رأى

قيمنا الاجتماعية في عصر العولمة

د.فتيان ياسين على

بقلم: د.فتيان ياسين علي

العولمة هى واحدة من بين عدة كلمات عربية وهى تعنى الكوكبة والكونية والشمولية وهى اجتياح الشمال الى الجنوب اجتياح الحضارة الغربية ممثلة فى النموذج الامريكى للحضارات الاخرى، والتى قد نشأت كمشروع غربى له سوابقه الصليبية والاستشراقية ولواحقه الاستعمارية، حيث اتجه الغرب ورتب آلياته على ضوء عوائد فكرية ومادية تكرس وجوده وهيمنته وتحقق مصالحه الخاصة.

فمن خلال العولمة تحول العالم الى سوق مفتوحه بدون عقبات او حواجز على مستوى الانتاج والتوزيع والتسويق وفتح باب المنافسة على مصرعيه بين الشركات والمؤسسات والمشروعات على مستوى العالم.

وادت العولمة الى انكماش دور السلطة السياسية للدولة وضعف سيطرتها على الاوضاع داخل الدولة وارتباط اجهزتها بعلاقات مع الدول الاخرى والمنظمات الدولية على حساب مصالح الشعوب.

وساعدت العولمة على  تدفق المعلومات دون حواجز فى ارجاء الكون كله  بصورة غير مسبوقه فأحدثت العولمة تغيراً ملحوظا فى سلوك الافراد والجماعات فأنتشرت قيم الحرية والديمقراطية والعدالة كمبدأ انسانى عام.

ولكن هدفت العولمة فى قناعها الاجتماعى الى اخضاع سلوك الافراد فى مختلف المجتمعات لنظام المفاهيم والقيم الاجتماعية والانماط السلوكية السائدة فى الغرب، وكان لذلك انعكاسات سلبية مختلفة على قيمنا الاجتماعية من تشجيع قيم الاستهلاك وغرس قيم العنف والفردية والانانية والمادية وتفكك العلاقات الاسرية وضعف العلاقات الاجتماعية اضافة الى التهاون القيمى وتشويه معالم الهويات المجتمعية الاصيلة.

وقد اشاعت العولمة فى الريف المصرى الجميل نوبات عديدة  من الاضطراب والفوضى وتفشى الفساد وانهيار قيم العلم والعمل والتعاون والتكافل والتواصل الانسانى واحترام كبار السن، والتماسك والترابط واختفت الايادى الداعمة فى السراء والضراء وامتدت الانامل الى الرشوة والسرقة وانتشر العنف.

واحتلت الجريمة عقول الناس الطيبون حتى الاطفال منا اصبحوا على قائمة المطلوبين وانتهت شهامة الرجل الشرقى الا ما رحم ربى، واختفت ملامح الشخصية الكريمة وانتهى دور الاسرة فى التنشئة الاجتماعية للاطفال وفى تحديد اتجاهاتهم وافكارهم وامنياتهم العالقة فى شاشات فضية للخروج الى العالم الاكبر والوصول الى ما لا يمكن تحقيقه وخفت صوت الحق وعلا صوت الباطل وتفنن الاقوياء فى قهر من هم اقل منهم فقد قامت حقا العولمة بدور جوهرى فى محو القيم التقليدية للافراد، والتى تمثل الاعمدة الرئسية فى البناء الاجتماعى السليم الذى يحمى المجتمع من الفوضى ويوفر للافراد الطمأنينة والعيش فى سلام.

*كاتبة المقال: باحث مساعد بوحدة بحوث الإرشاد الزراعى والتنمية الريفية بمحطة بحوث المراشدة بمحافظة قنا.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى