دولىسلايدر الفلاح اليوم

خوخ إفريقيا مهدد بـ”الانقراض”

الفلاح اليوم ـ الأناضول في غابة صغيرة غير بعيدة عن “دوالا” عاصمة الكاميرون الاقتصادية، انهمك الكاميروني جونسون مبانكوي في إزالة لحاء جذع شجرة بدت متشبّثة بتلك القشور السميكة المتطايرة، تحت وطأة الضربات المتتالية، لتتكوّم يمنة ويسرة تحت أنظار الشاب الذي كان يحصيها بابتسامته الواسعة.

خوخ إفريقيا
خوخ إفريقيا

منذ 3 سنوات، اعتاد الشاب البالغ من العمر 26 عاما، جمع لحاء (الطبقات الخارجية للجذوع) شجر “خوخ إفريقيا”، الذي ينبت في غابات عدد من بلدان القارة السمراء بينها الكاميرون، والمعروف بفوائده في معالجة عدد من الأمراض، حيث يوجد أكثر من 10 أدوية مصنعة في مختبرات أوروبية، مثل “تادينان، بيجينيل، وفيناستيريد”، ممن تعالج بعضها “تضخم البروستاتا الحميد”، وداء “الثعلبة”، تتخذ من لحاء هذه الشجرة “المعجزة” التي يصطلح على تسميتها، علميا، بـ”خوخ أفريكانا”، أساسا لها.

وبسبب الاستغلال المفرط للحاء “خوخ أفريكانا”، عمد القائمون على “معاهدة التجارة العالمية لأصناف الحيوان والنبات البري المهدد بالانقراض”، أو “سايتس” في 2006، إلى تصنيف هذه الشجرة ضمن الأنواع النباتية المهددة بالانقراض.

ومعاهدة “سايتس” تم توقيعها في واشنطن في العام 1973، وبدأ العمل بها في 1975، وتعتبر من أهم المعاهدات الدولية الخاصة بالحفاظ على الأنواع البرية من خطر الانقراض، وذلك من خلال وضع إجراءات تحد من الإتجار الدولي المفرط في تلك الأنواع.

وتصنيف شجرة “خوخ إفريقيا” ضمن الأنواع النباتية المهددة بالانقراض، دفعت الاتحاد الأوروبي إلى حظر استيراد اللحاء الذي يتم جمعه في غابات الكاميرون. وفي العام 2001، وضعت الحكومة الكاميرونية خطة لتنظيم استغلال هذه الشجرة، تضم من بين أهدافها، تدريب المزارعين على طريقة صديقة للبيئة في عملية الجمع.

هذا “الاستغلال البيئي” لـ”خوخ أفريكانا” الذي يسهل التجدد السريع للشجرة، من 3 إلى 5 سنوات بدلا من 25 عاما في حالة “الحصاد البري” غير المنظم، أدى إلى رفع الحظر على واردات الاتحاد الأوروبي، في العام 2011، مقابل تحديد حصص للتصدير خاصة بها.

ويتمثل “الحصاد البري” في إزالة كامل لحاء الشجرة وترك جذعها عاريا تماما، ما يعرضها لخطر الموت.

وفي حالة صمودها أمام خطر الاندثار، ستتطلب الشجرة نحو 20 عاما، لاستعادة كامل قشرتها، في حين لا يجمع المزارعون البيئيون سوى 80% من اللحاء لتحتفظ الشجرة بـ20% من الغلاف على كامل محيطها، وفق “لورانس شيابي”، تقني في المجال الزراعي الذي يكرس بعضا من وقته بمواقع استغلال “خوخ إفريقيا”، للاطمئنان على مدى التزام الفلاحين بتطبيق أساليب الحصاد البيئي، بحسب تعبيره.

“شيابي” أضاف لـ”الأناضول”، أن الـ20% المتبقية من اللحاء، سيساعد على تجدد سريع للشجرة، ويضمن للمزارع إمكانية العودة القريبة للجمع مرة أخرى، مشيرا إلى أن بعض الحالات اقتضت توصية بعدم جمع سوى ثلاثة أخماس اللحاء، بسبب ضعف نمو بعض الأشجار.

وعلاوة على الاستغلال الجزئي لـ”خوخ افريكانا”، بدأ الفلاحون زراعة هذه الشجرة، عبر توسيع مساحات المزارع الموجودة وإقامة أخرى جديدة، إضافة إلى إنشاء مشاتل غير بعيدة عن مواقع “حصاد” اللحاء، وفق المصدر نفسه.

وفي هذا الاتجاه، تحدث “جوناثان نجونج”، صاحب أحد المشاتل الذي التقته “الأناضول” بمقر مشروعه، قائلا: “منذ عام أسست هذا المشتل. وفي السنة الماضية، وزعت نحو مليونين و300 ألف نبتة خوخ، حتى أنني لم أتمكن من تلبية طلبات المزارعين المكثفة”.

ويتم جمع لحاء شجر “خوخ أفريكانا” من أماكن مختلفة من البلاد، لتنقل، في مرحلة لاحقة، إلى مدينة “دوالا”، حيث “يجفف ويدق إلى أن يتحول إلى مسحوق ويتم تصديره إلى أوروبا”، وفق نجونج.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى