رئيس التحرير

هل باتت وزارة الزراعة مرتعاً للضغوط؟!

بقلم: د.أسامة بدير

مسكينة وزارة الزراعة سنة بعد اخرى تتحمل ما لا تستطيع أى وزارة فى مصر المحروسة تحمله.. مهام وتطلعات مستقبل أفضل للقطاع الزراعى فى ظل متغيرات محلية وإقليمية ودولية باتت أقرب إلى تحديات، من المستحيل إغفالها دون التعامل معها بالكيفية التى تضمن وتحقق آمال وطموحات المصريين.

بالأمس القريب، كانت مصر سلة غلال العالم، واليوم أصبحنا نستورد أكثر من نصف احتياجاتنا الغذائية تقريبا فى ظل منظومة اتسمت منذ 6 عقود بالقصور تارة والتخبط والإهمال تارة اخرى.

كلاكيت للمرة الثانية، أحذر من سياسة تحتاج إلى مراجعة وضبط الأداء بالوزارة المسئولة عن توفير وتأمين غذاء الوطن كله، فالأمر أضحى بالغ الخطورة وربما ينذر بعواقب وخيمة خاصة فى تلك المرحلة الحرجة التى يمر بها المجتمع فى ظل أوضاع اقتصادية صعبة وحالة احتقان متصاعدة لدى المصريين بسبب الغلاء الذى يضرب السلع والخدمات.

ورغم تحذير رئاسى من خطورة الشائعات على المجتمع والمطالبة بضرورة بث الأمل فى نفوس المواطنين والتطلع لغدا أفضل، وجدنا الدكتورة منى محرز نائب وزير الزراعة للثروة الحيوانية والداجنة والسمكية، تخرج علينا بتصريحات نارية مفاداها، قررها بحظر بيع وتداول الطيور الحية بجميع أنواعها فى المحافظات، والبدء فى تفعيل القانون رقم 70 لسنة 2009 بشأن تنظيم تداول وبيع الطيور الحية، والذى تم تطبيقه عامي 2009 و2010؛ بهدف الارتقاء بمنظومة صناعة الدواجن، والحد من التلوث وانتشار الأمراض لاسيما أنفلونزا الطيور.

ورغم أن “محرز” تعد المسئولة الثانية فى وزارة الزراعة وينبغى عليها قبل اتخاذ مثل هذا القرار الهام والخطير أن يكون وزير الزراعة على علم به، وتناقشا سويا قبل اصداره لبحث تداعياته الاجتماعية الاقتصادية على العاملين فى صناعة الدواجن.

الشاهد، كانت المفاجأة من العيار الثقيل حين أكد المتحدث الإعلامى الرسمى لـوزارة الزراعة، عبر تصريحات إعلامية لبرنامج “آخر النهار”، المذاع عبر فضائية “النهار” أنه لم ولن يتم تفعيل قانون تنظيم بيع وتداول الطيور الحية الآن، ولكن ستكون هناك فترة بينية لا تقل عن شهرين لمناقشة القانون إعلاميا ومجتمعيا.

يقينى أن هذا التصريح يكشف وبما لا يدع مجال لأى شك أن وزير الزراعة لم يكن على علم بمثل هذا القرار، وربما يكون الأمر كله عبارة عن ضغوط تمارس على الوزارة من أجل تحقيق مصالح شخصية.

ولم يتأخر الأمر كثيرا لتفسير هذا التضارب فيما يصدر من تصريحات لقيادات الزراعة ثم يعدلها أو ينفيها المتحدث الإعلامى للوزارة بعد ذلك.

فقد كشفت تصريحات إيهاب غطاطي، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب وعضو مجلس إدارة الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، عن المستور حين قال «في العديد من الاجتماعات مع الدكتورة منى محرز، نائبة وزير الزراعة، كان هناك ضغط كبير من داخل شركات الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، لتطبيق القرار، وهناك شركة كبرى كانت تشتكي من عدم تشغيل أحد مجازرها، وشركة أخرى كانت تتحدث عن مجازرها التي لا تعمل بسبب الدواجن الحية».

لقد بات من المؤكد أن القرار الذى أصدرته نائب وزير الزراعة هو نتاج ضغط لتحقيق مصالح الشركات الكبرى العاملة في صناعة الدواجن، على حساب آلاف البسطاء العاملين فى محلات بيع الطيور الحية.

وهكذا اكتملت الصورة وتبين أن القرار يمثل مصالح فئة كل ما يشغلها تحقيق مكاسب مالية ضخمة وليس كما روج للقرار أنه يصب فى مصلحة المجتمع.

يبدو لى أن سلوك غالبية رجال أعمال مصر أصبح يتسم بممارسة الضغط المستمر على وزارة الزراعة بشكل مستفز من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية، التى بالتأكيد تتعارض تماما مع مصلحة الوطن، مستغلين بعض قيادات الوزارة فى تحقيق مأربهم التى حتما تضر بالمجتمع وتضرب استقرار بنيته الاجتماعية بأشد الأسلحة فتكا.

وأخيرا، أدعو الدكتور عز الدين أبوستيت، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، إلى استثمار ذكائه الاجتماعى، وسعة صدره، ورجاحة فكره وعقله، لاحتواء كثير من الملفات الساخنة بالوزارة قبل انفجارها، وأن يعيد ترتيب أوراق قياداته التى تعمل بجواره والمحسوبة على الوزارة، حتى يجنب وزارة الزراعة كل أشكال الضغط كونها أصبحت مرتعا لكل فاسد أو متسول أو كاره أو حاقد يريد تحقيق مصالح زائلة على حساب الوطن ومواطنيه.

للتواصل مع الكاتب

[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى