رأى

دور البكتيريا في إزالة ملوثات البيئة

د.هند شكري

بقلم: د.هند شكري غريب

باحث أول بمعهد وقاية النباتات – مركز البحوث الزراعية

 تتعدد الملوثات ومصادرها في البيئة ومن أهمها مواد الصباغة – الأدوية – الكيماويات الزراعية – البترول والبتروكيماويات وملوثات أخرى كثيرة وإذا تحدثنا عن ملوثات التربة تحديداً نجد أن الزرنيخ – الرصاص – الكادميوم – الكوبلت – النحاس – النيكل هي أشهر وأهم العناصر السامة في التربة، ولكل منها تركيز حرج يشير إلى ضرورة التخلص منها نظراً لأضرارها البالغة على النبات التي تتمثل في تأخر نمو الجذور أو تثبيط عملية الإنبات وخروج البادرات فوق سطح الأرض.

يفضل عند اختبار تلوث التربة استخدام محاصيل تتميز بسرعة النمو مثل الفول والكرنب والخس والقمح والفجل وغيرها من المحاصيل سريعة النمو.

لقد اتجهت الكثير من الدراسات العلمية حديثاً إلى التخلص من الملوثات البيئية باستخدام الكائنات الدقيقة في عملية تسمى بالمعالجة الحيوية لـملوثات البيئة ويتلخص معناها في اختيار كائن حي دقيق لإزالة هذه الملوثات وينتج من هذا إما إنتاج مركبات جديدة يسهل تحليلها بيئياً أو إنتاج مركبات خاملة غير ضارة للبيئة أو إنتاج مركبات أقل خطورة من المركب الأصلي.

تتميز معالجة ملوثات البيئة باستخدام الكائنات الدقيقة بعدة مميزات أهمها سهولة الاستخدام والنقل وقلة الوزن الجاف وسهولة تكاثرها وقلة وقت عملية المعالجة أيضاً وهذا مقارنة بالوسائل الأخرى المعروف استخدامها في إزالة هذه الملوثات.

تعتبر البكتيريا من أهم الكائنات الدقيقة التي تستخدم في هذه العملية ويرجع هذا إلى قدرتها على تحلل المواد العضوية خاصة السام منها وهي العامل الرئيسي في دوره الكربون والنيتروجين والفوسفور والكبريت في الطبيعة وتحافظ على استمرارية هذه العناصر في التربة بقدر هام وكاف لحياة النبات والحيوان، وتؤدي دوراً هاماً أيضاً في استمرارية وزيادة خصوبة التربة وتعزيز بنيتها.

أكدت الكثير من الدراسات أنه يوجد أكثر من 100 نوع من البكتيريا لها القدرة على تحليل الهيدروكربونات ما يزيد من قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء ويسهل حركة المواد الغذائية ما يساعد على سرعه نمو النبات.

كما أشارت الدراسات أيضاً أنه يوجد ما يقارب الـ10 مليار خلية بكتيرية في كل جرام من التربة تعيش داخل وحول جذور النباتات تعرف بـRhizosphere تشتهر هذه البكتيريا بقدرتها على تثبيت النيتروجين الجوي إلى مواد مفيدة للنبات.

من المعروف عن هذه البكتيريا سرعة استجابتها وحساسيتها للتغيرات في الظروف البيئية المحيطة، إضافه إلى ذلك يوجد كثير من السلالات البكتيرية لديها القدره على إنتاج الهرمونات المحفزة لنمو النبات كما تحفز أيضاً الجهاز المناعي للنبات ما يساهم بشدة في تقليل الأمراض التي تصيب النباتات وزيادة المحصول.

أما إذا تحدثنا عن دور البكتيريا تحديداً في معالجة المخلفات النفطية العالقة بالتربة فقد استطاعت فعلياً تحقيق هذا الهدف ببراعة في مدة لا تتجاوز 42 يوماً، حيث تم استخدام البكتيريا كمستحضر حيوي أطلقت عليه شركة الإنتاج إسم OBT إختصاراً لـOil biodegradation treatment.

لقد أثبتت التجارب القدرة الهائلة لهذا المستحضر في إزالة المخلفات النفطية من التربة والمياه في زمن قصير نسبياً نظراً لأن معالجة شدة وقوة التلوث النفطي بمختلف أشكاله تعد مكلفة وغير فعالة باستخدام الطرق القديمة المعهودة.

لذلك أصبح من الضروري استخدام هذه المستحضرات الحيوية لمعالجة كميات كبيرة من التلوث في زمن يعتبر قصير نسبياً، فضلاً عن كونها صديقة للبيئة، حيث لا يوجد لاستخدامها أي أثار جانبية أو ضارة للبيئة وليس شرط أن يتم استخدام البكتيريا لهذا الهدف كمنتج ولكن من الممكن أيضاً استخدامها في شكلها الطبيعي على هيئة جراثيم عن طريق إكثارها وإنتاجها بأعداد كبيرة لتوضع في المياه أو التربة الملوثة، حيث تقوم البكتيريا هنا بالتغذية على هذه الملوثات وتحويلها إلى ثاني أكسيد الكربون والماء ومركبات بسيطة أخرى غير سامة، وهذا يشير بقوة إلى أن استخدام البكتيريا هو خير علاج ووسيله لإزالة الملوثات البيئية ويوجه الاهتمام إلى الاستخدامات النافعة للبكتيريا في شتى النواحي الهامة في الحياة.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى