رئيس التحرير

من أين يأتى الانتماء الحقيقي للوطن؟

د/أسامة بدير
د/أسامة بدير

بقلم: د. أسامة بدير

لا شك أن الشباب هو الأداة الفعلية لكل تقدم حضارى للأمة، وهو القوة الضاربة التى تعمل على النهوض بكل وسائل الإنتاج، ومن هنا كان لابد من الاهتمام بالشباب في جميع مراحل نموه منذ الصغر، وغرس وتعميق روح الانتماء والحب الحقيقى للوطن، وبالتالى ينشأ الشباب وهو يملك أغلى وأجمل الصفات التى تميزه عن غيره من شباب الأمم الأخرى.

إن الواقع الحالى للشباب فى وطننا المصرى إنما يمثل مأساة حقيقية بكل ما تحمله الكلمة من معان كثيرة ارتبطت بجوانب عدة منها الاقتصادى والاجتماعى والسياسيى وحتى الثقافى، وإنعكس ذلك كله على حبه وإنتمائه لوطنه.

ترتكز أسباب المأساة التى يعيشها شباب مصر الآن فى ثلاثة أسباب رئيسية أولها: الوضع الاقتصادى المتردى الذى يشهده المجتمع المصرى، خاصة منذ أن اتخذت الحكومة سياسات اقتصادية ضد الحماية الاجتماعية لشريحة كبيرة فى المجتمع، إضافة إلى خضوعها لأجندة صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، متبنية برنامج سمى بالإصلاح الاقتصادى وما هو بالإصلاح الاقتصادى لكنه الإفشال الاقتصادى، حصد منه شباب مصر آثاره السلبية، وطفحت مرارته على كل مناحى الحياه.

يتمثل السبب الثانى فى غياب القدوة الحسنة للشباب عن مجتمعنا لدرجة بالغة الخطورة، كون المجتمع أصبح ملئ بالكثير من المنتجات الاجتماعية الدخيلة علينا، والغريبة كل الغرابة عن تراثنا الإنسانى والإخلاقى، وعليه نجد الشباب يتخبط فيها تارة ويلهث وراءها رغبة فى الحصول عليها تارة أخرى فى ظل سطحيتها وتفاهتها.

الثالث يدور الشباب فى فلك البحث عن وظيفة، وما أدراك ما الوظيفة، نار حامية تحرق كل من يريد أن يقترب منها إلا إذا كان هناك ما يسمونه فى عصرنا الحديث بـ”الواسطة“، التى هي بمثابة الماء البارد الذى يطفىء نار الوظيفة، حيث أنها تسهل كل الأمور، وتفتح الأبواب المغلقة من أجل الحصول عليها.

إذن فالمجتمع – فى ظل هذا المناخ المسمم بأجواء الأسباب الثلاثة السالف ذكرها، التى تعد بمثابة المارد الذى يحاول أن يقضى تماما على كل ذرة حب، على كل ذرة انتماء حقيقى للوطن – هو مجتمع طارد لأبنائه، لا يعتبرونه وطنا لهم، ويسعون بكل جهدهم أن يهربوا منه، حتى ولو كانت حياتهم ثمنا يدفعونه من أجل الخروج منه.

فمن هنا لابد أن تقوم الدولة المصرية بكافة أجهزتها ومؤسساتها على تنقية المناخ الذى يحيط بالشباب أثناء مراحل نموه المختلفة، والعمل على غرس وتعميق روح الانتماء والحب الحقيقى للوطن فى قلوب الشباب منذ الصغر، على أن يكون ذلك شريطة اقترانه بالعمل الصادق والجاد من أجل توفير فرص العيش الكريمة والحياه الآمنة لهم.

بقى أن نذكر أنه خلال السنوات الثلاثة الأخيرة شهد المجتمع المصرى عشرات المئات من حالات الانتحار، تركزت جميعها فى فئة الشباب بسبب البطالة، حيث شهد عام 2013 نحو 160 حالة انتحار، وارتفع العدد إلي 181 عام 2014، ثم واصلت الحالات ارتفاعها إلي 203 حالة في 2015، وأن نسبة العاطلين وفق ما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء بلغت 12,3%، وكشف صندوق النقد الدولي عن ارتفاع النسبة إلي 18%، بينما أكد البنك الدولي أن النسبة 22%، فيما أشارت منظمة العمل العربية إلي أن النسبة 23%، وتوقع خبراء الاقتصاد أن تصل النسبة إلى نحو 30% مع نهاية عام 2017.

للتواصل مع الكاتب
[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى