رأى

مافيا غش المبيدات

د.عبدالعليم سعد سليمان 

بقلم: د.عبدالعليم سعد سليمان 

يمكن بسهولة غش المبيدات طالما لا توجد رقابة كافية، يوجد الكثيرمن المحلات المتخصصة لـغش المبيدات فى كل قرى مصر. وهناك العديد من الطرق لـغش المبيدات، إذ يتم وضع مادتى «الفينيك ـ الجير ـ بودرة السيراميك» على المبيدات، كل بحسب الصورة التى عليها المبيد سواء كان سائلا أو صلبا، ويصل بيزنس غش المبيدات تقريبا لـ ٢ مليار جنيه.

ويرجع سبب استخدام هذه المواد فى غش المبيدات، إلى قدرتها على الإذابة فى المحلول الكيميائى للمبيد، حيث يشكل الفينيك لونا أبيض مليئا بالرغاوى يشبه المبيدات التى عادة ما تتكون من مواد مستحلبة «سوائل لزجة ذات مظهر يشبه الحليب»، أما بودرة السيراميك أو الجير فيتم بها غش المبيدات البودرة، أو كما يُطلق عليها مبيدات «التعفير» إذ تضاف هذه المواد على بعض المبيدات، خاصة أن شكلها ورائحتها مثل المبيدات.

ونلفت الانتباه إلى أن تجار البيع بالتجزئة، يبيعون هذه المبيدات على أنها مهربة من الخارج للفلاحين، إذ يعتبرها كثيرون فرصة عظيمة لشراء مبيد بسعر رخيص وذي فاعلية، خاصة أن الفلاحين دائما يرددون عبارة.. «الحكومة بخلانة علينا».

كما أن أصحاب مصانع غش المبيدات يبيعون المبيدات المغشوشة بالآجل، وتصل فترة السماح للتجار من ٥ -٦ أشهر، ما يشجع التجار معدومو الذمم للإقبال عليها.

وعن كيفية تقليد عبوات المبيدات يتم الاتفاق بين غشاشى المبيدات وبين أصحاب ورش ومصانع البلاستيك على عمل عبوات بحسب قالب عبوات المبيدات الأصلية، ثم بالاتفاق مع أصحاب المطابع والمنتشرة فى مناطق كثيرة من القاهرة، يتم تقليد المُلصق الموجود على عبوة المبيد الأصلية.

ومن هنا نشير إلى ضعف الجهاز الرقابى فى لجنة المبيدات وعجزه عن متابعة هذه الحالات، وغياب التنسيق بين الأجهزة والوزارات.

وعن خطورة هذه المبيدات المغشوشة، نوضح أن التلاعب فى المادة الفعالة للمبيد، يؤدى إلى هدر مالى ضخم، إذ يضطر الفلاح لاستخدام أضعاف الكمية من المبيدات لأرضه، أيضا يؤدى غش المبيدات لإكساب الحشرة أو الآفة الزراعية صفة «المناعة» ضد المبيد، حتى لو تم رشها بعد ذلك بــالمبيد السليم، وهذا يتسبب فى إصابة المحاصيل بالدمار والإهدار.

ونشير الي طريقة أخرى لـغش المبيدات، إذ تتم إضافة مادة الكيروسين «الجاز» إلى المبيد، ذلك لأن هذه المادة تنتشر بسرعة فى الوسط الكيميائى للمبيد، وهذا يجعل من الصعب اكتشافها، وأن الكيروسين يسبب احمرار الأوراق واحتراقها.

وتعتبر هذه أبسط طرق غش المبيدات، تمثل صورة بشعة من الفساد المستشرى فى الدولة، خاصة أن غش المبيدات يرتبط بإدخال مبيدات ممنوعة، ومحظور استعمالها فى البلاد، بسبب سميتها الشديدة مثل مبيدات الكلورديوم واللاندين والدى دى تى وغيرها من المبيدات، وإدخال بعض المبيدات الممنوعة من قِبل هيئة الحماية الأمريكية والمُصنفة «مسرطنة محتملة» و«مسرطنة ممكنة» للبلاد، وموجودة فى المحلات بشكل شرعى وقانونى.

ومن هنا نشير إلى ضعف الجهاز الرقابى فى لجنة المبيدات وعجزه عن متابعة هذه الحالات، وغياب التنسيق بين الأجهزة والوزارات. ولابد من وضع ضوابط شديدة لمراقبة تداول المبيدات بالدولة، ايضا تشديد العقوبه علي تجار المبيدات المغشوشه.

*كاتب المقال: أستاذ بقسم وقاية النبات فى كلية الزراعة بجامعة سوهاج، ورئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة سوهاج.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى