رأى

لماذا اللاكتوفيرين ضمن بروتوكول العلاج من فيروس كورونا المستجد Covid-19؟

رشا نور

بقلم: رشا نور

معهد تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية

قال الله تعالى في سورة النحل: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} وقال الله تعالى في سورة محمد {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ}.

أما في الأحاديث النبوية، فعن الرسول صلّ الله عليه وسلم أنه قال: (من أطعمه الله طعاماً فليقل اللهم بارك لنا فيه وارزقنا خير منه ومن سقاه لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه، فإني لا أعلم ما يجزي من الطعام والشراب إلا اللبن).

هذا المكون الغذائي (اللبن) والذي جعله الله سبحانه وتعالى يعتمد عليه الإنسان في بداية حياته بشكل مطلق لا عجباً أن نجد فيه من المكونات التي تُستخدم في علاج بعض الأمراض، والتي تعجز عن علاجها بعض العقاقير الكيميائية المُصنعة.

فقد أوصت منظمة الصحة العالمية أن تستمر الأم فى الرضاعة الطبيعية كمصدر أساسى للطفل، حتى سن الـ 6 شهور، لأن الرضاعة الطبيعية تقلل فرص إصابة الأطفال بالالتهاب الرئوى ونزلات البرد والفيروسات والإلتهابات المعوية مثل الإسهال.

وكذلك حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية فإن الأطفال أقل عرضة للإصابة بـفيروس كورونا المستجد، وهذا لعدة أسباب غير مُحدد مدى دقتها علمياً حتى الأن.

ومن هذه الأسباب هو تناول الأطفال للألبان والمنتجات اللبنية واعتمادهم عليها بصورة مكثفة في وجبتهم الغذائية، وكذلك إعتماد الأطفال الرضع على اللبن وخاصة بالشهور الأولى عقب الولادة بصورة أساسية مطلقة.

فمن مكونات اللبن المناعية الأساسية هو “اللاكتوفيرين” وهو الذي نجده بنسبة كبيرة في لبن السرسوب “لبن الأم عقب الولادة” والمسئول عن المناعة في جسم الرضيع.

اللاكتوفيرين وكورونا Lactoferrin (LF) and Covid-19

Lactoferrin هو بروتين سكري كروي متعدد الوظائف ذو كتلة جزيئية تبلغ حوالي 80 كيلو دالتون ويتميز بقدرته على ربط الحديد، وهو يتواجد على نطاق واسع في العديد من السوائل الإفرازية مثل الحليب واللعاب والدموع وإفرازات الأنف.

يمكن تنقية اللاكتوفيرين من الحليب أو إنتاجه معاد تجميعه من لبن السرسوب (الحليب الأولي) والذي يحتوي على أعلى تركيز يليه لبن الإنسان (لبن الأم) ثم لبن الأبقار بنسبة (150 مجم / لتر).

اللاكتوفيرين هو أحد مكونات المناعة اللازمة للجسم والتي لها نشاط مضاد للميكروبات (الجراثيم والبكتريا والفطريات) وهي جزء من الدفاع الفطري بشكل رئيسي في المخاط، وبشكل خاص يوفر اللاكتوفيرين نشاطًا مضادًا للبكتيريا لدى الأطفال الرضع، حيث يتفاعل اللاكتوفيرين مع DNA، RNA ، polysaccharides والهيبارين، ويظهر بعض وظائفه البيولوجية في مجمعات مع هذه الروابط.

اللاكتوفيرين هو أحد بروتينات the transferrin proteins وهي التي تقوم بنقل الحديد إلى الخلايا وتتحكم في مستوى الحديد الحر في الدم والإفرازات الخارجية، حيث يتواجد في لبن الإنسان (لبن الأم) والثدييات الأخرى وفي بلازما الدم وهو أحد البروتينات الرئيسية لجميع الإفرازات الخارجية للثدييات تقريباً، مثل اللعاب والصفراء والدموع والبنكرياس، يختلف تركيز اللاكتوفيرين في الحليب من 7 جم / لتر في اللبأ (لبن السرسوب) إلى 1 جم / لتر في الحليب الناضج.

ينتمي اللاكتوفيرين إلى جهاز المناعة الفطري، وبصرف النظر عن وظيفته البيولوجية الرئيسية، وهي ربط ونقل أيونات الحديد، فإن اللاكتوفيرين لديه أيضًا وظائف وخصائص مضادة للجراثيم، مضاد للفيروسات، مضاد للطفيليات، مضاد للسرطان، ومضاد للحساسية.

أهمية اللاكتوفيرين بالجسم

1ـ نشاط مضاد للفيروسات

يعمل اللاكتوفيرين بقوة كافية على مجموعة واسعة من فيروسات الإنسان والحيوان من خلال DNA وRNA، بما في ذلك فيروس الهربس البسيط (1 و 2)، الفيروس المضخم للخلايا، فيروس نقص المناعة البشرية، فيروس إلتهاب الكبد الوبائي، فيروسات هانتا، فيروس روتا، فيروس شلل الأطفال من النوع الأول، الفيروس الخلوي التنفسي البشري، فيروسات اللوكيميا للفئران، وفيروس مايارو.

الآلية الأكثر دراسة للنشاط المضاد للفيروسات من اللاكتوفيرين هي تحويله لجزيئات الفيروس من الخلايا المستهدفة، حيث تميل العديد من الفيروسات إلى الارتباط بالبروتينات الدهنية لأغشية الخلية ثم إختراقها للخلية، فيرتبط اللاكتوفيرين بنفس البروتينات الدهنية وبالتالي يصد جزيئات الفيروس، كما أن Apo-lactoFerrin الخالي من الحديد هو أكثر كفاءة في هذه الوظيفة من هولولاكتوفيرين. واللاكتوفيريسين، وهو المسؤول عن الخصائص المضادة للميكروبات للاكتوفيرين.

بجانب التفاعل مع غشاء الخلية، يرتبط اللاكتوفيرين مباشرة بالجسيمات الفيروسية، مثل فيروسات إلتهاب الكبد، وتأكدت هذه الآلية أيضًا من خلال النشاط المضاد للفيروسات للاكتوفيرين ضد الفيروسات الروتينية التي تعمل على أنواع الخلايا المختلفة.

يمنع اللاكتوفيرين أيضًا تكاثر الفيروس بعد إختراق الفيروس للخلية، حيث يتم تحقيق مثل هذا التأثير غير المباشر المضاد للفيروسات من خلال التأثير على الخلايا القاتلة الطبيعية والخلايا المحببة – وهي الخلايا التي تلعب دورا حاسمًا في المراحل المبكرة من العدوى الفيروسية – مثل متلازمة الجهاز التنفسي الحادة (سارز).

2ـ نشاط إيجابي للعظام

أظهر اللاكتوفيرين تأثيرات إيجابية على العظام، حيث يساعد في تقليل إرتشاف العظام وبالتالي زيادة تكوين العظام، وذلك من خلال إنخفاض مستويات إرتشاف العظام، كما يقلل من تكوين الخلايا التي تؤدي لتآكل العظام، مما يدل على إنخفاض في الاستجابات المؤدية للإلتهابات وزيادة في الاستجابات المضادة للإلتهابات مما يشير إلى الانخفاض في إرتشاف العظام أيضًا.

3ـ نشاط مضاد للجراثيم

دور اللاكتوفيرين الأساسي هو عزل الحديد الحر، وبذلك إزالة البنية الأساسية اللازمة لنمو البكتيريا، ويُفسَر العمل المضاد للبكتيريا للاكتوفيرين أيضًا من خلال وجود مستقبلات محددة على سطح الخلية في الكائنات الحية الدقيقة، حيث يرتبط اللاكتوفيرين بـ poly sccharides الدهني للجدران البكتيرية، وجزء الحديد المؤكسد من اللاكتوفيرين يؤكسد البكتيريا عن طريق تكوين البيروكسيدات، فيؤثر هذا على نفاذية الغشاء ويؤدي إلى إنهيار الخلية (التحلل).
يمنع اللاكتوفيرين التعلق بالبكتيريا الحلزونية في المعدة، مما يساعد بدوره في الحد من إضطرابات الجهاز الهضمي، لدى اللاكتوفيرين البقري نشاط ضد البكتيريا أكثر من اللاكتوفيرين البشري.

4ـ نشاط مضاد للفطريات

يثبط اللاكتوفيرين واللاكتوفيريسين نمو الفطريات من نوع Trichophyton mentagrophytes المسؤولة عن العديد من الأمراض الجلدية مثل السعفة، حيث يعمل اللاكتوفيرين أيضًا ضد المبيضات البيضاء – وهي فطريات ثنائية الصبغ (شكل من الخميرة) – والتي تسبب إلتهابات الفم والأعضاء التناسلية لدى البشر.

وهناك دراسة أثبتت إن إعطاء اللاكتوفيرين من خلال مياه الشرب إلى الفئران التي تعاني من ضعف جهاز المناعة وأعراض القرحة القلاعية قلل من عدد سلالات المبيضات البيضاء في الفم وحجّم المناطق المتضررة في اللسان.
وكذلك في المرضى المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية الذين يقاومون (أي لا يستجيبون) للأدوية المضادة للفطريات الأخرى، فمثل هذا الإجراء المضاد للفطريات عندما تعتبر الأدوية الأخرى غير فعالة، فتكون حين ذلك سمة من سمات اللاكتوفيرين حيث أنه ذات قيمة خاصة للمرضى المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية.

5ـ نشاط مضاد للسرطان

تم إثبات النشاط المضاد للسرطان للاكتوفيرين البقري (bLF) في الرئة، والمثانة، واللسان، والقولون، وسرطانات الكبد على الفئران، ربما عن طريق قمع إنزيمات المرحلة الأولى، مثل السيتوكروم (P450 1A2- CYP1A2)، وأيضًا في تجربة أخرى أجريت على فئران الهامستر، قلل اللاكتوفيرين البقري من الإصابة بسرطان الفم بنسبة 50٪.
في الوقت الحالي، يتم استخدام bLF كمكون في الزبادي والعلكة (اللبان).

6ـ علاج التليف الكيسي

تحتوي الرئة البشرية واللعاب على مجموعة واسعة من المركبات المضادة للميكروبات بما في ذلك نظام اللاكتوبروكسيديز، مما ينتج نقص ثيوسيوسيانيتو لاكتوفيرين، مع نقص ثيوسيوسيانيت في مرضى التليف الكيسي، فيأتي دور اللاكتوفيرين وهو أحد مكونات المناعة الفطرية حيث يمنع تطور البكتيريا في الأغشية الحيوية، فلوحظ فقدان نشاط مبيد الجراثيم وزيادة تكوين البيوفيلم (biofilm) بسبب انخفاض نشاط اللاكتوفيرين في المرضى الذين يعانون من التليف الكيسي.
في التليف الكيسي، يمكن تعديل حساسية المضادات الحيوية بواسطة اللاكتوفيرين حيث توضح هذه النتائج الدور المهم لللاكتوفيرين في الدفاع عن العائل للميكروب (المريض) وخاصة في الرئة.

أدرج اللاكتوفيرين ضمن بروتوكول علاج كورونا

مع تزايد أعداد المصابين بـفيروس كورونا في مصر، يبحث الجميع عن سبل للوقاية من خلال تناول الفيتامينات سواء الطبيعية المتواجدة في الخضروات والفاكهة أو من خلال العقاقير الطبية.
وكشف الدكتور حسام حسني رئيس اللجنة العلمية لمواجهة فيروس كورونا بـوزارة الصحة، عن فوائد “اللاكتوفيرين” في مواجهة فيروس كورونا، حيث ذكر أنّ المادة الفعالة في “اللاكتوفيرين” تعمل على منع دخول الفيروس وتكاثره داخل الخلية، مشيرًا إلى أنَّ الخلايا المشبعة بالزنك من الصعب أن يخترقها “كورونا“.
وأضاف أنّه تم إدراج “اللاكتوفيرين” ضمن بروتوكول العلاج الجديد لـوزارةالصحة، إذ يمكن تناوله بجانب فيتامين C وD والزنك.

الأهداف التي بناءاً عليها تم إدراج “اللاكتوفيرين” ضمن الأدوية العلاجية التي يتضمنها بروتوكول علاج “Covid-19”

1- “اللاكتوفيرين“هو عبارة عن أكياس يمكن تناولها بوضعها على كوب من المياه مرتين يوميا صباحا ومساءً.
2- يساعد “اللاكتوفيرين” على الحماية من الإصابة بـفيروس كورونا المستجد” covid-19″، لكنه لا يمنعها.
3- يعمل على منع تكاثر الفيروس داخل الخلية، كما أن الخلايا المشبعة بالزنك من الصعب أن يخترقها الفيروس.
4- هناك دراسة أكدت أن “اللاكتوفيرين” يرتبط إرتباطًا وثيقًا بمجموعة فيروسات “كورونا” المسببة لـ”covid-19″.
5- يتمتع “اللاكتوفيرين“بخصائص مناعية ومضادة للإلتهاب وهو متاح كمكمل غذائي.
6- “اللاكتوفيرين“هو بروتين سكري محفوظ بدرجة عالية، وقد ظهر في تركيزات عالية بشكل خاص في الحليب.
7- تم إثبات نشاطه المضاد للفيروسات لأول مرة في الفئران المصابة في الثمانينيات.
8- تتمثل أهمية “اللاكتوفيرين” في تقليل دخول الفيروس عن طريق الإرتباط بجزيئات سطح الخلية أو الجزيئات الفيروسية أو كليهما.
9- “اللاكتوفيرين“ذو صلة نسبية بإنخفاض معدل الإصابة بـفيروس كورونا المستجد لدى الأطفال.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى