تقارير

ما الزراعة العضوية؟

الزراعة العضوية

كتب: د.خالد بن ناصر تعتبر الزراعة العضوية نظام زراعي لإنتاج الغذاء والألياف مثل القطن مع الأخذ في الاعتبار المحافظة على البيئة بجانب الاهتمام بالظروف الاقتصادية ومتطلبات المجتمع، مع الأخذ في الاعتبار القدرة الطبيعية للتربة والنبات والحيوان كأساس لإنتاج غذاء ذو صفات جيدة وقيمة صحية عالية.

الزراعة العضوية تحد من استعمال الإضافات الخارجية كـالأسمدة الكيميائية والمبيدات والهرمونات وكذلك التغيرات الجينية باستخدام الهندسة الوراثية. ومن جهة أخرى تشجع الاعتماد على القدرة الطبيعية المكتسبة في مقاومة الأمراض والآفات.

الوضع الحالي والمستقبلي للزراعة العضوية

لقد عَرفت منظمة الأغذية والزراعة الدولية “الفاو FAO” في اجتماعها الذي عقد في نوفمبر 1969م الزراعة المستدامة على أنها نظم الخدمة والصيانة والمحافظة على المصادر الطبيعية مع الاستفادة من تطويع الوسائل التقنية والصناعية لتحقيق احتياجات الإنسان الحالية والأجيال القادمة من الغذاء والألياف.

والتنمية المستدامة تتضمن المحافظة على المصادر الأرضية والمائية مع المحافظة على المصادر الجينية النباتية والحيوانية لضمان عدم تدهور البيئة مع الاستفادة من التقدم التقني لتحقيق نهضة اقتصادية تتمشى مع احتياجات ومتطلبات المجتمع.

والزراعة العضوية تلقى قبولاً في كثير من الدول المتقدمة كما تنتشر بسرعة في جميع دول العالم وتمثل نسبة المنتجات العضوية في الغرب بحوالي 10% كما تقدر التجارة في المنتجات العضوية عالمياً بحوالي 11 بليون دولار والمتوقع أن تصل إلى 100 بليون دولار في العشرة سنوات القادمة.

الأهداف الأساسية للإنتاج الزراعي العضوي

الزراعة العضوية تهدف إلى تطوير نظام زراعي مستمر ويبنى الإنتاج الزراعي العضوي على عدة أهداف وتعتبر الحركة الاتحادية الدولية للزراعة العضوية والتي تضم في عضويتها عدد من المنظمات التي تعمل في هذا المجال IFOAM Internatonal Federation of Organec Agriculture Movement

أكثر من 50 دولة وتشكل IFOAM لجنة توجيهية تنشطية مسئولة عن وضع القواعد والمعايير العامة تكون بمثابة الأسس ومنه تضع كل منظمة قواعدها ومعاييرها تبعاً لظروف كل دولة ـ ويمكن توضيح الأهداف الأساسية للإنتاج العضوي كالتالي:

1ـ إنتاج غذاء ذو قيمة غذائية عالية وبكميات كافية.

2ـ التفاعل البناء مع جميع الأنظمة الطبيعية.

3ـ المحافظة مع العمل على زيادة خصوبة التربة.

4ـ تشجيع وتنشيط النشاط الحيوي في الزراعة بما يشتمل من الكائنات الحية الدقيقة والنبات والحيوان.

5ـ استخدام المصادر الطبيعية المتجددة في الزراعة.

6ـ العمل على تنشيط الإنتاج الزراعي في نظام مغلق بالنسبة للمخلفات العضوية والعناصر الغذائية.

7ـ إتاحة الظروف المناسبة للثروة الحيوانية لممارسة النشاط الطبيعي.

8ـ تجنب التلوث نتيجة إجراء العمليات الزراعية.

9ـ الحفاظ على الاختلافات الوراثية للنظام الزراعي وما حوله شاملة المحاصيل المزروعة والنباتات الطبيعية والبرية والكائنات الدقيقة.

10ـ ضمان حصول المنتجين في الزراعة العضوية على حقوقهم وعلى العائد الكافي.

11ـ مراعاة التأثير البيئي والبعد الاجتماعي للنظام الزراعي المتبع.

والمزارع أو المنتج لا يمكنه الاعتماد فقط على تلك المعايير العامة لأن IFOAM لا تقوم بعمليات مراقبة وتفتيش وإعطاء الشهادات certification بل يلزمه إتباع القواعد والمعايير التي تضعها المنظمة أو الهيئة المشرفة في بلده. ونتيجة زيادة التجارة البينية وتداول المنتجات العضوية فقد قامت IFOAM بدراسة لتقييم القواعد والمعايير في الدول المختلفة.

الوضع الحالي للزراعة العضوية في العالم

الزراعة العضوية لا تلقى قبول فقط في الدول المتقدمة بل تنمو بسرعة في جميع دول العالم. وتعطى بيانات الإنتاج العضوي في بعض الدول مؤشراً على مدى انتشار الزراعة العضوية. ففي ألمانيا مثلا حوالي 80000 مزرعة عام 2000/2001م، رغم الضغوط التي تمارسها شركات الكيماويات الزراعية ومجمل المساحات تمثل حوالي 2% من الأراضي الزراعية.

وفي سويسرا وصلت نسبة المساحة المزروعة عضوياً بحوالي 7%. وفي النمسا يوجد حوالي 20000 مزرعة تمثل 10% من المساحة المنـزرعة الكلية وفي بعض المناطق مثل سالزبورج وصلت النسبة إلى حوالي 50%. أما السويد وفنلندا المساحة 7 % وإيطاليا زاد بها عدد المزارع من 18000 إلى 30000 في عامي 2001/2002م، وهناك برامج للزراعة العضوية للقطن فى أوغندا بدأت بعدة مئات وصلت الآن إلى 7000مزرعة. وفي المكسيك حوالي 10000 مزرعة للإنتاج العضوي للتصدير . وفي مصر الآن عدة مزارع تصل مساحتها إلى 15000 فدان.

أما عن سوق المنتجات العضوية، فيتضح من آليات السوق أن هناك زيادة الطلب على المنتجات العضوية حيث استوردت إنجلترا 70% من المنتجات العضوية، أما الولايات المتحدة الأمريكية تقدر قيمة المنتجات العضوية بحوالي 5 بليون دولار ومن المتوقع مضاعفة هذه الأرقام وفي ألمانيا يقدر المتداول في السوق عام 2001 بحوالي 1.5-2 بليون دولار ويلاحظ أن جميع أغذية الأطفال ومستلزماتهم الأخرى في طريقها أن تكون 100% عضوية.

في فرنسا المتداول وصل إلى 2.6 بليون دولار عام 2003م .

أثر الزراعة العضوية على خفض التلوث البيئي

ـ الاستدامة في المدى الطويل: كثير من التغيرات الملاحظة في البيئة تعتبر طويلة الأجل وتحدث ببطء بمرور الوقت، وتدرس الزراعة العضوية التأثيرات المتوسطة والطويلة الأجل للتدخلات الزراعية على النظم الايكولوجية الزراعية. وتهدف إلى إنتاج الأغذية مع إيجاد توازن ايكولوجي لتلافي مشكلات خصوبة التربة والآفات. وتتخذ الزراعة العضوية منهجاً استباقي في مواجهة معالجة المشكلات بعد ظهورها.

ـ التربة: تعتبر أساليب بناء التربة مثل الدورات المحصولية والزراعية البينية، وارتباطات تكافلية ومحاصيل التغطية، والأسمدة العضوية إذ أنها تشجع حيوانات ونباتات التربة وتحسين من تكوين التربة وقوامها وإقامة نظم أكثر استقراراً. وفي المقابل يزداد دوران المغذيات والطاقة وخصائص التربة في الاحتفاظ بالمغذيات والمياه. والتعويض عن عدم استخدام الأسمدة المعدنية. ويمكن أن تضطلع تقنيات الإدارة بدور هام في مكافحة تعرية التربة. ويتناقص طول الوقت الذي تتعرض فيه التربة لقوى التعرية ويزداد التنوع البيولوجي للتربة، وتقل خسائر المغذيات مما يساعد على المحافظة على إنتاجية التربة وتعزيزها ويتم على تعويض ما تفقده التربة من مغذيات من موارد متجددة مستمرة من المزرعة إلا أنها ضرورية في بعض الأحيان لتكملة التربة العضوية بالبوتاسيوم والفوسفات والكالسيوم والمغنسيوم والعناصر النادرة من المصادر الخارجية.

ـ المياه: يعتبر تلوث مجاري المياه الجوفية بالأسمدة التخليقية والمبيدات مشكلة كبيرة في كثير من المناطق الزراعية. ونظراً لان استخدام هذه المواد محظور في الزراعة العضوية. فإنها تستبدل بـالأسمدة العضوية (مثل الكمبوست وروث الحيوان، والسماد الأخضر) ومن خلال استخدام قدر أكبر من التنوع البيولوجي (من حيث الأصناف المزروعة والغطاء النباتي الدائم)، وتعزيز قوام التربة وتسرب المياه. وتؤدي النظم العضوية جيدة الإدارة والتي تتسم بالقدرة الأفضل على الاحتفاظ بالمغذيات إلى إحداث خفض كبير في مخاطر تلوث المياه الجوفية. وفي فرنسا، وألمانيا حيث يعتبر التلوث مشكلة حقيقية، يلزم بشدة تشجيع الزراعة العضوية باعتبارها من تدابير استعادة القدرات الطبيعية.

ـ الهواء: تقلل الزراعة العضوية من استخدام الطاقة غير المتجددة من خلال خفض الاحتياجات من الكيماويات الزراعية (حيث تتطلب هذه إنتاج كميات كبيرة من الوقود). وتسهم الزراعة العضوية في التخفيف من تأثيرات التدفيئة، والاحتباس الحراري من خلال قدرتها على استيعاب الكربون في التربة. ويزيد الكثير من أساليب الإدارة التي تستخدمها الزراعة العضوية (مثل تقليل الحراثة إلى أدنى حد ممكن، وزيادة إدراج النباتات البقولية المثبتة للنيتروجين) من عودة الكربون إلى التربة مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتوفير الظروف المواتية لتخزين الكربون.

ولذلك فإن الدعوة لاستخدام الزراعة العضوية والحيوية والمقاومة البيولوجية أصبحت مطلباً ضرورياً لحماية البيئة من التلوث ورفع مستوى الإنتاج الزراعي، والمنافسة التصديرية للدول الأخرى.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى