رأى

قراءة هادئة في مشروع نهر الكونغو

أ.د/صبحي فهمي منصور

بقلم: أ.د/صبحي فهمي منصور

أستاذ بمعهد بحوث الأراضي والمياه والبئية ـ مركز البحوث الزراعية

تعتبر المياه من اهم المحددات الرئيسيه فهى تؤثر على نوع النشاط الاقتصادى وحجمه بل ومكانه وحيثما وجدت توجد الحياه فهى ثانى اهم متطلبات الحياه بعد الهواء وموضوع اليوم بل اكاد اجذ م انه موضوع الساعة، ويجب ان يظل كذالك حتى نصل الى حل دائم يضمن حقنا وحق الاجيال القادمة فى مياه النيل لانه يعتبر بحق موضوع (بقاء او فناء امة) والمياه فى مصر مستوردة لانها تاتى من خارج حدودنا.

ويجب ان نعلم ان مواردنا من نهر النيل محدودة للغاية ومحددة منذ كان تعداد مصر 20 مليون نسمة واستمرت محدودية مواردنا المائية فى ظل استمرار الزيادة السكانية حتى وصل الى 94 مليون نسمة ولم تزداد مواردنا من نهر التيل لتر واحد مما اثر على خطط استصلاح اراضى جديدة وبمقارنة بسيطة نجد ان  نسبة السكان زادت الى 800% فى حين لم تتعدى الزيادة فى الرقعة المنزرعة عن 70% ما يترتب عليه انخفاض نصيب الفرد من الارض من 12 قيراط سنه 1900 الى 2قيراط فى 2014، هذا بالاضافة الى انخفاض نصيب الفرد من المياه من 4800 الى 585 م3 \سنه مما يعنى ان نصيب الفرد فى مصر من المياه اقل من الفقر المائي والذى حدد بـ(1000م3 \سنة) واصبحنا فى نطاق الشح المائي او المجاعة المائية مما يهدد كل مظاهر التنمية فى مصر واليوم نعانى من عجز مائى يصل الى ما يقرب من 42 مليارم3من المياه فى ظل الظروف المعاكسة والتى يمكن ايجازها فى الاتى:

1- قيام اثيوبيا ببناء سد النهضة على النيل الازرق احد روافد نهر النيل والذى ياتى منه ما يقرب من 90% من ايراد نا المائى بالاضافة الى زيادة تصميمه فبدلا من 14 مليار (التصميم الاساسى) زاد الى ما يزيد على 74 مليار م3 من المياه (ثبت من تحليل صور الاقمار الصناعية والتى تصل دقة تصويرها الى مسافة اقل من نصف متر فى الاول من فبراير 2016 ان اثيوبيا تستطيع تخزين 96 مليار متر مكعب).

2- عزم اثيوبيا على بناء ثلاث سدود اخرى.

3- قيام السودان ببناء سد على الشلال الرابع بمساعدة قطر وبعض دول الخليج مقابل استغلال هذه الدول عشرات الالاف من الافدنة فى الزراعة.

 ولايقتصر الاثار السلبية من هذه المشاريع على العجز المائى فقط بل تتعداه الى اثار فى جوانب اخرى يمكن ذكرها فى الاتى:

1- تخفيض الفاقد الهيدروليكى لعمود المياه امام جسم السد بمقدار 15 متر ما يتبعه خفض الكهرباء المنتجة بمقدار 28 – 40%.

2- خفض دائم في منسوب المياه في بحيرة ناصر وهذا من شأنه زيادة التبخير الحالي لأكثر من 10 مليارات م3سنويا.

3- توقف الاطماء لقاع النهر وجوانبه الامر الذى يعرضه للنحر.

4- خفض منسوب المياه فى النهر مما قد يهدد محطات مياه الشرب وتبريد المصانع للتوقف.

5- نقص المياه فى نهايات الترع مما يترتب عليه زيادة الاملاح فى التربة والمياه.

6- زيادة نسبة التلوث فى محافظات الدلتا الشمالية (كفر الشيخ – البحيرة – الدقهلية).

7- ثبت ان هناك 12 كم بفرع دمياط لم تعد صالحه للشرب او الزراعة ما يضطر معه الفلاحين الى تركيب طلمبات لرى اراضيهم من الخزان الجوفى الضحل مما يسهم فى توغل مياه البحر الى داخل اراضى شمال الدلتا ما يؤدى الى تملحها.

8- زيادة ملوحة مياه مصبى النيل عند دمياط ورشيد نتيجة لغزو مياه البحر على فرعى المصب.

9- التاثير السلبى على الثروه السمكية النهرية والبحرية نتيجة لارتفاع ملوحة المياه وزيادة نسبة التلوث بها.

10- توقف جميع مشروعات استصلاح واستزراع الاراضى.

11- انتهاء مشروعات توشكى وترعة السلام وامتداد ترعة الحمام فى الساحل الشمالى الغربى.

12- التاثير على الملاحه النهرية.

كل هذه المشاريع والتى تهدف الى عرقلة مصر فى طريق نهضتها والتى لا تخلو من المؤامرات فى سبيل تقزيم دور مصر الاقليمى والدولى لذا يجب الانتباه الى ما يستهدفه هؤلاء وتفويت الفرصة لاستغلال وضع معين سببه تقاعس الانظمه السابقة فى تامين مصادر المياه للاجيال الحالية والقادمة لذا يجب على الجيل الحالى اصلاح المسار والعمل بكل حزم فى كيفية تامين هذه المصادر والتى يمكن تقسيمها الى اجراءات او مشاريع داخلية وخارجية.

اولا: الإجراءات او المشاريع الداخلية والتي تتمثل في:

ا- تعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة عن طريق (ترشيد الاستهلاك – زراعة محاصيل ذات عائد اقتصادى مرتفع – اعادة استخدام المياه اكثر من مرة… الخ).

ب- العمل على الاستفاده الكاملة من كل مياه الصرف سواء زراعى او صحى او صناعى والتى تصل الى اكثر من 15 مليار    م3 وذلك عن طريق عمل سدود على جميع المصبات التى تلقى بهذه المياه فى البحر المتوسط للمحافظه عليها من اهدارها فى البحر على ان تحقن هذه المياه فى باطن التربة (لاستغلال خاصية التنقية الذاتية للتربة) ثم اعادة استخراجها مرة اخرى بعد 400 يوم وتكون فى هذه الحالة صالحة لكافة الاغراض.

ج- على المزارعين استخدام طريقة (رى منتصف الجذور) وتتلخص هذه الطريقة فى رى المحصول كاملا فى الرية الاولى فقط ثم يتم الرى بعد ذلك على جهه واحدة من المحصول بالتبادل حتى الحصاد ما تساهم فى تحفيز منطقة الجذور ( هذه الطريقة يمكن اتباعها فى مزارع الفاكهة والمحاصيل التى تزرع على خطوط بان تنساب مياه الرى فى خط وتمنع عن الخط الاخر ثم تسبدل فى الرية التى تليها وهكذا).

د- العمل على منع بخر الماء من نهر النيل والترع وذلك بتغطيتها بخلايا شمسيه كما يحدث فى الهند (فطبقا لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية فان زيادة درجة الحرارة درجة واحدة مئوية تؤدى الى تبخر 4% من نهر النيل).

و- تحلية مياه البحر رغم تاثيرها السلبى على الانسان والبيئة والاحياء المائية وتكلفتها العالية جدا.

ثانيا: الإجراءات او المشاريع الخارجية والتي تتمثل في:

استكمال الدراسات التى اجريت على كيفية توصيل نهر الكونغو بـنهر النيل والتى عهد بها الرئيس السادات الى كل من د.ابراهيم مصطفى كامل ود. إبرهيم حميده، بدراسة هذا المشروع وبعد تقديم المشروع للسادات قامت الحكومه المصريه بارساله الى شركة (ارثر دى ليتيل)  الشركه العالمية المتخصصة فى تقديم الاستراتيجية لعمل التصور المتوقع والتكلفة المتوقعة وارسلت فى تقريرها ما يلى:

1- المشروع يوفر لمصر 95 مليار متر مكعب من المياه سنويا توفر زراعة 80 مليون فدان تزداد بالتدريج بعد 10سنوات الى 112 مليار متر مكعب.

2- المشروع يوفر لمصر والسودان والكونغو طاقه كهربائية تكفى 2/3 قارة افريقيا بمقدار 18000 ميجاوات (10اضعاف ما يولده السد العالى) وهو ما قيمته 2.2 تريليون دولار اذا صدر لدول افريقيا.

3- المشروع يوفر للدول الثلاث (مصر – السودان – الكونغو) 320 مليون فدان صالحه للزراعة بالاضافة الى ان الشركة قدرة تكلفة المشروع عام 1980 بـ6.0 مليار دولار.

 هذا بالاضافة الى الدراسة التى قام بها رجل الاعمال ابراهيم الفيومى فى الكونغو بالاشتراك مع الدكتور عبدالعال حسن نائب رئيس الثروه المعدنيه، حين ذاك بالاستعانة بهيئة المساحة الجيولوجية والثروة المعدنية المصرية والتى قدر فيها مدة تنفيذ هذا المشروع بعامين فقط.

ويمكن التوصيل من اقرب نقطة على نهر الكونغو بالقرب من السودان الجنوبى ولتكن منطقة دونجو او منطقة ارويمى داخل حدود دولة الكونغو الى اقرب نقطه على نهر النيل بداخل حدود دولة جنوب السودان ولتكن منطقة جوبا ثم يجرى العمل على تطهير وتوسعة مجرى النيل من جوبا حتى بحيرة السد لاستيعاب المياه التى تتدفق من نهر الكونغو (هذه الخطوه ضروريه لاستكمال مشروع النقل النهرى من بحيرة فكتوريا الى البحر المتوسط).

ونظرا لان بحيرة السد ومنخفض توشكى لا يستطيعان استيعاب الزيادة المتوقعة من مياه نهر الكونغو لذا اقترح تمهيد مجرى مائى من منخفض توشكى الى منخفض القطارة لتخزين هذه الكميات من المياه فى ذلك المنخفض على ان يسلك المجرى المائى المقترح الممر الرئيسى فى مشروع ممر التنميه (مقترح د.الباز) على ان يستكمل بتقاطع ممرات التنمية التى تمتد من كل محافظة على الممر الرئيسى والذى يعتبر نهر جديد بداخل مصر مما يبشر بامكانيه زيادة المساحة التى يمكن تعميرها داخل الصحراء الغربية الممتدة.

(تبلغ المساحة الصافية للمنخفض طبقا لاحدث الدراسات نحو 19516 كم2. وملحق به عدة منخفضات فرعية تبلغ جملة مساحاتها نحو 1572 كم2 منها ما هو متصل بالمنخفض مباشرة ومنها ما يسهل توصيله بالمنخفض الرئيسى. وبذلك يكون إجمالى مساحة المنخفض الرئيسى وملحقاته من المنخفضات الفرعية 21088 كم2).

فوائد مشروع بحيرة منخفض القطارة الاقتصادية

1- زيادة كمية البخر من هذا المسطح المائى والذى يتبعه زيادة كمية المطر والذى يستخدم فى زراعة ملايين الأفدنة المحيطه بالمنخفض.
2- انشاء مجتمعات عمرانية سكنية وزراعية وخدمية وصناعية متكاملة.
3ـ خلق فرص عمل جديدة لهم.
4- إمكانية إقامة عدد من المشروعات السياحية في المنطقة.

هذه هى رؤيتى للخروج من هذه المشكلة، لكن هذا لا يمنع خروج اصوات تنادى بعدم التوجه لهذا المشروع والاتجاه الى تنفيذ المشاريع المائية المؤجلة والمتمثلة فى:

ـ قناة جونجلى —- توفر ما يقرب من 7 مليار متر مكعب سنويا.

ـ بحر الغزال — توفر ما يقرب من 7 مليار متر مكعب سنويا.

ـ مستنقعات مشار — توفر ما يقرب من 4 مليار متر مكعب سنويا.

نجد ان اجمالى ما توفره هذه المشاريع هو 18 مليار متر مكعب سنويا بعد كام من السنوات يمكن الانتهاء منها وكم يبلغ من العجز المائى حينئذا علما بان العجز المائى وصل الى 42 مليار فى عام 2010.

وفى النهاية يجب ان نتذكر جميعا اننا لا نملك رافهية الوقت لنضيعه لذا لابد من البدء من الان قبل الغد..

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى