دولى

أشجار تحكي التغيرات المناخية والاجتماعية في اليابان

BBC إذا ما زرت الباحث الياباني تاكيسي ناكتسكا في مختبره بمدينة كيوتو شمالي البلاد، ستجد من بين محتويات المختبر، بقايا شجرةٍ عتيقةٍ للغاية تعود إلى ما بين 2800 إلى 3000 عام.

انتشلت هذه البقايا التي تشبه قرصاً لامعاً بحجم صحن تناول العشاء وبلون حساء اللحم الدسم، من أراضٍ رطبةٍ وهو ما يفسر عدم تشوهها. وفي داخل هذا الجذع الموغل في القدم، تقبع أسرارٌ يمكن أن تساعدنا في التحضير للمستقبل.

وقد أمضى ناكتسكا – الخبير في “علم المناخ القديم” بأحد المعاهد اليابانية – العقد الماضي مع فريقٍ يضم نحو 70 باحثاً آخرين، في جهود تطوير وسيلةٍ جديدةٍ وغير مألوفةٍ، للكشف عن أنماط هطول الأمطار في العصور السحيقة، وتفسير تأثيرات ذلك على المجتمع. وقد وفرت نتائج دراساته أفكاراً ورؤى فريدةً من نوعها بشأن هذه الأنماط على مدار 2600 عام من تاريخ اليابان.

ومن خلال كشف النقاب عن المعلومات المختزنة بداخل أخشاب تلك الأشجار التي ظلت مُصانةً في الغابات اليابانية العتيقة، نجح الباحثون في التعرف على كميات الأمطار التي هطلت على مختلف أنحاء هذا البلد الآسيوي على مدى الـ 2500 سنة الماضية، وهو سجلٌ فريدٌ من نوعه.

وكشف الباحثون عن أن مقدار الأمطار التي تهطل على اليابان يتغير فجأةً وبشكلٍ حادٍ كل 400 سنة تقريباً، وهو ما يستمر لفترةٍ من الزمن. وفي تلك الفترات، تتناوب على البلاد عقودٌ تغمرها الفيضانات الناجمة عن الأمطار، وسنواتٌ أكثر دفئاً وجفافاً كذلك؛ كانت ملائمةً لزراعة الأرز. ومع هطول الأمطار أو انقطاعها يزدهر المجتمع الياباني أو يكابد المشقة والمعاناة.

ويشير ناكتسكا، إلى أنه بغض النظر عن طبيعة ما ينجم عن هذه التغيرات، فإنها أحْدَثَت ضغوطاً هائلة على من عايشوها. وتكتسب هذه النافذة التي ننظر من خلالها على التقلبات المناخية التي حدثت في الماضي أهميتها من كونها تمنحنا مؤشراً على ما يمكن أن يكون مُدخراً لنا في طيات الغيب خلال السنوات المقبلة، خاصةً في وقتٍ باتت فيه أنماط الطقس حالياً تتحدى التوقعات الخاصة بها على نحوٍ متزايد، كما صارت الظواهر الجوية المتطرفة والقاسية تحدث بوتيرةٍ أكثر تسارعاً وعلى نحوٍ أشد حدة.

ويقول ناكتسكا، في هذا الصدد إن الحياة الآن لا تختلف عما كانت عليه قبل ألفٍ أو ألفي عام، سواء من حيث كوننا نعيش دورات الحياة نفسها، ولا نزال نواجه التقلبات الكبيرة والضاغطة التي تحدث كل عدة عقود.

ويُكوّن هذا الرجل صورةً لما حدث في الماضي، بالاستعانة بعناصر من قبيل الحلقات التي تظهر على جذوع الأشجار المعروفة باسم “حلقات النمو”، والشعب المرجانية والرواسب وصواعد الكهوف. لكن الاستخلاصات الأخيرة التي يستعد وزملاؤه الباحثون حالياً لنشرها، تعتمد في الأساس على طريقةٍ جديدةٍ تستخدم النظائر الموجودة في الأخشاب لتقدير أنماط هطول الأمطار.

وتشكل منطقة وسط اليابان موقعاً مثالياً لإجراء دراسةٍ مثل هذه، بسبب كثرة أشجار الهينوكي التي تشكل نوعاً من أشجار السرو المُعمرة. وتتضمن الدراسة التي يجريها ناكتسكا بياناتٍ مستقاةً من 68 من هذه الأشجار. وأُخِذَت العينات التي استُمِدَت منها هذه البيانات، من أشجارٍ حيةٍ ومن جذوعٍ مدفونةٍ، ومن معابد مصنوعةٍ من الأخشاب، وألواح التوابيت الخشبية وغيرها. ويتراوح عمر كل هذه الأخشاب ما بين قرن و1000 عام.

وتساعد نسب نظائر الأكسجين الموجودة في “حلقات النمو” الموجودة في ثنايا جذوع الأشجار على ربطها بالظروف البيئية التي نمت في ظلها. ففي الأيام الجافة، تفقد الأوراق كميةً أكبر من المياه، وتزيد لديها نسبة هذه النظائر مُقارنةً بالأيام الأكثر مطراً، وهو ما يساعد على توفير معلوماتٍ عن الرطوبة النسبية في الغلاف الجوي.

وبفضل قواعد البيانات الخاصة بالأرصاد الجوية في العصر الحديث، تأكد الباحثون من أن هذه الطريقة قدمت قراءاتٍ دقيقةً لأنماط هطول الأمطار في فصل الصيف، حينما استُخْدِمَت مع الأشجار التي تناولتها الدراسة، وكانت لا تزال حيةً إلى وقتٍ قريب من أخذ العينة منها، مُقارنةً بسواها.

وتبين أن المؤشرات المرتبطة بتلك النظائر تشكل ما يمكن أن يُسمى “بصمات الزمن”، فكلٍ منها يرتبط بالسنة التي ظهر فيها لا غيرها. وقد استخدم الباحث الياباني القرائن والمؤشرات الأثرية والتاريخية لتحديد عمر هذه النظائر وربطها بأعمار الأشجار والظروف المناخية، ليتسنى له إعداد جدولٍ زمنيٍ متصلٍ ومتماسكٍ امتد من عام 600 قبل الميلاد إلى عام 2000، ما يوفر تسلسلاً زمنياً مُحكماً ودقيقاً.

ويقول ناكتسكا، إنه على الرغم من الدقة البالغة التي تتسم بها التقديرات الناتجة عن اللجوء إلى هذه الطريقة، فإن استخدامها يتطلب كثيراً من الوقت والجهد مُقارنةً بما تستلزمه الدراسات التقليدية، التي تستخدم أسلوب “حلقات النمو”.

وبينما استطاع الباحث الياباني أن يتعرف من خلال جدوله الزمني، على ما حدث كل نحو 400 عامٍ من زيادةٍ أو انخفاضٍ على نحوٍ غير منتظمٍ في معدلات هطول الأمطار؛ لم يكن بمقدوره أن يعلم عبر هذا الجدول أسباب هذه الأنماط المتذبذبة.

وتماشت التغيرات التي رصد ناكتسكا حدوثها كل بضعة عقود بشكلٍ كبيرٍ، مع ما أظهرته بياناتٌ أخرى مستقاةٌ من دراساتٍ تقليديةٍ استخدمت أسلوب دراسة “حلقات النمو”.

وبالتعاون مع علماء الآثار والمؤرخين، تسنى لهذا الرجل كشف النقاب عن التأثيرات التي خلّفتها التغيرات التي حدثت في معدلات هطول الأمطار، في الأشخاص الذين عاشوا في الحقب التي شهدت تلك التقلبات.

وتبين على سبيل المثال أن أنماط سقوط المطر سواء على المدى الزمني القصير أو الطويل، توافقت مع الشعائر التي قادها كهنةٌ مشاهير في العصور الوسطى للابتهال إلى السماء من أجل نزول الغيث.

واتضح أن تطوير نظم ريٍ وأساليب تعاونيةٍ ينتفع من خلالها المزارعون بـالمياه الجوفية بهدف تجنب خطر الجفاف، حدث في أوقاتٍ أظهر فيها السجل الذي أعده ناكتسكا، تدني مستوى هطول الأمطار. الأمر نفسه انطبق على الحقب التي شهدت ظهور سياساتٍ حكوميةٍ استهدفت إنقاذ الرعايا من الموت جوعاً خلال فترات المجاعة.

الأكثر أهمية من كل ذلك، أن التقلبات التي حدثت كل عدة عقود في أنماط هطول المطر، توافقت على نحوٍ منتظمٍ مع حلول الحقب والعصور المهمة في التاريخين الصيني والياباني.

وفي هذا الشأن، يقول كينيشكو باكاباياسي العالم في آثار عصور ما قبل التاريخ في إحدى الجامعات اليابانية إن علماء الآثار كانوا – في الفترة التي سبقت توصل ناكتسكا إلى طريقته التحليلية الجديدة – ينظرون إلى عملية تشكل الدولة في التاريخ الياباني، على أنها مرتبطةٌ في الأساس بمراحل التغير الاجتماعي.

وأضاف باكاباياسي – الذي يدرس توزيع مناطق إقامة الإنسان القديم حول مدينة أوساكا الساحلية – أن الأمر الآن اختلف إذ “صار بوسعنا فهم أن الفيضانات تشكل خلفيةً لمثل هذه التغيرات الاجتماعية“.

فخلال ما يُعرف بفترة حكم “يايوي” التي امتدت بين عامي 1000 قبل الميلاد و350 ميلادية، تركزت غالبية المستوطنات البشرية التي أُقيمت قرب نهر يودو بوسط اليابان، في مناطق الدلتا منخفضة الارتفاع. وبدأت زراعة الأرز في تلك الحقبة وأصبحت ركناً رئيسياً من أركان الحياة.

وشيّد الناس آنذاك منازل صغيرة تُسمى “لبداتٍ” للإقامة فيها بجانب الحقول الصغيرة التي يُزرع فيها الأرز. وكان هؤلاء الأشخاص يعمدون عند تغير مسارات المياه، إلى تغيير أماكن سكنهم ببساطة لتكون بالقرب منها، متجنبين بذلك حدوث أي اضطراباتٍ واسعة النطاق.

لكن الأمور بدأت في التغير في عام 100 قبل الميلاد أو نحو ذلك، إذ انخفضت درجة الحرارة وازدادت معدلات سقوط الأمطار. وحينها بدأ مزيدٌ من الناس في الانتقال لأماكن أبعد وأكثر ارتفاعاً، وهو ما يمثل بحسب باكاباياسي، مؤشراً على الارتباك الاجتماعي الناجم عن تكرار حدوث الفيضانات. وأضاف الرجل أن القرن الخامس اتسم على وجه الخصوص، بتحركاتٍ غير طبيعية وحادة للمستوطنات البشرية صوب أعالي الجبال.

ولذا لم تكن هناك منازل تقريباً مُقامةً في الوادي عند بدء حقبة كوفون، التي امتدت بين القرنين الثالث والسادس الميلادييْن، وكان تغير المناخ بمثابة العامل الحفاز الذي أدى لحدوث هذه العملية، لكن العوامل الاجتماعية سرعان ما ظهرت كنتيجةٍ لذلك، وقادت بدورها إلى تغيراتٍ إضافية.

وبحسب باكاباياسي، استغل الوجهاء والزعماء المحليون الأزمات البيئية لإعادة ترتيب البنى الاجتماعية، إذ بدأوا السيطرة على مسألة إدارة حقول الأرز على سبيل المثال. وظهرت فئةٌ متخصصةٌ من العاملين في مجال الحدادة، وبدأت إقامة مقابر ضخمةٍ يبلغ طولها نحو 200 متر، ما شكّل انحرافاً حاداً عن طبيعة الحياة التي كانت سائدةً من قبل، ومثّل كذلك مؤشراً على شكل التسلسل الاجتماعي الهرمي الآخذ في التبلور في المجتمع الياباني.

ومع هدوء الأمطار وتراجع معدلات هطولها أخيراً في القرن السابع، شرع الناس في العودة إلى المناطق المنخفضة، ودخلت البلاد ما يُعرف بـ “حقبة أسوكا”، التي بدأ فيها انتشار البوذية، وسُنت خلالها القوانين، وتشكلت الدولة في اليابان في مراحلها المبكرة.

لا توجد الكثير من الإشارات المكتوبة في عصور التاريخ القديم لليابان، وهو ما يختلف عن الوضع في السنوات اللاحقة لذلك، التي تميزت بوجود عددٍ متزايدٍ من المراسلات والسجلات، التي يمكن للمؤرخين الانتفاع بها لتتبع التقلبات الاجتماعية التي نجمت عن تغيرات المناخ.

وبالنظر إلى ارتفاع معدلات الأمية في اليابان في الماضي، شكّل وجود وثائق تعود إلى القرن الثامن أمرا بالغ الأهمية. وعلى سبيل المثال، تخبرنا الوثائق التي تعود إلى فترة إيدو (بين عامي 1603 و1867) بأن اليابان اعتمدت على الاقتصاد الزراعي حينذاك.

وتفيد الوثائق بحدوث تراجعٍ مستمرٍ في الأسعار خلال تلك الفترة، وهو ما أدى لظهور أول سوقٍ معروفٍ للعقود الآجلة في العالم.

ويرى غالبية المؤرخين أن انخفاض معدلات النمو السكاني في اليابان خلال الحقبة ذاتها أدى لوجود فائضٍ في المعروض من الأرز، ما أفضى لظهور سوقٍ فريدٍ من نوعه لهذا النوع من الحبوب.

لكن البيانات الخاصة بالمناخ التي جمعها ناكتسكا تشير إلى أن الظروف المناخية التي كانت مواتية لزراعة الأرز أسهمت بالقدر الأكبر في حدوث الفائض، الذي أدى لانخفاض الأسعار.

هنا يمكننا الاستعانة بما يقوله ياسو تاكاتسكي، وهو مؤرخٌ اقتصاديٌ يعمل في جامعة كوبه اليابانية، ويدرس مقاييس المؤشرات الاقتصادية المتعلقة بالمراحل المبكرة للمجتمع الياباني الحديث. ويقول تاكاتسكي في هذا الصدد إن العرض وحده هو ما كان يحدد أسعار الأرز في تلك الفترة، نظراً لأن الطلب اتسم خلالها بالاستقرار، وكان لليابان فيها اقتصادٌ مغلقٌ، مضيفاً: “وما الذي كان يحدد حجم المعروض من الأرز؟ إنه المناخ بكل وضوح”.

وتبين لتاكاتسكي، كذلك أن حدوث كارثةٍ معزولةٍ لمرة واحدة – من قبيل اجتياح فيضانٍ مثلاً لمنطقةٍ واحدةٍ من اليابان – لم يؤثر على أسعار الأرز أو يسبب مجاعة، على عكس ما نجم عن حدوث أنماطٍ غير اعتيادية من الظواهر الجوية وتقلبات المناخ سادت مختلف أنحاء البلاد.

ويقول هذا المؤرخ المتخصص في الجانب الاقتصادي إن بعض التجار والسماسرة والمضاربين أقدموا على إجراء “صفقاتٍ كبرى في المشتقات، في الحالات التي فشلت فيها منظومة اقتصاد السوق في التخفيف من الهزات الناجمة عن التغير المناخي، وهو ما أدى للمبالغة بشدة في سعر الأرز“.

وأدى تلهف هؤلاء على أن يجنوا أرباحاً على حساب السكان، إلى دفع الحكام العسكريين للبلاد في تلك الحقبة، إلى التدخل وكبح جماح تقلبات الأسعار بهدف إنقاذ رعاياهم من الموت جوعاً. وفي بعض الحالات، ذهب هؤلاء الحكام إلى حد إلقاء بعض التجار والمضاربين وراء القضبان.

ويقول تاكاتسكي، إن معرفة الظروف المناخية التي سادت في الماضي، تجعل تصورنا عن التاريخ أكثر ثراءً، بما قد يفيد كذلك في توقع كيف يمكن أن يكون رد فعل الأسواق على أي شحٍ في المواد يحدث في المستقبل جراء التغير المناخي.

ونعود إلى ناكتسكا، الذي يرى أن أحد أبرز الدروس المستفادة من الاستخلاصات التي توصل إليها وفريقه، يتمثل في أن الناس يعتادون سريعاً الظروف المواتية شريطة أن تستمر لفترةٍ كافيةٍ، أي لما هو أكثر من 10 أو 20 عاماً مثلاً، وليس لعامٍ أو عامين.

ففي هذه الحالة “يزيد الناس نسلهم، ويغيرون أنماط حياتهم ومستويات معيشتهم، ويعتادون تناول الأرز يومياً”. وشير إلى أنه عندما تنتهي هذه الأوقات الجيدة فجأة، لا يستطيع المجتمع التكيف على ذلك بسرعةٍ كافية، ويشيع الخراب غالباً في صورة مجاعات.

كما يصبح المجتمع بيئةً خصبةً بشكل أكبر لأن يشهد نشوب نزاعات، خاصة لو لم تكن التأثيرات البيئية موزعةً بشكلٍ متساوٍ على مختلف أنحاء البلاد، ما يمزق السكان بين من يملكون ومن لا يملكون. ومن بين الأمثلة على ذلك، تصاعد معدلات الجريمة والاقتتال الداخلي في بعض الأقاليم جراء حدوث فيضاناتٍ عارمةٍ فيها، أواخر القرن الثالث عشر وخلال القرن التالي لذلك.

ويقر ناكتسكا بأن وضع العالم الآن اختلف، إذ بات منفتحاً على بعضه بعضاً على نحوٍ أكبر، وأصبح كذلك أكثر تطوراً من الوجهة التكنولوجية مما كان عليه قبل قرون. فـ “الآن، يمكننا إذا انخفضت درجة الحرارة، أن نستورد الأرز من دولٍ أجنبية، ما يقينا خطر التضور جوعاً”.

لكن ناكتسكا يقول إننا نبقى في كل الأحوال بشراً تكبلهم حقيقة أن التغيير يُحْدِثُ توتراتٍ وضغوطاً، تقود بدورها إلى اضطراباتٍ اجتماعية. ويمكن القول إنه من المرجح أن تتفاقم خلال السنوات المقبلة مشاعر الاستياء والخوف المتراكمة على خلفية التغيرات الثقافية والمناخية والاقتصادية والديموغرافية، وهو ما يزيد من جاذبية الحكم السلطوي والشعبوي في أعين الناس.

من ناحيةٍ أخرى، هناك أمثلةٌ معروفةٌ بالفعل – على التأثيرات التي تُخلّفها التغيرات المناخية التي تحدث كل بضعة عقود في تاريخ الأمم – تندرج خارج نطاق الدراسة التي أجراها ناكتسكا ورفاقه. من بينها ما كشفه باحثون في الولايات المتحدة ومنغوليا مؤخراً من أن صعود جنكيز خان للسلطة وغزوه للصين تزامنا مع فترةٍ هطلت فيها الأمطار بغزارةٍ استثنائيةٍ لمدة 15 عاماً، وهو ما وفر له فائض الثروة الحيوانية، الذي احتاجه لدعم جيشٍ شكله في تلك الفترة.

ويأمل ناكتسكا وزملاؤه في أن تلهم دراستهم باحثين آخرين في شتى أنحاء العالم، لإجراء دراساتٍ مماثلةٍ لتحديد ما إذا كانت التغيرات المناخية، قد أدت إلى إغراق المجتمعات الغابرة في الاضطرابات، أم أن هذه التجمعات البشرية قد نجحت في مواجهة تلك التقلبات بنجاح.

وفي ظل ما هو متوقعٌ من أن يشهد مناخ الأرض تغيراتٍ على مستوياتٍ غير مسبوقة خلال العقود المقبلة، ربما يحمل لنا الماضي في طياته مفاتيح من شأنها تعريفنا بطبيعة ما ينبغي أن نُعِدَ أنفسنا لمواجهته.

وفي نهاية المطاف، يقول ناكتسكا: “يتضمن التاريخ الإنساني الكثير من الأمثلة، التي يمكن أن نستخلص منها دروساً مشتركةً ذات صلةٍ بالتغير البيئي العالمي المعاصر. والدرس الماثل أمامنا الآن هو أنه يتوجب علينا التحضير لتقليص أي أضرارٍ أو خسائر”.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى