رئيس التحرير

خناقة قناة مصر الزراعية!!

بقلم: د.أسامة بدير

خلال الساعات الماضية شهدت صفحات التواصل الاجتماعي “فيس بوك” حالة من السخط والاعتراض وتبادل الاتهامات بالتضليل والكذب وصلت لدرجة الاشتباك اللفظي، وانتقلت هذه الحالة إلى بوابات وصفحات أحد المواقع الإخبارية التي تم اتهامها بأنها باتت تمثل الصحافة الصفراء لما تروجه من أكاذيب ومسخ عقول متابعيها بما ينافي الحقائق والبراهين، على حد قول أحد أطراف الواقعة.

قبل سرد الواقعة بخلاصة لا تخل بها أو تسقط أيا من أبطالها، وجب علي التأكيد للقاريء العزيز الذي دائما وأبدا احترم عقله وكينونته على أنني أقدر جميع من سيرد اسمه، فضلا عن أنني ليس من دوري ككاتب مقال رأي ورئيس تحرير لموقع زراعي هام بات من أفضل وأهم المواقع الإلكترونية الزراعية بمصر – وفقا لرسالة دكتوراه تم مناقشتها مؤخرا في كلية الإعلام بجامعة القاهرة –  أن ألقي بالتهم على أحد من غير سند أتابعه بأم عيني.

الواقعة باختصار شديد أن الدكتور صلاح يوسف وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الأسبق، نفى التصريحات التي وردت على لسان الدكتور محمد مصطفى الجارحي – وكيل مركز البحوث الزراعية الأسبق، بشأن تفاصيل إنشاء قناة مصر الزراعية، والتي ذكر فيها أن الفضل يعود إلى الدكتور أيمن فريد أبوحديد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الأسبق، لافتا أن فكرة إنشاء القناة ولدت وتم اتخاذ بعض الخطوات التنفيذية تمهيدا لانطلاقها في عهده، لكن التعديل الوزاري أرجأ استكمال خطوات التنفيذ.

على إثر هذه التصريحات، صاغ الدكتور صلاح يوسف عدد من التدوينات على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، يحكي فيها تفاصيل إنشاء قناة مصر الزراعية، ودوره البارز في ذلك، مؤكدا على أنه صاحب فكرة إنشاء القناة، لافتا أن جميع خطوات التنفيذ تم اتخاذها إبان توليه وزارة الزراعة خلفا للدكتور أيمن فريد أبوحديد.

الغريب في الواقعة، دخول أحد المواقع الإخبارية على خط تلك الأزمة داعمة رأي نسب فضل إنشاء القناة وفكرة تأسيسها للدكتور أيمن فريد أبوحديد، وهو ما أدى إلى تصاعد حدة الأزمة، وبدا الإحساس اليقيني للدكتور صلاح يوسف، بأن الأمر يستدعي الرد بقوة على هذه الأكاذيب، على حد قوله.

اتهم الدكتور صلاح يوسف، هذه البوابة الإلكترونية بالكذب وتلفيق الأخبار وأنها بعافية شديدة، متابعا “وربما يجب اعتزالها لنشرها أخبار بمثابة كورونا إعلاميا أو على الأقل تحصين العقول ضد مفاسد مقالاتها المدسوسة بين الجيد منها حتى تبرأ بإذن الله وتعود إلى الطريق الصحيح”.

عزيزي القارىء.. اسمح لي أن أقف عند هذا الحد من فصول الواقعة، وإن كانت أحداثها لازالت تدور رحاها في أروقة الوزارة والقناة نفسها بين بعض القيادات والعاملين فيهما من مؤيد ومعارض لرواية دون الآخرى، وإن توقف التناول الإعلامي لهذه الأزمة حتى إعداد سطور هذا المقال.

الشاهد، أن هذه الواقعة برمتها لا يمكنني أن انحاز لطرف ضد آخر، فكلاهما قامتين علميتين تستحقا كل التقدير والاحترام، ولتهنأ مصر بهما لما بذلا من جهود متميزة ساهمت بشكل كبير في تنمية القطاع الزراعي خلال فترة عملهما سواء كقيادات تقود دفة العمل بالوزارة أو بأحد المؤسسات التابعة، وحتى بعد انتهاء فترة عملهما كمسئولين وعودتهما إلى صفوف علماء وباحثي مركز البحوث الزراعية أو الوزارة.

دائما ما أنظر لجميع قيادات وزارة الزراعة بداية من الوزير المكلف وحتى أدنى مسئول بعين الاعتبار والاحترام والجميع يبذلون أقصى الجهود من أجل تحقيق إنجازات تساعد على نهضة الزراعة المصرية دعما للاقتصاد الوطني، لكن ربما تختلف الرؤى أو تنطلق الطموحات من أبعاد ومرجعيات قد تتقاطع معا وصولا لإنجازات حقيقية أو تتباعد أفكار البعض عن المسار العام للدولة المصرية.

يقيني، أن هذه الخناقة بالمعنى الراقي للكلمة هى لا تعنيني في حد ذاتها، وأنا لا أقول في سطور هذا المقال رأيي فيما حدث، فأنا دائما مع كل جهد يبذله قيادات الوزارة من أجل الفلاح وتقدم وازدهار الدولة المصرية سواء قام به هذا أو ذاك.

لكن أصابني قدر كبير من الدهشة بل أنها تخطت مراحل كثيرة لتصيبني بالألم والحسرة والمرارة جراء متابعتي لتفاصيل ما حدث من كلا الشخصين السالف ذكرهما حول.. بدءا من فكرة إنشاء قناة مصر الزراعية وانتهاءا بانطلاق إشارة البدء، والذي تمثل في أنني لم أجد اسم معهد بحوث الإرشاد الزراعي في ثنايا الوقائع التي ذكرها كلا الطرفين، ولا حتى اسم أحد من العاملين بالهيئة البحثية بالمعهد سواء “رئيس بحوث” أو “باحث أول” أو “باحث” أو “باحث مساعد” أو “مساعد باحث”، وتلك طامة كبرى تدفع قناة مصر الزراعية ثمنها حتى الآن، وبل وملايين الفلاحين في طول مصر وعرضها يدفعون ثمن غال جراء هذا الخطأ الفادح.

والسؤال الذي أطرحه على كلا الطرفين: الدكتور صلاح يوسف وزير الزراعة الأسبق، والدكتور محمد مصطفى الجارحي – وكيل مركز البحوث الزراعية الأسبق، كيف ولماذا يمكن أن تفكرا أنتما أو غيركما بإنشاء منصة إرشادية زراعية جماهيرية من غير الاستعانة بعلماء وباحثي صرح علمي كبير وعظيم اسمه معهد بحوث الإرشاد الزراعي؟

وأخيرا، أقول لكلا الطرفين وللجميع، أن فكرة إنشاء قناة مصر الزراعية وآليات تنفيذها ليست ملكا لأحد ممن ذكرتما، وإنما الحقيقة الدامغة التي لا تأويل فيها ومن غير أدنى شك أن الفكرة والآليات موجودة وحق ملكيتهما الفكرية هى لعلماء وباحثي معهد الإرشاد الزراعي، فهى توصية وردت ضمن عشرات التوصيات التي أنتجتها عشرات الأبحاث والدراسات بالمعهد منذ ثمانينيات القرن الماضي.

ومن يريد الاطلاع على تلك الحقيقة عليه التوجه إلى المكتبة الخاصة بـمعهد الإرشاد الزراعي ويطالع فيها عشرات الرسائل العلمية التي أعدها الباحثين بالمعهد منذ أكثر من عقدين من الزمان ليجد بنفسه التوصية بضرورة إنشاء منصة إعلامية إرشادية زراعية تخاطب ملايين الفلاحين بلغة سهلة ومبسطة للغاية في جميع شئون حياتهم الزراعية والاجتماعية والثقافية والصحية والدينية أملا في بناء مجتمع ريفي قوي يحقق لمصرنا الحبيبة كل رقي وازدهار.

للمرة المليون، أقولها بأعلى صوتي، ياسادة معهد بحوث الإرشاد الزراعي به كفاءات على أعلى مستوى تستطيع أن تقود العمل بـقناة مصر الزراعية وغيرها من المنصات الإعلامية الإرشادية الرسمية بمنهجية العلم التطبيقي بهدف الوصول لملايين الفلاحين لأنها ستعبر عن لسان حالهم “هيئتهم وكلامهم وسلوكهم وحركات جسدهم وبيئتهم”.

في ختام سطور هذا المقال، يجب ألا أغفل الجهود التي تبذل من قبل العاملين في قناة مصر الزراعية، لكن لا يزال الأمر يحتاج إلى دراية كبيرة بالأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وتوظيفها مع بعض الخبرات الإعلامية المتاحة بالقناة لتكون قادرة على اختراق كافة حواجز البنيان الاجتماعي للمجتمع الريفي لتحقيق الغرض المنشود منها.

للتواصل مع الكاتب
[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. لقد ناديت إن أسمعت حياً…

    يادكتور أسامه بدير
    هناك قاعدة إدارية مؤداها أن الأفكار الجيدة الخاصة بتطوير المنظمة إذا جاءت إلى القيادات العليا من أحد العاملين فى المستويات الأدنى …لاتلقى اهتمام..بل وقد تسخف بقدر المستطاع…إذ كيف يكون لعامل ان يقترح على رئيسه الأعلى فكرة لم تخطر على باله وهو الجهبذ على رأس المنظمة…كدا عيب قوى…إلاّ إذا قام صاحب الفكرة بإهدائها للرئيس الأعلى على قمة المنظمة ونسبها إليه وحكم على نفسة بأن يكون طبالاً أو مقدماً للقرابين…هنا ستنفذ الفكرة باعتبارها من أمهات أفكار الزعيم على رأس التنظيم…. وستكون هناك مكانة أوترقية أو علاوة لمن قام بتقديم القربان…هذا فى المجتمعات المتخلفة ( النامية) مثل مجتمعنا المصرى …وأنا حالياً أمر بموقف له من السخف والسخافة الإدارية ما يجعلك محبطاً…من سوء الرد من موظفين بمكتب الوزير …أقل مايوصفون به هو الجليطة الإدارية الفجة…التى لاتشجع على الإتصال بالوزير مرة أخرى…رغم أن شجع على الإتصال به من خلال جريدة الفلاح اليوم…. مافيش فايدة… كلما استشرنا خيراً..صدمنا … وسوف أعرضه كاملاً هنا على صفحات جريدة الفلاح اليوم التى كانت سبباً فى خيبة ظنى يقوله المسئول على قمة الهرم التنظيمى … ولننتظر كمان أسبوع أو إتنين…وسوف أرسل لك أحداثاً مؤسفة….
    أما بخصوص قناة مصر الزراعية..فأنا متيقن أن إرهاصات فكرة إنشائها كانت منذ 20 عاماً…منذ برنامج ” سر الأرض” لو تتذكر… ولكن البعض يحلوا له طمس الحقيقة …التى ذكرتها حضرتك …وهى التوصية بهذه القناة من خلال بحوث ودراسات قسم الطرق ولمعينات الإرشادية بمعهد بحوث الإرشاد الزراعى الذى أتشرف بالإنتماء إليه…وأخيراً تقبل تحياتى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى