رئيس التحرير

خلص نفسك!

د/أسامة بدير

بقلم: د.أسامة بدير

رُبما يكون شعار المرحلة التى يمر بها المجتمع المصرى الآن “خلص نفسك” أقرب إلى الواقع الذى بات يُنذر بكارثة على الصعيد الاجتماعى والاقتصادى، على اعتبار أن ثمة حزمة من المُثيرات والمواقف والأحداث الاجتماعية التى يتعرض لها المواطن الريفى والحضرى على السواء بشكل يومى ينطبق عليها هذا الشعار.

“خلص نفسك” شعار بين ثنياها يحمل جميع قيم السلبية واللامبالاة فى الواقع الاجتماعى، وأثناء التعاملات الاقتصادية والخدمية التى يقوم بها المواطن على مدار الساعة، فى ظل صراع مرير بين الكرامة الإنسانية والرغبة فى البقاء بأى ثمن حتى ولو كانت الفاتورة أعراض وجماجم أشقائه فى الوطن.

الشاهد، أننى كل يوم وأنا فى طريقى لعملى اتابع وجوه الناس، ولغة عيوانهم التى قد تعطينى أمل فى يوم جديد من حياة ملايين المصريين.. يوم يتسم بالعمل الجاد، والكفاح الشريف من أجل الحياة الكريمة وبناء المستقبل، لكن مع مرور ساعات اليوم وتعدد مواقف الاشتباك الاجتماعى، تنهزم روح الأمل، وتهدر الطاقة الإيجابية، وتُدنس الحقوق الإنسانية بأحط الألفاظ.

البلطجة والفهلوة والتملق جميعها سيطرت على القاموس الاجتماعى لحياة ملايين المصريين فى بيئة باتت مسمومة بجميع أنواع المبيدات اللفظية والملوثات البصرية، التى ساهمت بشكل كبير فى خنق حالة الجمال والهدوء وروعة الابتكار فى الأداء، والتميز والإبداع فى التفكير.

لقد بات نسيج شبكة العلاقات الاجتماعية الذى يُحيط بمكونات المجتمع ومفرداته مصاب بالعديد من الأمراض الخطيرة والمزمنة، من هذا الشعار البغيض “خلص نفسك” الذى أحكم قبضته على جميع تعاملات أفراد المجتمع باختلاف ثقافتهم وتوجهاتهم الأيديولوجية فى ظل منظومة سيطر عليها عُصبة من الجهلاء والمنتفعين الذين يُهدرون مقدرات الوطن بشتى الصور تحت مسميات زائفة لا علاقة لها بالواقع الذى يحيا فيه عموم المصريين.

أتمنى أن نتخلص فى أسرع وقت من جميع مفردات هذا الشعار الذى يُحيط واقعنا الاجتماعى، لانه إذا استمر والحال كذلك، ربما سيتحول المجتمع إلى بيئة حاضنة لكل أعمال التطرف والإرهاب بالمفهوم الاجتماعى للمصطلح، ومعه سيصبح واقعنا الذى نعيشه يشكل خطورة بالغة على برامج وخطط التنمية التى تستهدف فى المقام الأول بناء ودعم قدرات الإنسان صناعها ومستقبل إنجازاتها.

أدعو عموم المصريين إلى نبذ شعار “خلص نفسك” وجعله من الماضى السحيق، حتى تستقيم سلوكياتنا وفق آليات الضبط الاجتماعى، لتُكتب لنا النجاة من المصير المجهول الذى ينتظرنا جميعا، إذا تجاهلنا بعمد أو لامبالاة، هذا التوجيه الذى يأتى بعد رصد وتحليل للأحداث الاجتماعية التى شهدها المجتمع خلال العقد الأخير.

للتواصل مع الكاتب

[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى