لماذا لم ينجح الإرشاد الزراعى الرسمى النجاح المطلوب؟

بقلم: د.صلاح يوسف

فى حديث مع الأخ العزيز المهندس حسن صالح وكيل وزارة الزراعة ورئيس الإدارة المركزية للإرشاد الزراعى الأسبق فى أول مرة إلتقيته وكنت وقتها بعيدا عن كل المسئوليات الرسمية تقريبا فى 2006 فى زيارة للمنيا وكان برفقتنا مجموعة من الذين تحملوا مسئولية بعض قطاعات الوزارة فيم بعد ..

قلت أن دور المرشد الزراعى مثل النبى يهدى الناس إلى أحدث وأيسر وأصلح طرق ومداخل الزراعة للوصول إلى أقصى إنتاجية ..

ولكن قواعد إختيار من يهدون الناس ونقصد هنا الزراعيين لابد أن تكون مبنية على قواعد علمية سليمة ويتم تعليمهم وتدريبهم بقواعد سليمة وتنمى خبراتهم بطريقة عملية .. وهذه العملية فى التنمية لابد أن تكون مستمرة ..

ومع عملى فى الحقل أيقنت أنه لن ينجح الإرشاد الزراعى إلا إذا كان ديناميكيا .. وهذا ما جعلنى بمجرد تحملى المسئولية كلفت الباحثين بـمركز البحوث الزراعية مباشرة وكنت أعنى باحثى وعلماء وزارة الزراعة بقيادة ألإرشاد الزراعى .. ولم يع معنى التكليف أحدا! وأنشأت قناة مصر الزراعية بفضل الله وبمساعدة وتعاون سيادة الوزير أسامة هيكل وزير الإعلام وقتها .. وتطورت القناة لتصل إلى حالها الحالى وهو بالتأكيد أفضل مما بدأت .. وننتظر منها دائما المزيد ..

ويبقى السؤال هل حقق على أرض الواقع الإرشاد الزراعى الطفرة المرجوة .. لا .. ليس بعد .. لماذا؟

لأن المفهوم الحقيقى للإرشاد الزراعى الذى أعلمه غير متوفر لدى الكثيرين من كلا من المسئولين عنه والقائمين به ..

ألا وهو المرشد الزراعى الخبير الذى لديه الأسس العلمية القادر على تأويل الأحداث وتأثيرها على النمو الزراعى وقادر على تطوير عملية الإنتاج الزراعى بقدرته على تطويع هذه الأسس العلمية والظروف الواقعة لتعظيم الإنتاجية مستغلا فى طريقه التحاليل المعملية متوقعا الظروف البيئية القادمة ودارسا تفصييا لطبيعة التربة والماء والنبات والهواء والكائنات الحية والعلاقة بينهم .. وقيامه بقيادة العملية الإنتاجية مستشرفا كل الإحداث وليس تابعا لها حتى يصل بالإنتاجية والجودة إلى مبتغاه .. ولذلك طرحت منذ البداية فكرة الإرشاد الديناميكى .. إرشاد علمى مبنى دائما على المتغيرات وتطويعها أو التعامل معها ..

رؤيتى للإرشاد الزراعى لم تتغير .. حاولت ممارستها وقت تحمل المسئولية بالشكل الرسمى .. بينما على المستوى الشخصى مارستها بالفعل قبل تحمل المسئولية ومنذ 1994 حتى الآن .. وستسمر بإذن الله إلى أن ننفض من هذه الدنيا أو يقضى الله أمرا كان مفعولا ..

والإرشاد الزراعى لا يحتاج لمجهود فرد أو وزارة فقط .. ولكنه يحتاج لتعاون الحكومة بأكملها .. ظهر بعض من هذا على فترات سياسية مختلفة .. ويجب أن يظهر ذلك مرة أخرى حاليا .. ومن جانب آخر الإرشاد الزراعى الخاص قمنا به أيضا منذ 1994 وبدأ منظما منذ 1998 بعد تكوين جمعية تطوير وتصدير الحاصلات البستانية بفضل الله ثم بفضل المرحوم الأستاذ الدكتور محمد البلتاجى أستاذ البساتين ومدير مشروع نقل وإستخدام التكنولوجيا وهذا الرجل كان يتسم ببساطة ونزاهة وعلم وخلق لا يضاهيه فيه الكثيرون .. رحمه الله رحمة واسعه .. وفرخنا من خلال الجمعية والمزارع الكبيرة فى مصر جيل من الشباب الذى لديه خبرات زراعية عالية تنشر حاليا معرفتها وعلمها وخبراتها بين الزراعيين على مستوى مصر .. ومازال المجهود مستمرا لتوسيع دائرة الخبرات الزراعية والإرشاد الزراعى .. بعيدا عن الحكومات!!