رأى

في ذكرى رحيل رجل محترم!!

أحمد إبراهيم

بقلم: أحمد إبراهيم

إذاعي وكاتب صحفي

أعلم جيداً أن مقالى هذا قد لا يعجب البعض ويغضبهم منى لأنه عن رجل تعرض لظلم شديد وحملات تشويه كبيرة أساءت سمعته لدى الرأى العام رغم أنه كان شخصية وطنية محترمة تولى منصبه الوزارى لمدة 23 عاماً لم يتقاضَ فيها جنيهاً واحداً من الدولة، ولم يتمتع بأى مميزات للمنصب؛ لا حفلات استقبال فى الداخل ولا سفر للخارج ولا إجازات، وكان زاهداً رغم أنه ينتمى إلى أسرة ثرية، وهب حياته كلها للبلد راهباً فى حبه، حيث لا زوجة ولا أولاد، كان يعمل 20 ساعة يومياً، طالته اتهامات كثيرة وتعرض للسجن بعد يناير 2011 ولكن القضاء قضى ببراءته من كل الاتهامات المنسوبة إليه، وكان يصوم الاثنين والخميس أسبوعياً، ويحرص على قضاء فروض الله، ومع ذلك اتهموه بأنه يهودى.

إنه د. يوسف والى، نائب رئيس الوزراء، وزير الزراعة الأسبق، وأشهر من تولوا هذا المنصب، الذى رحل عن دنيانا فى مثل هذا اليوم من العام الماضى، والكتابة عنه لن تنفعه ولن تضره ولن تسعده أو تحزنه فهو الآن عند خالقه فى دار الحق.

الطفرة التى تحققت فى عهده باستصلاح وزراعة أكثر من مليون فدان صحراوى، مع زيادة الإنتاجية بـالبحث العلمى، أنقذت مصر من مجاعة حقيقية فى ظل الزيادة السكانية الكبيرة التى تشهدها سنوياً، وكل من تعامل مع هذا الرجل يعلم جيداً أنه كان شديد الإخلاص لوطنه، ونظيف القلب واليد واللسان، وكان لا يقبل الهدايا إطلاقاً من أى أحد، وتوجد قاعة فى المتحف الزراعى التابع للوزارة تحتوى كل الهدايا التى تلقاها طوال منصبه.

أحد المعاونين له حكى لى عن السيف الذهب والمصحف المكتوب بمياه الذهب، هدية أمير الكويت التى رفضها يوسف والى، واستدعى مدير المتحف لتسلم الهدية بنفسه أمام السفير الكويتى؛ حتى يعلم أن هديتهم ذهبت للدولة، كذلك رفضه دعوة ملكية فاخرة لقضاء فريضة الحج، قائلاً للسفير السعودى إنه أدى الفريضة على نفقته الخاصة، الحكايات والقصص كثيرة عن زهد الرجل وتواضعه وحياته البسيطة جداً، وعن احترامه للصغير قبل الكبير، والفقير قبل الغنى، وعن إنجازاته وزياراته إلى العمال فى المزارع وتوزيع أموال من جيبه عليهم.

تواضع «والى» كان يجعله يجلس بجوار سائقه، ويسير دون حراسة، ويركب «تاكسى» أو حتى سيارة ربع نقل فى تحركاته، رغم أنه كان الرجل القوى فى الدولة والحزب الحاكم.

يوسف والى كان رحيماً بـالفلاحين، مدافعاً عن حقوقهم، وبصرف النظر عن أن القضاء أنصفه ولكن لا يمكن لشخص محبوب من كل البشر بهذا الشكل أن يكون فاسداً أو خائناً لأن حب ورضاء الناس من رضاء ربهم.

الكتابة عن رجل متوفى لا تضيف للكاتب شيئاً ولكنها لمسة وفاء لتلك القيمة التى يجب ترسيخها فى المجتمع وغرسها فى نفوس الشباب لأن مصر لا يمكن أن تنسى أبناءها المخلصين الذين قدموا لها خدمات جليلة حتى لو رحلوا عن دنيانا.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى