حرارة الربيع تحرق الزرع مبكراً… كيف تنجو المحاصيل من الفوضى المناخية؟
روابط سريعة :-
كتب: د.محمد فهيم مع تسارع التغيرات المناخية التي لم تعد تلتزم بمواقيتها المعتادة، أصبحنا نواجه صيفًا “مناخيًا” مبكرًا، يسبق موعده الفلكي بأكثر من 40 يومًا. وفي ظل هذا الواقع الجديد، تبرز ضرورة فهم تأثير الموجات الحارة المفاجئة على النباتات خلال فصل الربيع، وما تسببه من اضطرابات فسيولوجية خطيرة قد تهدد الإنتاج الزراعي وتضعف مناعة المحاصيل. في هذا التقرير، نستعرض أهم التحديات التي تواجه النباتات في ظل الحرارة الشديدة، وكيفية التعامل معها من خلال تقنيات الري، والمغذيات الورقية، والمركبات المقاومة للإجهادات البيئية.
فوضى فسيولوجية داخل النبات بسبب الحرارة
مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل مفاجئ، تتأثر الوظائف الحيوية للنبات، أبرزها امتصاص العناصر الغذائية والبناء الضوئي. السبب الرئيسي يعود إلى زيادة “البخر-نتح” بشكل حاد، مما يؤدي إلى اضطراب في توازن الشحنات داخل الخلايا النباتية، ويؤثر على إفراز وحركة الهرمونات، خاصة هرمون “الإيثيلين”، الذي يؤدي إلى تساقط غير طبيعي للثمار نتيجة التغيرات الفسيولوجية الحادة في أنسجة النبات.
النبات يعمل باكراً… والزراعة يجب أن تواكب
في فترات التقلبات المناخية، تقوم النباتات بمعظم وظائفها الحيوية في الصباح الباكر، ما يجعل هذا التوقيت الأمثل لإجراء عمليات الري، الرش، والتسميد، تفاديًا لفترات الذروة الحرارية التي قد تُجهد النبات.
وصفات النجاة: الأحماض الأمينية، السيتوكينينات، والسليكات
ري وقائي مدروس
قبل الموجات الحارة، يجب الحفاظ على رطوبة التربة من خلال ريات خفيفة متقاربة (شَفَّات)، يتم تنفيذها صباحًا أو ليلاً فقط، مع الامتناع التام عن الري في منتصف النهار.
رش محفزات النمو
ينصح برش الأحماض الأمينية الحرة، خصوصًا “برولين”، و”هيدروكسي برولين”، بالإضافة إلى العناصر الصغرى مثل الحديد والزنك، ومركبات مثل سليكات البوتاسيوم، فوسفيت الماغنسيوم أو البوتاسيوم، بمعدل 1 لتر للفدان. ويلي ذلك بعد 5 أيام رش الزيوت المعدنية أو الصابون البوتاسي، مع تجنب المبيدات الجهازية خلال هذه الفترة حفاظًا على طاقة النبات.
حماية الثمار من الاحتراق
لثمار الأشجار، خاصة المعرضة للشمس في الاتجاهات الجنوبية والشرقية والغربية، يُفضل رشها بمحلول مخفف من الجير المطفي (20 جم/لتر)، أو كربونات الكالسيوم.
لماذا الأحماض الأمينية؟
تؤدي الأحماض الأمينية دورًا أساسيًا في دعم النبات، حيث تدخل في تركيب الكلوروفيل، وتحسّن من عملية البناء الضوئي. كما تساعد على تنظيم فتح وغلق الثغور، مما يقي النبات من فقد الماء المفرط. وهي أيضًا تعزز مناعة النبات وتقلل من تأثير الإجهادات البيئية، بالإضافة إلى دعم نمو الجذور وتحسين امتصاص العناصر الغذائية.
نصائح مهمة عند استخدام الأحماض الأمينية
1ـ لا تُستخدم في حالة وجود إصابات فطرية أو بكتيرية غير معالجة.
2ـ لا تخلط مع مركبات الكالسيوم أو الكبريت أو الزيوت المعدنية.
3ـ الأفضل استخدامها مع بداية دورات النمو أو بعد الشتل.
4ـ يراعى أن لا يقل تركيزها عن 10–12%.
سليكات البوتاسيوم… درع النباتات ضد الحرارة
هذا المركب الغذائي الوقائي يحتوي على 10% أكسيد بوتاسيوم و25% أكسيد سيليكون، ويُعد من أهم وسائل تدعيم الخلايا النباتية ضد الظروف المناخية القاسية. السيليكون يعزز صلابة الجدر الخلوية ويقلل من فقد الماء، بينما يدعم البوتاسيوم العمليات الحيوية، مما ينعكس على مقاومة الأمراض وتحمل التخزين والتصدير.
معدلات الاستخدام:
رش ورقي:
ـ 6 سم³/لتر لمحاصيل الخضر.
ـ 8 سم³/لتر لأشجار الفاكهة.
ـ 6–8 سم³/لتر للمحاصيل الحقلية.
ـ مع الري: 2–4 لتر للفدان.
الخلاصة: الزراعة الذكية ضرورة لا رفاهية
في ظل المناخ المتغير، لم تعد الزراعة مجرد تقليد موسمي بل أصبحت علمًا يعتمد على الفهم السليم لمتغيرات الطقس، والاستعداد المسبق بمركبات ومغذيات تدعم مقاومة النبات. واعتماد خطط استباقية لمواجهة الموجات الحارة، كفيل بحماية المحاصيل وتحقيق إنتاجية مستقرة.
*المادة العلمية: رئيس مركز معلومات تغير المناخ بمركز البحوث الزراعية.
🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.