استقيلوا فوراً بعد فضيحة المنتخب الوطني في قطر

بقلم: د.أسامة بدير
لم تعد كرة القدم المصرية قادرة على احتمال المزيد من السقوط، ولم يعد المشجع المصري قادراً على غض الطرف عن الإهانات المتكررة التي تتعرض لها سمعة مصر الكروية في كل محفل إقليمي أو دولي. ما حدث في بطولة كأس العرب قطر 2025 لم يكن مجرد إخفاق رياضي عادي، بل كان فضيحة مكتملة الأركان، عرّت المنظومة الرياضية بالكامل، وكشفت انهياراً إدارياً وفنياً ومالياً لا يمكن الصمت عليه. الخروج المبكر من الأدوار الأولى بهذه الصورة الباهتة والمخزية كان ضربة قاسية لجماهير اعتادت أن ترى منتخبها في مقدمة الصفوف، فإذا به يتراجع إلى ذيل المنافسات دون هوية أو روح أو تنظيم.
يتحمل وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي القسط الأكبر من هذه الفوضى، فهو المسؤول الأول عن ضبط الإيقاع الرياضي في مصر، لكنه ترك كرة القدم تغرق في التخبط والعشوائية، ووقف عاجزاً أمام الانهيار المتتابع. الوزارة في عهده تحولت إلى ماكينة بيروقراطية بلا رؤية، لا تراقب ولا تصحح ولا تضبط أداء الاتحادات، واكتفت بالظهور الإعلامي وتجميل المشهد رغم أن الواقع كان ينحدر بشكل مخيف. الوزير لم يتدخل في الوقت المناسب، ولم يُحاسب المقصرين، بل تركهم يعبثون بمستقبل اللعبة وبسمعة البلاد.
أما اتحاد كرة القدم فقد أصبح عنواناً للفشل المزمن. اتحاد يعمل بعقلية الصدفة، ويدير كرة القدم في مصر بمنطق المصالح وليس بمنهج التخطيط، ويفتقر إلى الاحترافية والانضباط التي تحظى بها حتى بعض الاتحادات في دول أصغر وأقل إمكانيات. الأخطاء تتكرر، والقرارات المرتجلة لا تنتهي، والنتائج تزداد سوءاً عاماً بعد عام، بينما ملايين الجنيهات تُنفق على معسكرات ومكافآت ورواتب وخطط وهمية لا يراها أحد على أرض الواقع. الاتحاد الذي يُفترض أنه يقود اللعبة أصبح عالة عليها، لا يقدم حلولاً ولا يصنع إنجازاً ولا يحمي تاريخاً.
الخروج المهين من البطولة كشف أن المنظومة كلها قائمة على العبث، وأن الأموال تُهدر بلا حساب بينما الاقتصاد المصري في أمس الحاجة لكل جنيه. فكيف يتم ضخ هذا الكم من الموارد في كرة القدم دون عائد؟ لا عائد معنوي يشعر به الجمهور، ولا عائد مادي يبرر كل هذا الصرف، فقط نتائج هزيلة وظهور باهت وهزائم متتالية تهز صورة مصر التي كانت يوماً ما رائدة القارة بلا منازع. وإذا كان هذا هو مستوى المنتخب في بطولة عربية، فماذا سيفعل في كأس إفريقيا بالمغرب؟ لا شيء يُبشر بانفراجة، بل المتوقع أن يتكرر الفشل وأن تتوالى الصدمات، لأن من تسبب في سقوط قطر هم أنفسهم من سيديرون المرحلة المقبلة.
والأخطر أن هذه المنظومة نفسها ستخوض مشوار كأس العالم، ما يعني أن الخروج سيكون شبه محتوم، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ومن عجز عن المنافسة في بطولة إقليمية لن يقدر على الوقوف أمام كبار القارة والعالم. المشكلة ليست في اللاعبين بقدر ما هي في الإدارة التي فقدت القدرة على القيادة، وفقدت احترام الجمهور، ولم تعد تملك الحد الأدنى من الشفافية أو الكفاءة لتصحيح مسار الكرة المصرية.
وبينما يطالب الجمهور بإصلاح جذري، يتمسك المسؤولون بالكراسي كأنها ملكية خاصة، فلا اعتذار، ولا تحمل للمسؤولية، ولا خطوة واحدة تشير إلى الاستيعاب أو التغيير. نحن أمام منظومة تدير كرة القدم بمنطق المكابرة، وترفض الاعتراف بأن ما يحدث جريمة في حق بلد بتاريخ مصر. جمهور مصر لا يستحق هذا الإهمال، ولا هذه الطريقة المهينة في إدارة لعبته الشعبية الأولى، ولا هذا المستوى الذي يسيء لاسم الدولة كروياً وإعلامياً.
لذلك، فإن ما حدث في قطر يجب ألا يمر مرور الكرام، لأن السكوت عليه يعني قبول انهيار جديد في المغرب، ثم صدمة أكبر في تصفيات كأس العالم. لقد حان الوقت لأن يدرك الجميع أن مصر أكبر من الأشخاص، وأن التاريخ لا يرحم الفاشلين ولا يعطيهم فرصة ثانية إذا أصروا على البقاء رغم الخراب. المطلوب الآن واضح وصريح لا يحتمل التأويل: على وزير الرياضة واتحاد الكرة وكافة مسؤولي اللعبة أن يقدموا استقالتهم فوراً، وأن تتم محاسبتهم على كل جُنيه أُهدر دون عائد، لأن بقاؤهم بعد هذه الفضيحة المدوية في قطر إهانة جديدة لا يمكن أن يقبلها أي مصري يحترم وطنه.
🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.



