رأى

مصر.. “كورونا” و”النظام الجديد”

محمود الأعرج

بقلم: محمود الأعرج

في وقت الشدائد تظهر معادن الرجال.. ربما ندرك جميعا ذلك على مستواه الضيق، في موقف مشترك مع صديق أو جار أو قريب، لكن الأمر لن يكون بعيدا إذ أدركنا هنا مستوى أوسع وأشمل لتظهر معادن الشعوب في وقت المحن.

الأزمة الحالية التي يمر بها العالم بأثره، كان لـمصر وشعبها نصيبا من الشعور بالفخر، نظرا لخطوات حكومية مرحلية جادة، تعاملت بإيجابية مع أزمة فيروس كورونا المستجد، من خلال إجراءات استباقية احترازية، ثم وقائية، للتعامل السريع وغير المسبوق مع الأزمة، رغم إدراكها الشديد بأن تلك الإجراءات ستكلفها العديد من الخسائر المادية، ورغم ذلك لم تلتفت، ماضية في طريقها حتى وأن كلفها المزيد.

لن أخفيك سرا أنت تعلمه بأن كافة الخطوات التي خطتها الدولة ولازالت، لا تستهدف سوى أمن وصحة المواطن، وهو أمر ربما تخلى عنه آخرون، قد يفوقوا مصر من ناحية التطور التكنولوجي والاقتصادي والاجتماعي والصحي أيضا، لكنهم بكل ما يمتلكونه أعلنوا صراحة انهيار المنظومة التي طالما تباهوا بها، وعدم قدرتهم على السيطرة، وليلقى كل مواطن مصيره بعيدا عن الدولة.

ربما افتقد هؤلاء أمرا تمتلكه مصر في الوقت الحالي، يتمثل في قيادة سياسية استفادت من أخطاء الآخرين وقت الأزمات، وانتبهت إلى شعبها، وافتقدوا هؤلاء أيضا إرادة شعبية جادة، حريصة على أن تكلل خطوات الحكومة بنجاح، ليعبر الجميع إلى بر الأمان، بأقل خسائر ممكنة، بعيدا عن درب الآخرين.

ولم أقصد بذلك أبدا نهاية المساعي المشتركة، أو أننا قد وصلنا الى البر المنشود، رغم أننا نراه عن قرب، فالخطر لازال قائما ايضا وربما بقوة، لكن الامر لازال يستلزم المزيد من التكاتف الشعبي، والاستجابة العاجلة من المواطنين، لتنفيذ  الإجراءات الحكومية دون خلل، ونشر الوعي نحو الاجراءات الوقائية وأهميتها، والتي يتم التنبيه عليها بوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي المختلفة، والتصدي للشائعات التي اراد مروجوها ان ينخروا في جسد هذا الوطن.

عزيزي القارئ..  عليك الانتباه جيدا بأن كل دقيقة تمر حاليا في ظل هذه الازمة، حتى خلال الوقت الذي تقرأ فيه كلمات هذا المقال بأن هناك خطوة يخطوها الجميع نحو نظام عالمي جديد، فالازمة التي يمر بها العالم الوقت الراهن، ستكون نواه لهذا النظام، والذي ستنهض خلاله دول وتتراجع اخرى، وتتقدم شعوب وتتخلف اخرى،  لتتغير خريطة العالم بالكامل، وتنتهي سياسة القطب الاوحد، لتخلق نظام متعدد الأقطاب.

قريبا جدا، واقرب مما تتصور.. ستتعافي مصر وتنهض من هذه الكبوة، وربما تتعجب ايضا،  انه سيكون لها موقعا متميزا، ضمن مصاف الدول المتقدمة في هذا النظام الجديد.. لكن عليك ان تعلم انك اذا اردت ان يكون لك مكانا تحت الشمس، فعليك ان تصنع لنفسك أولا شجرة وارفة الظلال، ما يعني ان هذا الأمر مرتبطا بإرادة شعبية خالصة، لدعم قرارات الدولة، وعدم الخروج عن النص، وهو ما سيحدد موقعنا في هذا النظام، ليكون المواطن نفسه هذه المرة شريكا في تحديد مصير دولته.. القيادة السياسية خطواتها جادة ومحسوبة ومدروسة، وتراهن على  الدعم الشعبي خالص النوايا، ففي الازمات يظهر معدن هذا الشعب الاصيل.

وعد الله صدقا.. وستظل مصر بلد الأمن والامان وأبنائها في رباط الى يوم الدين.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى