رأى

حوكمة المياه الفعالة قاطرة الأمن المائي والزراعي

أ.د/علاء البابلي

بقلم: أ.د/علاء البابلي

مدير معهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية وخبير المياه الدولي

إن أزمة المياه هي أزمة في ممارسات الحوكمة وتشمل أوجه قصور حوكمة المياه الفشل في توفير المياه الكافية للمناطق الفقيرة والمُهمَّشة، وقلة الاهتمام بتشريعات المياه

والبنية التحتية، والعجز عن تحقيق التوازن بين الاحتياجات الاجتماعية الاقتصادية والبيئية.

ترتكز قرارات المياه في نظم الحوكمة على ثلاثة مستويات: الحكومة، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص. يمثل تيسير عقد الحوارات والشراكات بين هذه المستويات أمر بالغ الأهمية لإصلاح حوكمة المياه وتطبيقها. وتتضمن حوكمة المياه ما يلي:

الكفاءة والعدالة في توزيع المياه وتخصيصها، وتكامل مقاربات إدارة المياه؛ صياغة سياسات المياه والتشريعات والمؤسسات وتوثيقها وتنفيذها؛ توضيح أدوار الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص ومسؤولياتها إزاء امتلاك المياه وتنظيمها وإدارتها..

يشير مصطلح “حوكمة المياه”  إلى النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية الرامية إلى تطوير وإدارة الموارد المائية وتقديم خدمات المياه. حوكمة المياه تشمل الآليات والعمليات والمؤسسات التي تسمح لأصحاب المصلحة – بمن فيهم المواطنون ومجموعات المصالح – تحديد الأولويات، وممارسة الحقوق القانونية، والوفاء بالالتزامات، والتفاوض لحل الخلافات. كما أن القرارات المعنية بمجالات التنمية الأوسع نطاقا تؤثِّر في حوكمة المياه.

وتعتمد حوكمة المياه على أربع ركائز: الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والسياسية ويشير البعد الاجتماعي إلى الاستعمال المنصف للمياه؛ في حين يُقصَد بالبُعد الاقتصادي ترشيد استهلاك المياه ودور المياه في النمو الاقتصادي؛ ويقتضي البُعد السياسي طرح فرص ديمقراطية متكافئة أمام جميع أصحاب المصلحة للتأثير ومراقبة العمليات والنتائج السياسية، وتحقيق عدالة توزيع المياه على مستوى النساء والفئات الضعيفة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا؛ وأخيرا، يهدف البعد البيئي إلى استدامة استعمال المياه وخدمات النظام البيئي.

لا تعتمد حوكمة المياه على مؤسسات بعينها وحسب، وإنما على سياق الحوكمة أيضا.  ومن ضمن العناصر الرئيسية للحوكمة الرشيدة: الشفافية، والمساءلة، والمقاربات القائمة على المشاركة، والإنصاف بين الجنسين، وتوفير المعلومات. ولابد من التفاعل بين المجتمع المدني والقطاعين الخاص والعام لضمان التطور في إصلاح وتنفيذ نظم حوكمة المياه التي تخصص حصص المياه.

كما تحتاج الحوكمة إلى عنصري التحسن والمرونة المستمرين عند مواجهة تحديات جديدة.  ولن يكون بالإمكان  حتى في حالة صياغة مبادئ توجيهية عامة وضع نماذج فريدة. ويمكن أن توفر مقاربة الإدارة المتكاملة للموارد المائية إطارا للمبادئ والممارسات الجيدة التي تضمن فعالية حوكمة المياه.

تشمل أهداف الإدارة المتكاملة للموارد المائية

تحسين الضوابط المؤسسية، وتعزيز الإصلاحات وتحسين التنسيق والتماسك بين جميع القطاعات؛ تحديد الأدوات القانونية والتنظيمية الملائمة وإنفاذها؛ ووضع ضوابط حقوق المياه وتراخيصها والمعايير البيئية، بما في ذلك «مبدأ الملوِّث يدفع ؛» وتحديد آليات التفتيش والمراقبة والإنفاذ والتقييم المُستقِل مثل «الشرطة المائية ؛» اقتراح و/أو تحسين الشفافية والمساءلة؛ تعزيز التعاون بين الدول المتشاطئة بشأن الاستخدام المستدام وحماية الموارد المائية العابرة للحدود وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بقانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية؛ حماية النظم البيئية الطبيعية ووقايتها لضمان جودة مياه الشرب، وتعزيز السلع والخدمات البيولوجية والبيئية الضرورية التي تقدمها هذه النظم وضمانها وفقا لاتفاقية التنوع البيولوجي؛ الموازاة بين الإدارة المتكاملة للموارد المائية وسياسات الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية بغية مواجهة التحديات التي تتمثل في التنمية الساحلية السريعة وأزمة التلوث البحري.

وهناك دراسات حديثة وضعت تعريفا جديدا للحوكمة الجيدة للمياه التي تتعامل مع إدارة المياه: تتكون حوكمة المياه من عمليات صنع القرار والمؤسسات المؤثرة في حوكمة المياه، ولا تتضمن النتائج أو الوظائف الإدارية العملية والفنية والروتينية كوضع النماذج، والتنبؤ، وتوظيف العاملين، وبناء البنية التحتية.

تضم مبادئ حوكمة المياه الرشيدة القدرة على (التنبؤ) سيادة القانون (، والأخلاقيات) التصدي للفساد (، والمشاركة المفتوحة والشفافة والكبيرة).

تحتاج الحوكمة الرشيدة إلى الظروف المناسبة والبيئة المواتية؛  وينبغي أن يضم السياق الداعم عملية جماعية لاتخاذ القرارات، ومؤسسات فعالة، وسياسات مناسبة، وأطرا قانونية وسياسية.

ويعتقد الكثيرون أن الحوكمة الفعالة للمياه ترتكز على خمسة أسس: الكفاءة، والاستدامة البيئية والاقتصادية، والاستجابة لاحتياجات التنمية الاجتماعية – الاقتصادية، والمساءلة أمام أصحاب المصلحة والرأي العام، والتمسك بالمُثُل والقيم الأخلاقية. كما أن الانفتاح، والشفافية، والنهج التشاركي، وإشراك أصحاب المصلحة ستؤدي كلها إلى رسم سياسات قابلة للتطبيق، وإلى مزيد من المرونة في عملية اتخاذ القرار.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى