رأى

لا تأكلو من عربات الفول بمصر

إبراهيم جابر

بقلم: إبراهيم جابر

نداء واستغاثة إلى السيد وزير الصحة من هذا الأمر الخطير الذى يهدد صحة ملايين المصريين.. ونحن إذ ندق ناقوس الخطر نهدى هذه القصة الواقعية من مذكرات صحفى الذى كتب يقول:

..بعد مراقبة استمرت أسبوعا وجدت أن عمال عربة الفول لا يأكلون مما يصنعون، ويشترون طعاما من الخارج، الأمر الذى أثار دهشتى، حقيقة لم يكن أمامى سوى العيش وسط هؤلاء الأشخاص لمعرفة السبب، الذى يمنعهم من تناول الفول، الذى يصنعونه.

لحظات قليلة وبعدها توجهت إلى أحد العاملين على عربة الفول، وسألته عن فرصة عمل، فقال: اذهب إلى المعلم ج. م ، صاحب عربة الفول.

قابلت المعلم، وسألنى: اشتغلت فى الفول قبل كده؟ فجاوبته: لا، فقال: خلاص هتغسل اطباق وهتاخذ 25 جنيه فى اليوم، وافقت على الفور، موضحا له أننى مغترب، وليس لدىّ مسكن، فقال: يبقى هتنام فى المخزن مع العيال.

بعد يوم شاق من العمل عدت إلى المخزن، حيث وضع الصنايعى القدر، وبها كمية من الماء على النار، ثم أتى بجوال فول ووضعه مباشرة فى القدرة، وبعدها بدقائق مد يده فوق الرف الصغير، وأمسك بعلبة تحوى مادة بيضاء، وأضاف منها 5 ملاعق كبيرة إلى القدر، ثم أغلق فوهة القدر جيدا، وتركها على النار، وبعدها وضع كمية من الفول المدشوش مع كمية من الأرز فى إناء به ماء، وتركه لمدة ساعة كى يتخمر، وبعد مرور نصف الساعة توجه إلى قدر الفول الموجودة على النار حاملا فى يده كبشة طويلة، وقام بغرف عدد من حبات الفول، ثم وضع حبة فول تحت إصبعه، وضغط عليها فوجدها قد استوت.

على الفور وضع خلطة المدشوش والأرز ، وبدأ فى التقليب لمدة عشر دقائق، ثم أطفأ النار، فى الوقت نفسه أجلس أنا فى مدخل المخزن، أراقب تحركات زميلى وأعبئ الطحينة والزيت الحار والزيت الحلو فى زجاجات بلاستيكية، وبعد أن انتهينا من تجهيز البضاعة ذهبت إلى النوم، وأنا أفكر فى المادة البيضاء، التى وضعها على الفول، وشعرت أن هناك أمرا غريبا فى الموضوع، خصوصا أن القدر التى تحمل بداخلها عشرين كيلو فول استوت فى أقل من ساعة.

فى اليوم التالى تكرر نفس السيناريو السابق لمدة شهر كامل، مهمتى الوحيدة تجهيز عبوات الطحينة، وغسل الأطباق، وفى أثناء وقت العمل كان الصنايعى يطلب منى شراء طعام من الخارج لنأكله، وعندما سألته مازحا: بقى إحنا اللى بنأكل الناس نشترى أكل من بره، ده اسمه كلام ، رد ضاحكا: يا عم ابعدنى أنا عن الفول، وبلاش تاكله انت كمان مش ناقصة مرض!

وفى أثناء عملى كنت أضع تلك المادة البيضاء على الفول دون أن أعرف ماهيتها أو مصدرها، وعندما سألته عن اسمها ووظيفتها قال إنها بودرة بيضة تعمل على تسوية الفول بطريقة سريعة جدا.

ولما ذهبت إلى أحد المستوقدات الكبيرة بوسط القاهرة كى أسأل عن اسم المادة المطلوبة، وأين تباع رفض عمال المستوقد الإدلاء بأى معلومات، وعندما سألت أحد المارة عن مكان بيع الفول، الذى يتم تسويته فى هذا المستوقد دلنى على المكان فذهبت، وهناك سألت: مش محتاجين صنايعى معاكم، فرفض البعض، لكن وافق أحد أباطرة السوق، ويدعى ع.ع ، الأخير يمتلك 8 عربات فول فى ميدان رمسيس، وعملت معه صنايعى.

بعدها بدأت العمل، وكان ع.ع صاحب عربة الفول يأخذ القدر بنفسه لتسويتها فى المستوقد مقابل 20 جنيها على القدر الواحد، وبعد أذان الفجر مباشرة جاء صاحب المستوقد بـ15 قدرة فول، وفى أثناء عملى تعرفت على صاحب المستوقد، الذى كنت أمزح معه دائما، ومن هنا طلبت من صاحب عربة الفول، التى أعمل عليها أن أذهب أنا إلى المستوقد لتسوية قدر الفول الخاص بى.

المستوقد، مكان قديم للغاية يقع فى حى الجمالية بمنطقة باب البحر فى رمسيس، هناك تجد عددا كبيرا من أسطوانات البوتاجاز الكبيرة، وعلى الجانبين يوجد حامل معدنى ضخم مئة عين نارية تشبه البوتاجاز المنزلى، لكنها كبيرة للغاية، كما توجد كميات كبيرة من العلب البلاستيكية بها ألوان صناعية مثل الكركم ومواد أخرى تضاف إلى الفول.

بعدها وضعت القدر الخاص بى على النار، وبعد خمس دقائق، جاء عامل المستوقد، وفى يده علبة بيضاء، وأضاف كميات كبيرة داخل كل قدر، وقتها عرفت أنها المادة البيضاء، التى أبحث عنها، ولما سألته عنها قال: دى يا سيدى اسمها بودرة بيضة، بتتباع عند العطار أو فى شركات الكيماويات، ووظيفتها تسوية الفول بشكل سريع بسبب ارتفاع سعر أسطوانة الغاز والإقبال الشديد على المستوقد من قبل أصحاب عربات الفول، مؤكدا أن معظم بائعى الفول يستخدمون تلك المادة فى عملية التسوية، نظرا لقدرتها الكبيرة على تسوية الفول فى وقت قصير جدا.

لكى أتأكد من انتشار هذه المادة عملت فى 3 محافظات، ودخلت قرابة الـ12 مستوقدا للفول، وكذا عملت على 15 عربة فول بين الجيزة والقاهرة والشرقية، وحيلتى الوحيدة هى أننى أجيد العمل على عربات الفول، لذا اكتشفت أن هذه المادة منتشرة بكثرة فى مستوقدات الفول، وكل منطقة تطلق عليها اسما مختلفا، هناك من يسميها إديتا أو البودرة البيضة، وغيرهم ممن يطلقون عليها الفنكوش، وعدد قليل جدا يطلقون عليها كربوناتو.

وفى محافظتى القاهرة والجيزة تجلب هذه المادة من شركات إنتاج الكيماويات، أما باقى المحافظات فيتم جلبها من محلات العطارة الكبرى، والأخيرة تشتريها من شركات إنتاج الكيماويات أيضا. وبالفعل توجهت إلى مركز بيع منتجات شركة النصر لصناعة الكيماويات بميدان العباسية، ولم أجد أى صعوبة فى شراء عبوة إديتا، وكذا لم يسألنى مسؤول المبيعات عن سبب الاستخدام، وكان سعر العبوة 45 جنيها.

وأخيرا كانت النتيجة الصادمة، بتحليل المادة البيضاء المستخدمة فى الإسراع بتسوية قدر الفول، وجد أنها مادة كميائية تؤدى الى إصابة الإنسان بـالفشل الكلوى وأمراض الكبد والعجز الجنسى وتشوه الأجنة.

ونحن إذ نضع هذه الحقائق إلى كل من يهمه الأمر من السادة المسؤولين عن الحفاظ على حياة جميع المصريين، نطالبهم بضرورة اتخاذ الاجراءات اللازمة للرقابة الصارمة على عربات الفول التى يتردد عليها ملايين المصريين خاصة الفقراء لتناول طعام الإفطار، ومراجعة جميع إجراءات السلامة من أجل التأكد من صحة غذاء المصريين.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. بداية , أشار د.العبادي إلى طبيعة مادة الـ”إديتا” التي تحمل خاصية (ترسيب) العناصر المختلفة عند الارتباط بها , مما يجعلها مادة خصبة للاستخدام في المجالات الطبية والصيدلانية , حيث تضاف مادة الـ”إديتا” إلى العديد من الأدوية والعقاقير الطبية .

    كما أكد د.العبادي على أن مادة الـ”إديتا” تستخدم بشكل صحي عالميا في مجال التغذية , حيث أن من أهم وظائفها حفظ الطعام من التغير (الأكسدة) , مما يحافظ على طعم ولون الطعام المضافة إليه هذه المادة .

    كما أشار د.العبادي إلى افتقار التقرير الصحفي إلى الأدلة الطبية أو المقالات التي تنشر في الدروريات العلمية التي تثبت تسبب مادة الـ”إديتا” في الأمراض المختلفة التي سردها هذا التقرير , وفي إطار نقده للتحقيق الصحفي ارتكز د.العبادي إلى النقاط االعلمية لتالية لتأكيد ضعف ما نشر فيه :

    أولا , أوضح أن الباحث الذي أجري التحاليل المختلفة عن تأثير مادة الـ”إديتا” على جسم فئران التجارب قد افترض أن الإنسان يحصل على 10 جرامات من الأكل من عربيات الفول يوميا , ثم أعطى الباحث لفئران التجارب 2.5 جرام من الإديتا يوميا , فعلى أي أساس يقدم لفئران التجارب ربع ما يتناولة الانسان مع أن وزنها مقارنة بوزن الإنسان لا يتخطى 0.03 % ؟!

    ثانيا , أوضح د.العبادي اختلال القياسات التي تزعم أن طبق الفول من عربيات الفول يحتوي على 10 جرام من الـ”إديتا” , فبافتراض أن صاحب عربية الفول يضع خمس ملاعق كبيرة كما ذكر التحقيق الصحفي (أي ما يعادل 25 جرام من الإديتا) في قدرة الفول التي تحتوي على 20 كيلوجراما من الفول , فإن مقدار الـ”إديتا” التي تكون في طبق واحد من الفول لا تتعدى 125 “مللي جرام” فقط !

    ثالثا , أكد د.العبادي على أنه وعلى حسب منظمة الصحة العالمية , فإن النسبة الآمنة لتناول الـ”إديتا” لشخص يبلغ وزنه 100 كيلوجرام هي 3-5 جرام أسبوعيا , أي ما يعادل 30-50 طبق فول في الأسبوع , وبالتأكيد لا يوجد من المصريين من يأكل 30-50 طبق فول أسبوعيا .

    وأخيرا , اختتم د.العبادي انتقاده قائلا -على لسانه- : “مجال دراستى وخبرتى وعملى هو دراسة الجينومات والمعلوماتية الحيوية Genomics and Computational Biology ، ولست خبيرا فى التغدية أو طبيبا.
    منذ أن كنت طالبا بكلية العلوم وحتى الآن، أى ما يزيد على 20 عامًا، وأنا أستخدم مركب الإدتا بصفة دائمة. أعرف وأقرأ كل ما يكتب وينشر عن هذه المادة بحكم استعمالي الدائم لها. ما دعانى إلى التعليق على هذا الموضوع فى البداية هو الأخطاء العلمية الواردة فى التقرير الصحفي” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى