رأى

نوبتنا السمراء ليس وقت الإعتصام

د/صلاح يوسف، وزير الزراعة الأسبق
د/صلاح يوسف، وزير الزراعة الأسبق

بقلم: د. صلاح يوسف
بلاد من قديم الزمان .. نشأت تحت ضياء شمس الكون .. فإسمرت بشرة أبنائها لتشرق ضياء في حضارتنا القديمة .. مثلها مثل بقاع أرض مصر الشاهدة على التاريخ حتى لو مر مرا .. أو كان مرا ..
كالعادة لا أشاهد برامج التليفزيون إلا عابر سبيل .. ولفت نظرى حلقة من برنامج للسيدة لميس الحديدى .. والحقيقة أنا لا أتابعها هي أو غيرها لأسباب تتعلق براحة البال والخاطر والعين والعقل والنفس .. ولكن كانت مستضيفة أحد أبناء النوبة متحدثى الفصحى أسقط بين يديه ونائب برلماني الوظيفة حكومي الهوى طويل القامة سلوكى الهامة .. وعرفت من خلال الحديث أن هناك أحداثا بالنوبة منذ ثلاثة أيام .. ولم أتعجب أننى لم أسمع عنها .. فالصحفيين يطلعوننى بإستفساراتهم أخبار الزراعة .. ولاحظت أن كثيرا من النواب ذهبوا ليطمئنوا أهالى النوبة بعد أن حضر بعضهم إجتماعا أو آخر مع معالى رئيس الوزراء وبعض أهالى النوبة وإتفقوا على حل المشاكل المتعلقة بالأرض والتنمية .. وهذا حسن بالتأكيد .. وتذكرت إجتماعا دار في 2011 حضرته وكذلك بعض السادة الوزراء وعدد من أهالى النوبة .. وكان حاضرا بعض الشخصيات العامة وقتذاك منهم الأستاذ حمدين صباحى والمهندس ممدوح حمزة والسيد فليفل الذين كانوا متبنين موقف الإخوة النوبيين .. وتناول الحديث إقتراحات بالعودة والتنمية في منطقة النوبة وإنشاء جهازا لتنمية النوبة .. وتحدثنا وقتها عن سيناء أيضا .. ولاحظنا أن من قاموا بزيارة معالى الدكتور عصام شرف ثلاثة فرق ممثلين للنوبة كما زعموا .. وزعم البعض أن الآخر لا يمثل النوبة حقيقة .. وناقش البعض أن بعض أهالى النوبة كانوا قد أخذوا تعويضا عن التهجير بينما البعض لم يأخذ وغير ذلك .. وبالتأكيد أي حكومة لن تقبل تخصيص أرض عامة لأحد خاص ولكن الأرض التي نزحوا عنها مرغمين ومضطرين أو متطوعين أمر آخر .. وحتى حينما طلب منى أهالى سيناء أن يكون توزيع الأراضى بسيناء مخصصة للسيناويين فقط .. لم أوافق .. وحينما طلب أهالى أسوان أن المصنع الذى نقيمه هناك للتنمية يعمل به أهالى أسوان فقط لم أوافق .. حيث مصر لكل المصريين .. بالتأكيد هناك أولوية لأهالى أي منطقة فهذا يوفر فرص عمالة لهم دون الحاجة إلى مغتربين يحتاجون إسكان أو مواصلات أو نفقات زائدة وحياة أكثر تكلفة .. ولكن في نفس الوقت نحن لا نقوم ببرامج تنمية على مستوى كل المواقع في مصر في وقت واحد أو حتى فترة زمنية قصيرة .. ولو كان هذا متاحا لما كان هناك مانع من تخصيص كل أرض لفئة من المصريين .. ومن جانب آخر فأن إنصهار الشعب المصرى معا في كل مكان هو فرصة لتنوع الثقافات وزيادة الأواصر وتنمية القدرات .. وهذا لا يتعارض أبدا مع فكرة إنشاء مجتمعات موازية لكل محافظة كمشروع قومى كبير أتمنى أن يرعاه اى رئيس وأى حكومة .. عامة هناك فرق بين العودة إلى الديار وإيثار أو قصر منطقة على فئة من المصريين .. فهذا مناف للعرف والقواعد المصرية وأمن الوطن القومى الذى حقيقة فوق أي حكومة أو أي نظام حكم أو أي رئيس .. أمن مصر هو أمن الحاضر والمستقبل .. والحاضرون ليسوا هم المستقبل .. لذلك مشاكل النوبة وأهل النوبة لابد أن تناقش بالحكمة ورعاية مصالح أهالى النوبة خاصة والمصريين عامة واجب .. وفى هذا المضمار .. لو قارنت بين مصلحة أهالى النوبة وبين أي مستثمر مهما كان شأنه أو إقتصاد في فترة محدودة .. بالتأكيد ترجح كفة أهالى النوبة .. فالإستثمار دوره هو لتنمية أهل مصر .. وبالتالي أهل مصر هم المعنيون بكل الأنشطة .. وإذا كانت الأنشطة في غير صالحهم ديموجرافيا فالله الغنى .. وفى مناقشة مع معالى وزير العدل الأسبق المستشار عبد العزيز الجندى بمجلس الوزراء وقتذاك عرض أن تهجير أهالى النوبة كان أمرا عسيرا للغاية على البشر فنقل أناس يعيشون على ضفاف النيل بين الخضرة والماء والهواء والهدوء إلى مناطق جبلية أو صحراوية يسمعون فيها ضجيج قطار ما فكان بمثابة تلوث بيئى غير عادى بالنسبة لهم وظلم يجب معاجلته ..
وعلى كل .. حق أهالى النوبة كفله دستور 2014 بشكل مباشر .. ومن الممكن لهم أن يخاطبوا الحكومة بشكل مباشر أو رئاسة الجمهورية بشكل مباشر ويعرضوا الأمر .. فإذا كان هناك حل فخير وإن لم يكن فليس الإعتصام هو الحل بل هو تعقيد للمشكلة أكبر.. وربما رفع قضية مبنية على الموقف التاريخى ومواد الدستور ضد أي قرار صدر منافى لحقهم ومنافى للدستور كان أقوى وأفضل لهم ولحال الدولة في الوقت الراهن .. والدستور فوق أي قانون أو قرار أيا كان مصدره .. وهذا في دولة القانون .. هذا أفضل وأكرم وأأمن للجميع.
قبل اجتماع 2011 نقل البعض لأهالى النوبة عنى تصريحا لم أقله لإحداث الوقيعة .. وعرضوا على هذا في ذاك الاجتماع وبينت لهم رأيى فيم يخص النوبة وأننى أقدر كل أهالى مصر ولا أنتقص من أي أحد حقا بل كنت راغبا في تنميتهم .. وأرجو ألا يفهم أحد منهم كلامى الآن خطأ أيضا .. إجلسوا إلى طاولة المفاوضات وأظهروا ما أتفق عليه سابقا في العصور المختلفة وتأكدوا أن المسئولين الحقيقيين يعلمون تفاصيل الأمور وقادرين على الحل لو أرادوا.. وفى نفس الوقت على المسئولين ان يحلوا الأمور حلا نهائيا فالأمور المعلقة قنابل موقوته .. حفظ الله مصر وكل المصريين على كل ربوع مصر وكل بقاع الأرض.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى