رأى

وزير الزراعة الأسبق يكتب: الموارد البشرية والحضارة الغائبة

د.صلاح يوسف، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى الأسبق

بقلم: د.صلاح يوسف

ربما يرى البعض أن الإنسان عبؤ على البشرية مثلما رأت الملائكة من قبل أنه عبؤ على الأرض ذاتها .. ونبهت فى نفس السياق العالمة راشيل كارسون صاحبة كتاب الربيع الصامت حتى يتم ترشيد سلوك الإنسان فى الطبيعة .. وبالتأكيد الإنسان عبؤ على البيئة والمجتمع والمجتمعات كلها حينما يكون غير مفيد بينما يكون مدمر إذا غلب ضرره نفعه .. وهناك أمثلة فى تاريخنا الحديث من ناس دمروا فى الأرض كل تدمير وهم غالبا صانعوا الحروب وصانعوا أسلحة الدمار الشامل .. واكثرهم تدميرا هم صانعوا الإنسان الضار الشامل .. حيث يعم ضرره كل ما هو حى من إنسان أو طير أو حيوان .. وحينما ظهرت جمعيات الرفق بالحيوان فإنها سخرت كثيرا من الذين يتغابون على الإنسان .. وصناعة الإنسان المدمر تكون بتقديم الإنسان الجاهل للبشرية .. فـالإنسان الجاهل يسهل تسخيره لأى عمل يقوم به .. وكان يستخدم هذا النوع من البشر فى آداء مهام قذرة تحمى أناس أكثر قذارة فى مجتمعات متدنية يصادر فيها العلم والعقل والقيم النبيلة .. ثم ظهر نوع أسوأ من تلك الأنواع التى تتسم بالقذارة وهو الجيل مبرمج الرأس .. وبرمجة الرأس تأتى بعد تمام شموله الجهل حيث تصبح بيئة أو وسط خصب لإعادة غسيل المخ ثم البرمجة للعمل بالطريقة التى يتخيرها هؤلاء درنة القوم .. وظهر هذا النوع فى الحرب العالمية الثانية من غسيل المخ ثم فى خلال عقد إنتقلنا إلى البرمجة .. وبعد عقود ساد المجتمعات عقول تفهم بالمقلوب وقلوب تجهل المعقول .. وأصبح الناس لا يعرفون الثمين من الغث أو الناس لا يعرفون الحق من الباطل والصدق من الكذب .. ومع ترسيخ البرمجيات .. أصبح الناس يميزون الصدق على أنه الكذب وأن الكذب هو أصدق الصدق .. ووصل حجم المخ والقلب إلى حجم النانو .. وأصبح الإنسان عدو نفسه بعد أن قهر كل أعداؤه من اصحاب الفكر والقيم والعلم .. هذا يحدث فى المجتمعات التى يسودها الفقر والعقل الموحد والزى الموحد .. وكان هناك على سطح البسيطة كثير من هذه المجتمعات .. ولكن ظهر فى مجتمعات منها كثيرة حاملوا أمانة البشرية .. فأخذوا بأيدى هذه المجتمعات إلى العلم والنور وبدأت تنتقل هذه المجتمعات من غيابت الجهل إلى درجات عالية من العلم والتكنولوجيا والتطبيق .. وتحول هؤلاء البشر عديموا الأهلية إلى أناس يعلون القيم الإنسانية وأصبح العدد والتعداد هما اداة لنشر الخير بدلا من أن يكونوا عبئا على الأرض ..

بـالعلم يتحول الإنسان الذى هو أهم قيمة ومورد على وجه الأرض كيفما بين ذلك ربنا جل فى علاه .. يتحول هذا الإنسان إلى حضارة تبنى فوق الحضارات السابقة .. وإذا كان الإنسان قد تميز على الملائكة بـالعلم فبـالعلم أيضا يسود الإنسان الأرض وينشر فيها الرقى والرحمة وترتقع القيم الإنسانية من جديد .. بـالعلم تتحسن قيم الموارد البشرية مرة أخرى ..

ويبرز هنا سؤال كيف لتلك الموارد البشرية الضخمة أن تنتهج النهج العلمى إذا كان يسودها من يتعمدون التجهيل والغسيل والبرمجة .. الحقيقة سؤال يصعب الإجابة عليه .. ولكن حينما يلجأ الناس إلى الله يجعل من كل ضيق مخرجا ويبرز نور العلم بصيصا حثيثا من بين كل ظلمات الجهل حتى يعم المكان رغم أنف أى مدمر أو مدمرين .. الإيمان يهدى الناس نهاية إلى البر إلى الإنسانية ..

من يفكرون فى تنظيم الأسرة لم يستطيعوا أن يفهموا أن الموارد البشرية هى التى يجب أن تنظم ويحسن إستغلالها .. لم ترتقى الصين إلا بـالموارد البشرية الضخمة .. ولا تتسع العقول والقلوب الصغيرة النانو لإستيعاب قدرات الإنسان الجبارة التى وضعها الله فيه.

الجهل الذى يعم كثير من الناس يجعلهم يجهلون كيف يحولون تعداد إلى نعمة على المجتمع قبل أن يتحول إلى نقمة عليهم .. إعلموا وتعلموا وعلموا وإعملوا على العلم والتعليم .. وكفاية جهلا وتجهيلا.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى