«فيروس الكورونا».. المرض القاتل حول العالم

كتب: د.صفوت كمال يتزايد القلق من معدل انتشار فيروس الكورونا لما أقرت منظمة الصحة العالمية تسميته بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وحسب منظمة الصحة العالمية ومركز الوقاية من الأمراض في الولايات المتحدة ليس هناك جديد فيما يتعلق بالبحوث الطبية الخاصة بالفيروس، كما أنه لا يوجد علاج محدود (مضاد حيوي أو غيره) باستثناء الأدوية التي تعطي لمعالجة الأعراض وتخشي الهيئات الصحية العالمية من تزايد انتقال الفيروس من شخص لآخر وكذلك انتقاله من بلد لآخر.

ما فيروس الكورونا؟

يعرف الآن فيروس الكورونا الجديد هذا باسم فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط وقد اطلقت عليه هذه التسمية مجموعة الدراسة الخاصة بـفيروس الكورونا والتابعة للجنة الدولية لتصنيف الفيروسات في مايو 2013 وينتمي هذا الفيروس لعائلة الفيروسات التاجية.

ما الفيروسات التاجية؟

عرفت هذه الفيروسات عام 1960 وسميت بهذا الأسم بسبب أتخاذها شكلاً يشبه التاج ويسبب هذا النوع من الفيروسات أمراضاً رئوية تصيب الأنسان والحيوان علي حدي سواء ويمكن أن تسبب نزلات البرد وفي بعض الحالات يمكن أن تسبب المرض النفسي الحاد (سارس) وهو الأشد خطورة من الفيروسات التاجية الي الآن وقد تصيب هذه الفيروسات الإنسان والحيوان وتصيب نوع واحد من الحيوانات أو عدد قليل من الأنواع الحيوانيةالمتشابهة فيما بينها على الأكثر ولكن السارس يمكنة أن يصيب الانسان  بما في ذلك القرود والقطط والكلاب والقوارض. وهذه الفيروسات ضعيفة للغاية فتبقي علي قيد الحياة لمدة يوم واحد فقط وتموت بالمعقمات ومواد التنظيف العادية ويتحسن المريض ويتعافي بلا علاج في بعض الحالات.

الي أي درجة يعتبر الفيروس معدياً؟

تؤكد وكالة الحماية الصحية البريطانية أن انتقال الفيروس قد يبدو محدوداً ولوكان معدياً والي حد بعيد لكانت حالات الإصابة حالياً اكثر ولكانت حالات الإصابة منتشرة في عدد أكبر من الدول خصوصاً أن فترة حضانة الفيروس لا تتجاوز 7 أيام ويمكن الاحتفاظ بقدرته المرضية خارج الجسم لمدة 6 أيام في بيئة سائلة و3 ساعات علي الأسطح الجافة ومما يخفف مخاطر انتقال الفيروس علي نحو كبير أنه من النوع الذي يموت بعد 24 ساعة من خروجه من الجسم ويمكن بسهولة القضاء عليه عبر المنظفات والمعقمات لذا تجد وكالة الوقاية الصحية اليريطانية أن فرص أنتقالة  بين البشر علي نحو كبير لا يزال بعيداً.

أين حدثت العدوي؟

تعد الكورونا فيروساً شائعاً في جميع أنحاء العالم وهي تسبب نزلات البرد عادة ولكن فيروس الكورونا الجديد سبب ما بين أبريل 2012 الي مايو 2013 مرضاً في الجهاز التنفسي لأربعة وثلاثين شخصاً من 6 بلدان وهي السعودية وقطر والأردن والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة وفرنسا واشتملت الأعراض علي الحمي والسعال وضيق التنفس وتوفي 20 شخص من بين الحالات الأربعة والثلاثون وتم تأكيد الإصابة الأولي عام 2012 وكان المصاب رجلاً يبلغ من العمر 60 سنة وتوفي في المملكة العربية السعودية أما المصاب الثاني فكان قطرياً يبلغ من العمر 49 عام وقد ظهرت عليه الأعراض في سبتمبر وتم تأكيد اصابته من قبل معامل وكالة الوقاية الصحية في كولينديل شمال لندن.

ولا تزال المعلومات المتوفرة حالياً بشأن الإصابة وأنتقالها محدودة لكن في حالات الإصابة المؤكدة عاني المصابون من ارتفاع الحرارة والسعال وصعوبة في التنفس ومن غير المعروف حتي الأن ما اذا كانت الأعراض التي تسببها الإصابة متطابقة لدي كل المصابين أم أنها تختلف جسب حالة المصاب.

ويختلف هذا الفيروس أيضاً عن فيروس الكورونا الذي سبب السارس عام 2003 ولكن كما هي الحال مع السارس يعد فيروس الكورونا الجديد هو الاكثر مشابهة للكورونا الموجودة في الخفافيش ولا يزال يجادلون معرفة مصدر الفيروس وكيفية انتشاره.

ما مصدر الفيروس الجديد؟

لا أحد يدري الي الأن اين ظهر الفيروس لأول مرة وقد يكون كورونا نتيجة تحول فيروس آخر وبعض حالات العدوي أتت من فيروسات كانت تنتقل بين الحيوانات والطيور تعرف هذه الإصابات علمياً بالأمراض الحيوانية المنشأ وهذا يؤدي في بعض الأحيان الي إصابات بشرية طفيفة أيا وخطيرة أحياناً. وقد يكون هناك احتمالات لمصدر هذه السلالات من الفيروسات الجديدة:

1- قد يكون أحد فيروسات الكورونا التي تصيب الإنسان سابقة الذكر قد حدث لها طفرة وبالتالي أصبحت السلالة الجديدة قادرة علي إصابة الكلي وهي الخاصية غير موجودة في فيروسات الكورونا الأخري.

2- قد يكون الفيروس أحد فيروسات الكورونا التي تصيب الحيوان في الأصل نتيجة لإصابة الإنسان به أصبح الفيروس تحت ضغط مما أدي الي تكييف و أصبح قادراً علي إصابة الإنسان وبالتالي قدراته الإضافية تمثلت في القدرة علي إصابة خلايا الكلي بدلاً من إصابة الجهاز التنفسي فقط ويعتقد أن الخفافيش هي مصدر الفيروس الأساسي ولكن لم يثبت بشكل قطعي.

وفي دراسة حديثة تمكن فريق طبي مشترك من وزارة الصحة السعودية مع جامعة كولومبيا الأمريكية ومختبرات ايكو لاب الأمريكية من عزل الفيروس من أحدي العينات من الخفافيش وذكرت الدراسة أن فحص البلمرة الجزئية الخاصة بالفيروس قد أجري علي عينات جمعت من 96 خفاشاً تمثل 7 فصائل مختلفة و ايضاً علي 732 عينة من مختلف الخفافيش التي سجلت فيها حالات مؤكدة للمرض في السعودية و أضافت أن عينة واحدة من الخفافيش حي أكل للحشرات اظهرت وجود تركيبة مطابقة 100 % لفيروس كورونا متلازمة الشرق الأوسط التنفسية كما أظهرت أيضاً وجود فيروسات أخري من فصيلة كورونا في 28 % من العينات التي تم فحصها.

بينما أظهرت دراسة أخري أعدها فريق هولندي نشرت في دوريةلانست للأمراض المعدية أن الجمال وحيدة السنام قد تكون مصدر للفيروس التي تستخدم في المنطقة من أجل اللحوم والنقل والسباقات وجمع فريق البحث الهولندي 349 عينة دم من مجموعة متنوعة من الماشية بما في ذلك الأبل والأبقار والأغنام والماعز من عمان وهولندا وأسبانيا وتشيلي واظهرت الفحوصات وجود أجسام مضادة للفيروس في جميع العينات الخمسين المأخوذة من الأبل ولم يتم العثور علي الأجسام المضادة في باقي الحيوانات. وهذا يوضح دور الجمال المحتمل كمضيف أو حامل وسيط للمرض.

أسباب ظهور سلالات فيروسية جديدة

 يستخدم علماء الفيروسات مصطلح يعرف الفيروسات المنبثقة Emerging viruses أي الفيروسات التي تكيفت في ظروف غير الظروف الإعتيادية لنموها مما أدي الي ظهور سلالة جديدة تتسم بخاصة جديدةتتمثل في قدرتها علي إصابة خلايا عائل جديد وهناك عاملان رئيسيان يعود لهما زيادة أحتمالية ظهور فيروس الكورونا الجديد من آن لآخر.

1- معلات التطفير في هذا النوع من الفيروسات عالية جداً فنظر لإفتقار أنزيم التكاثر في هذه الفيروسات مثل خاصة تصحيح الاخطاء proof-reading في تسلسل القواعد النيتروجينية أثناء التكاثر.

2- هناك ظاهرة وراثية تعرف باسم معاودة الأرتباط recombination تؤدي الي دمج وإرتباط جزء من جين معين مع جزء من جين آخر أثناء تكاثر الفيروس مما يؤدي الي ظهور سلالة فيروسية لها خاصية أمراضية جديدة.

بالإضافة الي السببين السابقين هناك العديد من العوامل محفزة لظهور سلاسل جديدة مثل سفر الإنسان مسافات بعيدة أو التنقل بين البلدان ونقل المواشي من بلاد لأخري وقطع الغابات وتغير الظروف المناخية بالإضافة الي وفرة الغابات التي تتغذي عليها القوارض مثل الفئران لزيادة اعدادها وبالتالي زيادة نسبة تعرضالإنسان للفئران وساهم ذلك في إنتقال فيروس Hanta من الفئران للإنسان.

إذن يمكن القول أنه نتيجة الي قدرة الفيروسات وخصوصاً التي مادتها هي DNA علي التكاثر المستمر ونتيجة لزيادة إحتمالية حدوث ظاهرة معاودة الأرتباط في المادة الوراثية وتحت الضغوط البيئية الطبيعية ونتيجة لنشاط الإنسان أصبح ظهور سلالات فيروسية جديدة أكثر احتمالاً.

ـ الفحوصات المعملية: الفحص بتقنية التفاعل المتسلسل للبوليميراز (PCR) ويتضمن تضخيم عينات صغيرة من الحمض النووي DNA لإكتشاف أي أثر للفيروس عليه وأيضاً بالإختبارات المصلية والكشف عن الفيروس بالميكروسكوب الالكتروني.

هل الخفافيش مصدراً للعدوي؟

 تبين مؤخراً أن الفيروس توجد صلة جينية بينه وبين فيروس تم التعرف عليه في الخفافيش في جنوب أفريقيا ولكن لا يوجد دليل قاطع علي أنه مصدر الفيروس هو الخفافيش.

ما دلالة الإستنتاجية الحديثة المتعلقة بالفيروس الذي وجد بالجمال؟

إن الدراسة الحديثة التي أعدها رو يسكن وزملاؤه تشير الي أن فيروس الكورونا أو فيروساً مشابهاً له كان يدور في الأونه الأخيرة بين الجمال ومن الضروري مواصلة الدراسة لمعرفة إذا كان الفيروس مماثل بالفعل أم لا للفيروس الذي وجد بالبشر وتوفر الدراسة لمعرفة إذا كان الفيروس مماثل بالفعل أم لا للفيروس الذي وجد بالبشر وتوفر الدراسة إشارة هامة جداً الي مصدر الفيروس كما تعطي توجها لمواصلة استقصاء الأمر ولا تزال تتعين الإجابة عن أهم سؤال أي تحديد نوع تعرض للبشر علي النحو الذي يسبب في أصابتهم ومعظم الحالات التي لم يسبق أن خالطت الجمال مباشرآ وإذا  كانت الجمال أو حيوانات أخري هي المصدر فإن ذلك يعني أن طريقة انتقال الفيروس الي البشر تكون غير مباشرة ومن السابق لأوانه استبعاد امكانية أن تكون حيوانات أخري مستودعاً للفيروس أو مضيفاً وسيطاً ولا يزال من الضروري إجراء تقصيات جديدة التخطيط والهيكل الي جانب نقص التعرض لدي البشر.

كيف ينتقل الفيروس إلي البشر؟

للآن لم يتم التعرف لإجابة ذلك السؤال ومن المستعبد أن يحدث إنتقال الفيروس عن طريق التعرض للجمال المصابة حيثأن عدد قليل من الحالات أبلغ عن التعرض للجمال ومن الضروري إجراء المزيد من التقصيات لبحث حالات التعرض الحديثة وأنشطة الأشخاص المصابين وتعمل منظمة الصحة العالمية مع الوكالة الشريكة ذات الخبرة في مجال صحة الحيوان وسلامة الغذاء بما في ذلك منظمة الأغذية والزراعة والمنظمة العالمية لصحة الحيوان والسلطات الوطنية من أجل تيسير هذه التقصيات.

هل يمكن نقل الفيروس من شخص لآخر؟                  

فعلاص حيث أقرت منظمة الصحة العالمية عن مجموعات لحالات متعددة أنتقل الفيروس بين البشر وقد رصدت مجموعات المرضي هذه في مرافق الرعاية الصحية ومع ذلك فغن آلية انتقال الفيروس غير معروف سواء كانت آلية تنفسية كالسعال أم مخالطة بدنية مباشرة للمريض أم تلوث البيئة من المريض.

أعراض الإصابة الشائعة في الإنسان 

إضطرابات تنفسية حادة مصحوبة بحمي وسعال وضيق تنفس وصعوبة التنفس والتهاب رئوي واحتمال اعراض مرضية معوية بما في ذلك الإسهال واحتمال الإصابة بالفشل الكلوي واحتمال نسبة وفيات تصل الي 50%.

كيفية التعامل مع المرض أثناء الإصابة

وطبيعة الحال لا يمكن أن يعرف المريض بأنه مصاب بهذا المرض تحديداً الا بعد تشخيصه كما لا يوجد علاج نوعي لهذا المرض للأن أنه بشكل عام علي المريض إتباع الآتي :

1- تناول الأدوية الخافضة للحرارة والمسكنات عند الحاجة.

2- الإكثار من السوائل وأخد وقت كافي من الراحة والحفاظ علي تناول الغذاء الصحي.

3- اتباع الإرشادات المتعلقة بالحد من انتقال العدوي ومن أهمها:

ـ استعمال المناديل عند العطس والسعال والتخلص منها بطريقة آمنة في سلة المهملات ثم غسل اليدين جيداً.

ـ غسل الأيدي يصفة دورية وعدم مشاركة الآخرين في الأدوات الخاصة كالأكواب والمعالق والمناشف.

ـ الحد من الخروج خارج المنزل الا للضرورة.

4- في حالة الضرورة أو اشتداد أعراض المرض يجب الإتصال بالطبيب.

5- ينصح كبار السن والمخالطون للإبل والمصابون بالأمراض المزمنة بمراجعة المنشآت الصحية عند الشعور بأي أعراض مرضية.

هل ينبغي تجنب الإنسان مخالطة الحيوانات أو علاقة المنتجات الحيوانية؟  

ينبغي تجنب مخالطة الحيوانات التي تبدو عليها الأعراض وينبغي إتباع الإرشادات الخاصة بالوقاية من المرض خصوصاً غسل الأيدي وتغيير الملابس والأحذية بعد التعامل مع الحيوانات أو ملامسة المنتجات الحيوانية وينبغي عدم ذبح الحيوانات المريضة وتجنب استعمال المنتجات الحيوانية الغير مطهية بما في ذلك الحليب واللحم.

العلاج: من الخطأ إعطاء المريض مضاد حيوي ولا يوجد علاج خاص بالمرض بل يستخدم مضادات الإلتهاب ومسكنات الالم والراحة وتناول العسل والثوم والزنجبيل وحبة البركة.

ـ التحصين: لا يتوفر أي لقاح وقائي يقلل من الإصابة بـفيروس الكورونا لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية للآن.

*مُعد التقرير: أستاذ الميكروبيولوجي بمعهد بحوث الأمصال واللقاحات البيطرية.