رأى

خير الرجال بمركز البحوث الزراعية

أ.د/عمر راضي

بقلم: أ.د/عمر راضي

أستاذ بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية 

تداول أحاديث الرجال وتنقضي ويبقي حديث القضل والحسنات إنني أتحدث في هذه الكلمة المتواضعة عن رجلٍين فرضا احترامهما وتقديرهما على كل من عرفهما وخاصة علماء وباحثي وجموع العاملين بـمركز البحوث الزراعية ووزارة الزراعة واستصلاح الأراضي المصرية وحازا على احترام المجتمع المحيط بهما بكرم أخلاقهما وتواضعهما وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «من تواضع لله رفعه».

لقد تواضعا للكبير والصغير على حدٍ سواء أحبا الجميع وأحبوهما ووقّرا الكبير واحترما الصغير وفتحا بابهما للجميع وكسبا السمعة المشرفة التي لم يكسبها من يمتلكون الأموال الطائلة ومن يديرون الأعمال البارزة.

وهنا ننظر لحاتم الطائي فإننا نجده لم يكن من أصحاب الأموال وإنما كتب اسمه في أفكار وعقول الناس بأحرف من نور وجعل من نفسه علماً بارزاً يضرب به المثل يتناقل الناس قصصه وكرمه أمماً بعد أمم وسطّر سيرته في سجل التاريخ، عجز أصحاب الأموال أن يسطروا في أذهان الناس وذهبوا جميعاً من دنيا الفناء ولم يبق إلا سمعة حاتم الطائي مع كثرة من عاش حوله من البشرية.

إنني أردت في هذه الكلمة أن أعبر عما يخالج نفسي إزاء هذين الرجلين اللذان يستحقان الإطراء الجميل الذي هو أهل لهما الأول العالم الجليل الأستاذ الدكتور صلاح يوسف وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الأسبق، الجريء الذي وقف عملاقا ليدافع عن حقوق زملائه المالية وقالها بصوت عالي تفرغوا لبحوثكم والله جعلني مطالبا بحقوقكم وصدق ووفي بدون قيود، ولا إنكر حقه عندما جلسنا معه في مكتبه حتي الساعات الأولي من الفجر وهو يتواصل مع وزير المالية د. حازم الببلاوي، ووزير التعليم العالي د. معتز خورشيد، د. ماجد الشربيني بالأكاديمية أنذاك حتي صدرت شيكات بدل الجودة لمركزنا الموقر ومركز بحوث الصحراء.

وقال هذا البدل تعديل لجدول المرتبات وبعد أن ترك الوزارة وتحرك مجلس إدارة النادي في كل مكان حتي وصلنا للجنة المسؤولة عن صياغة القرار الجمهوري بمجلس الشوري فلم يتركنا وفتح خطا ساخنا مع د. ممتاز السعيد وزير المالية أنذاك حتي تأكد من توفير الموازنة العامة الخاصة ببدل الجامعة وأبلغني بالخبر في تمام الساعة الثانية والثلث فجرا بفضل الله تعالي وهذا لله ثم للتاريخ ليعلم القاصي والداني حقيقة الأمور.

والثاني هو العالم الجليل الأستاذ الدكتور محمد فتحي عثمان رئيس مركز البحوث الزراعية الأسبق، الذي دافع عنا عندما كشفنا تزوير بعض القرارت الكاذبة من وزير الزراعة أنذاك والتي سطرت بليل دون أساس لها في ملفات وزارة المالية بعد ثلاث سنوات من صدور قرار بدل الجودة 1366 لسنة 2008 صاحب الضربات المتتالية حتي اليوم وتصدي لتصريحات رئيسه المباشر ونصر الحق بقوة وقد رأيناه يناشد كل من حوله برئاسة المركز المالية ليسلكوا مسلك الجامعات في صرف الرواتب كحزمة مجمعة فلما وجد أنه لن يستطيع تغيير تلك المنظومة قدم اعتذاره عن الاستمرار طالما لم يقم بتحقيق المراد لعلماء المركز وباحثيه وعامليه.

إن هذين الرجلين قد أكرمهما الله بكرم الأخلاق وصدق الحديث مما يضعهما في مصاف العربي الكريم حاتم الطائي ليس لأنه يكرم الضيف فقط وإنما كريم ببشاشته وحسن خلقه وأريحيته. فحاتم الطائي يقول: أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله ويخصب عندي والمحل جديبُ فليس من الإكرام أن يكثر القرى ولكنما وجه الكريم طليق إن إكرام كل من أبتلاه الله بتحمل أمانة المسؤولية لمرؤسيه من صفات الإنسان العربي الأصيل التي نعتز بها كأمة عربية وليس مستغرباً في مجتمعنا العربي المصري الكرم ولم نفقد هذه الصفة وإنما الشيء الذي أردت الإلماح إليه هو الصدق والعطاء والتواضع والابتسامة «تبسّمك في وجه أخيك صدقة».

إن المجتمع بحاجةٍ ليس لإكثار القرى وإنما بحاجة لكرم الخلق وبشاشة الوجه وصدق الحديث وحسن التعامل «الدين المعاملة» وهي من صفات الإنسان الفاهم «أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً».

إن هذين الرجلين اللذان تحدثت عنهما عرفتهما كما عرفهما آلاف غيري، فهما رجلان مضيافان قلما يمر يوم بدون ضيافتهما لكل صاحب حاجة أو مشكلة في عمله حتى عابر السبيل حظي بكرمهما.

إنني تعرفت على هذين الرجلين عن قرب ولمحت فيهما من أول وهلة قوة القرار وصدق التصريحات بل والشهامة والخلق والتواضع والعلم والحكمة، إنه حينما يتحدثان أجدهما يمتلئان حكمة وطول تجربة في الحياة ويستفيد من حديثهما الحاضرون ولم أجد أحداً يعرفهما إلا ويثني عليهما وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق».

وللتاريخ نسجل ونختم بقول الشاعر الناس جارٍ في الحياة لِغايةٍ ومضلّلٌ يجري بغير عنانِ المجدُ والشرفُ الرفيعُ صحيفةٌ جعلتْ لها الأخلاقُ كالعنوانِ دقَّاتُ قلبِ المرءِ قائلةٌ له: إن الحياةَ دقائقٌ وثواني فارفعْ لنفسِك بعد موتِك ذِكْرَها فالذِّكْرُ للإنسان عمرٌ ثاني.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى