رئيس التحرير

هل يوافق وزير الزراعة على “حب مصر”؟

بقلم: د.أسامة بدير

أعلم بعظم المسؤولية الملقاة على الدكتور عز الدين أبوستيت، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، بل وخطورتها على اعتبار أن وزارة الزراعة المصدر الرئيسى لتحقيق الأمن الغذائى بعناصره الأربعة فى المجتمع، ولذا ينبغى التعامل معها كوزارة سيادية لا تقل أهميتها عن وزارتى الدفاع أو الشرطة.

ومن منطلق الوظيفة الرئيسية لـوزارة الزراعة فى الدولة المصرية ينبغى التعامل بحرص شديد مع القرارات التى تصدر لتسير دولاب العمل بقطاعاتها ومراكزها البحثية وتداعيات تلك القرارات على القطاع الزراعى، بل ويجب دراسة هذه القرارات من جانب الاستشاريين أهل الكفاءة، لا الثقة، بشكل مستفيض فى إطار الحوكمة الرشيدة لضمان تحقيق أهدافها، بما يعود على القطاع الزراعى عامة بالإيجاب والمزارعين بتحسن أحوالهم المعيشية خاصة.

وبنظرة عامة إلى تجارب المجتمعات المتقدمة اقتصاديا نجد أن نظمها تعتمد أساسا على المراكز الاستشارية ومراكز استطلاع الرأى قبل وبعد اتخاذ القرارات ذات التأثير الجمعى، فضلا عن منظمات المجتمع المدنى ودورها فى رقابة ورصد تداعيات تلك القرارات على أصحاب المصلحة.

الشاهد أن جميع تلك المراكز لديها كوادر بشرية تملك خبرات تستطيع رصد وتحليل نتائج القرارات قيد الإصدار وتوصى باتخاذها أو تعديلها أو رفضها دعما وتحقيقا للمصلحة العامة.

وحرصا منى على كيان وزارة الزراعة الهام للدولة المصرية ولملايين المصريين، كان لزاما أن أفكر خارج الصندوق بشكل يتسم بالواقعية، فى ظل ضعف إمكانات وموارد الدولة المتاحة، وثقافة القيادة السلبية التى تسود المجتمع المصرى، ظلت ولا زالت تحكم مؤسساته الرسمية بشكل فيه الكثير من المغالطات والتجاوزات الفادحة، التى أدت إلى خسارة العقول والأموال والجهود والأوقات من غير تحقيق أى مردود، بل وأفسدت جميع برامج ومشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.

ودعما لوزير الزراعة، وضمان نجاحه فى تأدية دوره بالكفاءة المطلوبة أقترح تشكيل لجنة “استشاريون فى حب مصر“، تكون مهمتها الوحيدة وبالمجان، تقديم النصح والإرشاد لوزير الزراعة وجميع رؤساء القطاعات والمراكز البحثية فى القضايا الهامة بعد مناقشات ومراجعات وتحليل قائم على بيانات ومعلومات موثقة.

ويتم تشكيل هذه اللجنة من باحثين مشهود لهم بالتميز والإبداع البحثى التطبيقى، ويسمح رصيدهم العلمى وخبراتهم التراكمية بنيل شرف الانضمام لها، فضلا عن شباب الباحثين الواعى بقضايا وهموم القطاع الريفى الذين يملكون مقومات الطموح المشروع، ولديهم حماسة العمل ودافع الاجتهاد لصناعة مستقبل أفضل للزراعة المصرية.

وحيث أن وزارة الزراعة لديها مركز البحوث الزراعية الذى يضم 16 معهدا و6 معامل مركزية، وكذا مركز بحوث الصحراء ويضم 6 شعب بحثية، فيمكن تشكيل لجنة “استشاريون فى حب مصر“، من تلك العقول العلمية ويكون عددها 28 استشارى.

أؤكد على حسن اختيار أعضاء لجنة “استشاريون فى حب مصر“، ممن يملكون مهارات وقدرات خاصة تميزهم عن غيرهم، وبعيدا عن العلاقات الشخصية والأهواء والمصالح الخاصة والنظرة الضيقة للأمور، التى أوصلت الزراعة المصرية إلى حالتها المرضية المزمنة، وفشلت معها المسكنات والأدوية.

وقد يقول قائل أن وزارة الزراعة لديها ما يسمى بلجنة شباب البرنامج الرئاسى، التى يتم التشاور معها فى بعض قضايا العمل الزراعى، والاستعانة بأعضائها لاختيار بعض القيادات الشابة من بين أعضائها والدفع بهم فى تولى المناصب القيادية بالوزارة وقطاعاتها ومراكزها البحثية.

أقول لمن يتحدث عن لجنة شباب البرنامج الرئاسى، أننى على المستوى الشخصى لا أعرف أعضائها، وبالتالى لا يمكننى تقييم قدراتهم وخبراتهم المهنية والعلمية، كما أننى أجهل آلية اختيار أعضائها من بين آلاف شباب الباحثين الواعدين بمركزى البحوث الزراعية والصحراء.

وأنا لا أشكك فى القدرة المهنية لأعضاء شباب البرنامج الرئاسى أو العكس، مجرد فقط أشير إلى أن هذه اللجنة ربما يكون تشكيلها جاء وفق معايير سياسية مجردة بعيدة عن احترافية البحث العلمى وملكاته والتعامل مع مشاكل الزراعة من منظور بحثى وليس سياسى.

وأخيرا، أقول لوزير الزراعة، بعين الناصح الأمين، المجرد من كل هوى، وبنظرة متأنية لعمق كواليس ما يدور فى أروقة الوزارة خلال هذه الأيام، إذا وافقت على مقترح تأسيس لجنة “استشاريون فى حب مصر“، لتكون بمثابة العقل الجمعى المفكر المعاون لكم فى إدارة ملفات الوزارة الساخنة، حتما ستصل إلى أقصى درجات الحكم الرشيد الذى يمنحك الفرصة لعلاج الأمراض المزمنة التى تعانى منها الزراعة المصرية منذ عقود، وسيكتب التاريخ لشخصكم الكريم سجل إنجازاتكم بأحرف من نور نتيجة التعامل بحزم وحسم وفق قرارات مدروسة بشكل علمى لجميع مشاكل الزراعة، وإحداث نقلة نوعية فى مستوى معيشة المزارع المصرى الذى طالما عان من التهميش والإفقار لفترات طويلة.

للتواصل مع الكاتب

[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. نعم فانا أوافق حضرتك فى هذا المقترح على ان يتم تقسيم الجمهورية الى قطاعات ويتم اختيار المستشارين من المحطات البحثية المنتشرة على مستوى الجمهوريه ويتم الأختيار من قبل المعاهد ويتم عمل برنامج يتم تنفيذه مع تقارير شهريه ووجود لجان متابعه بحثيه لحل المشاكل والأزمات وتكون هذه اللجان لديها مساحه من المسئوليه حتى يمكنها اتخاذ القرار المناسب دون الرجوع للادارة الا فى الامور الاخري وبذلك يمكن حل مشاكل عديده يعانى منها القطاع الزراعى وفق الله الجميع لصالح العباد والبلاد
    مع خالص تحياتى لكم بدوام الصحه والعافيه ودمتم سالمين يارب العالمين وحفظكم الله من كل سوء ومكروه وتحيا تحيا تحيا مصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى