تقارير

ورد النيل.. ثروة مصر المُهدرة

نباتات ورد النيل

كتب: د.خالد فتحى سالم يعتبر نبات ورد النيل أحد أنواع الحشائش الضارة والمنتشرة علي ضفاف نهر النيل وفي المسطحات المائية والمصارف، وهو من أخطرها ضرراً على الإنسان وبيئته في العالم ومصر.

نبات ورد النيل أحد النباتات المائية تطفوا وتتكاثر بسرعة كبيرة وتستهلك كميات كبيره من الماء, الأكسجين الذائب في الماء مما يغير من الخواص الطبيعية للماء من طعم ورائحتها لتصبح كريهة, ارتفاع تكاليف المكافحة الميكانيكية، مما يؤثر ذلك بالسلب على الموازنة العامة للدولة سنويا وبالتالي يكون ملوث للبيئة أيضا ومشكلا تهديدا حقيقيا في البلدان التي ينتشر فيها ومنها جمهورية مصر العربية.

أ.د/خالد فتحى سالم

لكن يوجد بعض المميزات لهذا النبات منها انة جهاز طبيعى ينقي مياه الأنهار والترع والمصارف, أيضا من فوائده لديه القدرة الكبيرة على امتصاص بعض المعادن الثقيلة والسامة مثل الذهب والفضة والكوبالت والرصاص والزئبق والنيكل والكادميوم ووجد ان 97% من الكادميوم والنيكل يتركز  فى جذوره خلال يوم واحد, أيضا يمتص المركبات العضوية الموجودة فى مياه الشرب الخاصة بالمدن الكبيرة، فهو يحسن خواص مياه النيل ومن هنا تظهر أهمية وجود نبات ورد النيل لفترة قبل ازالته وقبل ان يعيق المجارى المائية, كما ينقى ورد النيل مياه الصرف ويخفض من مستوى الملوثات بنسبة 75 – 80%.

الموطن الأصلي ودخوله مصر

يرجع منشأة إلى المناطق الأستوائية وموطنة الأصلي هو حوض نهر الأمازون في قارة أمريكا الجنوبية، ومنها انتشر إلى العديد من دول العالم وخاصة في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، ومنها مصر وهو أحد الحشائش السائدة في مجري نهر النيل خاصة في مصر وأوغندا وتنزانيا والسودان.

اسمه العلمي Eichhornia carssipes، وأسمه الإنجليزي water hyacinth ودخل ورد النيل مصر في عهد الخديوي توفيق (1879-1892)  كأحد نباتات الزينة لتمتعة بزهرة جميلة بنفسجية اللون ومنذ إطلاقها، انتشر في عدة مناطق في الجزء الشمالي وفي عام 1932 أول تسجيل وجود هذا النبات بمصر علي يد خبير انجليزي في مكافحة الآفات بـوزارة الزراعة المصرية.

الوصف النباتي لورد النيل

يعتبر نبات ورد النيل من النباتات المائية الطافية على سطح الماء ولة شكل مميز وجذاب بسبب أزهاره الأرجوانية الكبيرة، وهو يتكون من مجموع جذري كثيف تحت سطح الماء يستخدمها لامتصاص الماء والمواد الأولية الأخرى ومجموع خضري يطفو علي الماء، وهو يقوم بتصنيع غذائه بنفسة كبقية النباتات الأخرى بعملية البناء الضوئي، وهو نبات عشبي ذو ساق قصيرة طافية وجذور طويلة نسبيا ذات لون أخضر داكن لامع يمتلك أوراقا دائرية أو بيضاوية الشكل بعضها منتفخ تساعد النبات علي الطفو، وأوراقه مجمعة على شكل وردة صغيرة ذات أعناق أسفنجية منتفخة، السنبلة الزهرية يتراوح طولها ما بين 5- 15 سم تتكون من عدة أزهار تصل إلى 10  أزهار ذات ألوان أرجوانية مزرقة، والجزء العلوي فيها ذو بقعة أسفنجية ووسطها اصفر، الثمرة غشائية ذات حجرات منتفخة ومنها تنتشر البذور، يتراوح قطر النبات ما بين 20 – 30 سم أما ارتفاعه فقد يصل إلى 100 سم. يمتلك هذا النبات كتلة كثيفة من الجذور التي يستخدمها لامتصاص الماء والمواد الأولية الأخرى.

تكاثر ونمو ورد النيل

يتكاثر هذا النبات بسرعة فائقة بطريقتي التبرعم أو التقطيع بالإضافة إلى تكاثره بواسطة البذور، يعتبر نبات ورد النيل من أكثر النباتات إنتاجية على الأرض. فترة التكاثر والنمو الرئيسية لهذا النبات هي أشهر الربيع والصيف (أبريل – أغسطس) هى موسم التكاثر له ويقل نهاية الخريف ويجف ويتوقف نشاطه فى فصل الشتاء، وتكون ذروة نموه وتكاثره في الأشهر ذات الحرارة العالية، ويتكاثر بسرعة فائقة فهو من أكثر النباتات إنتاجية على وجه الأرض فهو يضاعف أعداده الموجودة خلال فترة من اسبوع الي اسبوعين، ويكون مسطحات كثيفة على سطح الماء فينافس النباتات الأخرى المغمورة الطافية في الماء، حيث يشغل النبات الواحد مساحة تقدر بـ2500 م2 تقريبا نصف فدان في الموسم الواحد، وهذا يشكل خطورة بالغة على الوضع البيئي في المياه، وينتشر عادة مع اتجاه جريان الماء ويساعد انتشاره عدم انتظام المجرى المائي ويساعد على تكاثره وجود البوص على ضفاف النهر والترع، وجودة يؤدي إلى تبخر كميات هائلة من المياه قدرت بحوالي  ثلاثة مليار متر مكعب من الماء وهو ما يكفي لزراعة مساحة واسعة من الأرض الزراعية.

كيفية الاستفادة من نبات ورد النيل

يمكن الاستفادة من نباتات ورد النيل في عدة استخدامات تعود بالفائدة الاقتصادية ومنها استخدامه في صناعة الأسمدة العضوية وذلك بإضافته إلى مكونات السماد العضوي مع القش والمخلفات الزراعية والمخلفات الحيوانية، حيث يتميز هذا النبات بأنه يحتوى على عناصر غذائية كثيرة تستفيد منها التربة بعد إجراء العديد من الدراسات حول ورد النيل وجد انه يحتوي على نسبة عالية من النيتروجين بنسبة تصل إلى 13.6% والبوتاسيوم 30% والكالسيوم  1.43% والمغنسيوم 1.16% والحديد 0.17% بالإضافة  1.5% دهون، وهي عناصر مفيدة جدا لتغذية الحيوان، في صناعة الورق, في صناعة الخشب الحبيبي, في صناعة الوقود الحيوي لتكاثره السريع والى امكانية الحصول على 374لتر من البيوجاز لكل كيلو جرا من النبات الجاف, التخلص من تركيزات عالية من أملاح الكادميوم والحديد والكوبالت والنحاس التي يمتصها من المجارى المائية الملوثة و الفلزات الثقيلة والسامة المذابة فى الأنهار الملوثة لقدرتة الكبيرة على امتصاصها, بالاضافة الى فائدة استخدامه كعلف للماشية بعمل سيلاج, استخلاص البروتينات من النبات عن طريق عملية العصر؛ وباتباع تلك الضوابط يمكن استخدام ورد النيل كعلف آمن للحيوانات يسد جزءا من الفجوة العلفية، ويوفر على الدول المبالغ الضخمة التي تنفق على المكافحة, الاستفادة منه لتنمية فطر عيش الغراب المشروم باستخدام الأوراق لعمل الكمبوست النباتي مع استبعاد الجذور.

تاريخ ظهور نبات ورد النيل في مصر

عشب الماء ورد النيل كما يسمى في بعض الدول العربية نبات مائى موسمي ينمو ويطفو فوق المياه العذبة، وموطنه الأصلي المناطق الإستوائية بأمريكا الجنوبية. وتم جلبه لرواندا لتجميل بحيرة فيكتوريا 1998، تم تسجيلها Eichhornia crassipes في مصر في العقد الأخير من القرن 19 وقدم Eichhornia crassipes للمرة الأولى إلى مصر في عهد الخديوي توفيق (1879-1892) كاحد نباتات الزينة لأنه يمتلك زهرة رائعة الجمال ذات لون بنفسجي للديكور  منذ إطلاقها، انتشر بعدها في عدة مناطق في الجزء الشمالي (مصر السفلى) وقد كان أول تسجيل لهذا النبات في مصر علي يد خبير انجليزي في مكافحة الآفات كان يعمل بـوزارة الزراعة المصرية عام 1932. فى مصر لا يوجد بها إلا نوع واحد فقط من نبات ورد النيل بعكس الأرجنتين وأمريكا الجنوبية يوجد بها 14 نوعا من نبات ورد النيل.

أسباب انتشار نبات ورد النيل

1ـ ارتفاع نسبة مخلفات الأسمدة الكيماوية فى مياه الصرف الزراعي فى بعض الترع بالإضافة إلى مخلفات المصانع التى ترمى فى مياه النيل تساعد على نمو وانتشار النبات.

2ـ توقف الفيضانات التى تعتبر بمثابة غسيل ويتم سنويا بصورة طبيعية لمجرى النهر ويدفع النباتات إلى البحر المتوسط حيث المياه المالحة ويتم التخلص منها. 

3ـ خلو مياه النيل من الطمى مما ساعد على تخلل الضوء إلى المياه بأعماق كبيرة ساعدت على نمو الحشائش وتكاثرها وخاصة ورد النيل.

4ـ تجميع النباتات على جانبي الترع والمصارف وتركة على الجسور وهذا يساعد انتشار النباتات مره أخرى حيث أنه يتكاثر خضرياً في مصر.

5ـ ضعف تنسيق الجهود على امتداد المجرى المائى مما يهدد المناطق الشمالية بغزو النبات من المناطق الجنوبية.

أهم مخاطر نباتات ورد النيل

يؤثر على نوعية المياه ويقلل محتواها من الأكسجين الذائب فى الماء ورفع درجة قلوية الماء ما يهدد حياة الأحياء المائية كالأسماك ويعمل على إعاقة الصيد وينتج عنها بيئة غير صالحة للأنواع الإحيائية الأخرى النافعة ويشجع نمو أحياء أخرى ضارة, يستهلك هذا النبات كميات كبيرة من المياه لكبر مساحة أوراقة عن طريق عملية النتح ويؤدى إلى بخر كميات كبيرة من المياه حوالى ثلاثة مليارات متر مكعب من المياه وهو ما يكفى لزراعة 100 فدان جديدة, يتسبب في إعاقة الملاحة من خلال تكوين مسطحات كثيفة من النباتات المتشابكة والمتراصة, يحجب وصول ضوء الشمس إلى الأحياء الأخرى التي تعيش في الماء و التي تشكل القاعدة الأساسية للنظام البيئي والغذائي الأساسي للحيوانات والأسماك مما يسبب خللا في التوازن البيئي, يتسبب في سد الترع وإعاقة عمليات الري من خلال غلق ومنع جريان مياه الري في نهايات الترع. إزاحة النباتات المائية المستوطنة الأصلية عن طريق التنافس معها والتغلب عليه, إحداث زيادة كبيرة في كميات المواد المتحللة الناتجة عن موت أجزاء من النبات وسقوطه إلى قعر الماء لينتج عنه بعد ذلك تغير وإخلال في النظام البيئي, أصبح ملاذا آمنا ومأوى لتكاثر أنواع من الذباب والبعوض والقواقع التي تعتبر العائل الناقل لمرض البلهارسيا حيث تلتصق بالجذور, فضلا عن انه يشكل بيئة مناسبة لإيواء التماسيح والثعابين, ارتفاع تكاليف المكافحة الميكانيكية مما يؤثر ذلك بالسلب على الموازنة العامة للدولة.

طرق مكافحة نبات ورد النيل

أولاً: طرق ميكانيكية: يتم ذلك عن طريق الكراكات والحفارات الهيدروليكية المزودة بمقصات لإزالة الحشائش بأنواعها وهذة الطريقة تساعد على انتشار النباتات حيث أن التكاثر خضرياً في الظروف المصرية وتلك المهمة من إختصاص وزارة الري والموارد المائية.

 ثانياً: الطرق الكيماوية: كانت تتم عن طريق استخدام المبيدات الكيماوية شديدة السمية وتوقف استخدامها الآن بعد أن ثبت أنه لها تأثير كبير على الحيوان والإنسان والثروة السمكية والنباتات والبيئة ككل وقد صدر قانون بمنع استخدام المبيدات وأي مواد كيماوية في جميع المسطحات المائية في مصر.

ثالثاً: المكافحة البيولوجية: بدأت المكافحة البيولوجية بإستخدام نوع من السمك المعروف بإسم المبروك الصيني وهذا لم يحقق النجاح المطلوب ولكن الذي أثبت نجاح مذهل هما العدو الحيوي نوعين من السوس هي سوسة زهرة النيل وتحمل اسما علميا هو حشرتي نيوكتينا ايكورني Neochetina eichhornia وونيوكتينا بروكي N.bruchi من عائلة Curculionidae وهاتين الحشرتين وحيدة العائل لا تتغذى ولا تضع بيض إلا في نباتات ورد النيل تم إطلاق الحشرات في البحيرات الشمالية (مريوط – إدكو – المنزلة – البرلس) وأصبحت البحيرات خالية من نباتات ورد النيل إلا من جزء بسيط على الحواف وتعتبر هذة النباتات مأوى لهذه الحشرات حين يتكاثر النبات، ويزيد تبدأ هى الأخرى في التزايد ووضع البيض والتغذية وهذا ما يسمى التوازن الطبيعي، حيث تأكل ورق النبات وبالتالي تقلل كمية بخر الماء وبالتالي تقل كمية المياه المفقودة، كما تقوم الحشرة باختراق الأوراق متجهة إلى أسفل النبات لتدمر أنسجته حتى تصل إلى منطقة التكاثر فتدمرها، وبالتالي توقف دورة حياة النبات والمكافحة البيولوجية لا تصلح في المساحة الصغيرة, لعب الجاموس في العالم دور كبيرا في القضاء على النباتات المائية في الأنهار والمستنقعات وذلك لميل الجاموس للنزول إلى داخل المستنقعات والأنهار بسبب سماكة جلده فهو ميال للعوم والغطس في الماء تحت الظروف الجوية الحارة في حالة تعرضه لأشعة الشمس الحارقة.

*معد التقرير: أستاذ بيوتكنولوجيا النبات، دكتوراه فى الوراثة وتربية النبات، جمهورية المانيا الاتحادية، معهد الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية، مدينة السادات – جامعة مدينة السادات، مصر.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى