيا منها البذور التى تدخل فى صناعة الزيوت، وصناعة أعلاف الماشية وهذا دعم غير منظور.

إنقاذ القطن المصري

ويحدد المهندس وليد السعدنى، الحلول السريعة لانقاذ القطن فى مصر فى تخفيض الفائدة مقابل عقود لبيع القطن بسرعة لتفادى المزيد، ولابد من توحيد الفائدة لتكون المنافسة شريفة وهذه الاجراءات تضمن التعامل مع العالم بصورة متكافئة، فالفائدة فى الخارج متدنية وأحيانا تصل لصفر، ولابد من ايجاد طلب داخلى على القطن، وضرورة أن تعلن الدولة عن حمايتها للانتاج، وتصرف الدولة مستحقات الغزل من دعم الصادرات، مناشدا رئيس الوزراء اصدار قرارات منظمة ونحن كجمعيات ولجنة القطن على استعداد للتعاون.

أقطان الصعيد المبكرة

ويضيف المهندس محمد خضر، أن الصعيد يمثل 10% من انتاج القطن فى مصر والباقى ينتجه وجه بحري، وقد بدأ شراء أقطان الصعيد المبكرة بأسعار أقل من العام الماضى بألف جنيه، فبلغ 2500 جنيه للقنطار مقابل 3500 العام الماضي، رغم أن معامل القطن المصرى تستخدمه كغزل عال حيث تنخفض العوادم والفواقد، التى تتراوح بين 12% و15%، وجار خفض النسبة والسيطرة عليها بمجموعة من الاجراءات، أما المستورد فتصل نسبة العوادم والفواقد فى القطن لنحو 30%، كما أن استطالة الاصناف المصرية أعلى من مثيلتها عالميا حوالى 4% بالاضافة لسمعته، ولذلك على الدولة وضع سعر ضمان مثل العام الماضى وقدره 2500 جنيه للوجه القبلي، الذى ينتج 200 ألف قنطار، و2700 للوجه البحرى الذى ينتج نحو 2 مليون قنطار، وقد تم تسويق 160 ألف قنطار العام الماضى وتبقى كمية بسيطة، وهو عليه طلب عالمى لنموه السريع بسبب ارتفاع الحرارة.

قروض القطن

وأشار خضر، إلى أنه فى العام الماضى تم البيع للسوق بأعلى من سعر الضمان، وتم بيع القطن بسعر مجز، فلمجرد تدخل الدولة بالدعم واعلان سعر الضمان يرتفع سعر القطن، ويتم تشجيع الفلاح وتصنيع جزء من الحليج فى مصانع الغزل، وتدفع الدولة المبالغ المتأخرة تجاه مصانع الغزل، وهى تقترب من مليار جنيه فتتمكن الشركات من شراء القطن دون قروض، لكن ما حدث هذا العام سيزيد المحصول بنحو 900 ألف قنطار اضافي، ولجأ العملاء الخارجيون بواسطة الوكالات الموجودة فى مصر بضغط على السوق المحلية وخفض الاسعار، بأقل من سعر الضمان 900 جنيه، وهو فرق شاسع مما سيتسبب فى انهيار سوق الأقطان المصرية، بعد أن بدأ العام الماضى التحسن الملحوظ، فالتدخل العاجل لابديل له لأنها حرب.

البنوك ترفض التمويل

وأوضح محمد شاهين، عضو مجلس إدارة النقابة العامة لعمال التجارة ورئيس شعبة القطن، إلى عقبة التمويل، حيث ترفض البنوك تمويل الشركات التى تعانى من خسائر أو مكاسب ضعيفة، وتعانى مديونيات تاريخية معلقة، ومعاناة الشركات المحلية للغزل من توفير السيولة، وتسبب نقل تبعية شركات تصدير الاقطان من وزارة التجارة الخارجية لوزارة قطاع الأعمال، فى أتاحة الفرصة لشركات القطاع الخاص للسيطرة على السوق وعدم الالتزام بالاسعار الاسترشادية بالبيع أقل منها دون رقابة، وتبع نقل ملكية أصول الشركات للشركة القابضة، والتى قامت بنقل ملكية وبيع كثير من أصول الشركات، تدخل الشركة القابضة فى سياسات عمل شركات تصدير الأقطان بطريقة غير مباشرة.

شركات التصدير

ويؤكد محمد شاهين، أن السياسة العامة تجاه محصول القطن، تؤثر على شركات التصدير، ونأمل فى أن محصول القطن يكون تحت يد الدولة، مما يحافظ على الاسعار والاسواق الداخلية والخارجية، وبالتالى سمعة الأقطان المصرية التى توفر العملات الصعبة، وتتم اثارة هذا الوضع فى هذا التوقيت وهو موسم شراء القطن، ونتيجة اهتمام الدولة العام الماضى ارتفعت الاسعار، واتجه الفلاح لزيادة زراعة القطن ونتيجة لعدم تدخل الدولة بقوة، تراجعت أسعار هذا العام، ما يفقد الفلاح الثقة فى المواسم القادمة، وتراجع أسواق الأقطان محليا وعالميا، لذلك نرجو سرعة تدخل الحكومة وتمويل شركات الغزل والتغلب على العقبات، واعلان ذلك ما يعطى القطن المصرى قوة، للوقوف أمام الحرب الشرسة ضده بقوة.

دعم مزارعي القطن

يؤكد الدكتور محمود الباجورى، الخبير فى مجال الأقطان ورئيس احدى الشركات، أن هذه المشكلة حدثت فى عام 2014ـ2015، وتدخلت الدولة بقرارات تنظيمية وتسويقية وقامت بالحصول على فائض الأقطان، وأعطت دعما 300 مليون جنيه فزادت زراعات القطن والاقبال عالميا عليه، مع زيادة الاسعار.

وأوضح الباجورى، أنه يمكن لمصر التى تنتج مليونى قنطار من أجود الأنواع عالميا رفع الانتاجية والمواصفات، ما قد يصل بانتاجية الفدان لعشرة قناطير، فتقلل الأعباء على الفلاح وتشجعه، مشيرا إلى أنه بالفعل توصل معهد بحوث القطن لسلالات جديدة مبشرة.

ويشير المهندس محمد خضر، إلى أن السوق المصرية للأقطان مراقبة، ولمجرد إعلان الدولة حماية سوق الأقطان المصرية سيكون لمصلحة الفلاح والصانع وخزينة الدولة، فكل المنافسين متربصون بـالقطن المصري، فمجرد اعلان الحكومة حماية المنتج ستنقلب السوق لصلحتنا، خاصة أن القطن يمثل ركيزة للفلاح والمصانع والعمال ودعمه دعم للدولة، فهناك سعر معلن للدولة وهو 2500 فلابد من الالتزام به.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى