رأى

حقائق حول «فيروس نيباه»

أ.د.علاء الخولي

بقلم: أ.د.علاء الخولي

وكيل البحوث والدراسات بمعهد الأمصال واللقاحات البيطرية بالعباسية

وسط أجواء القلق العالمي لاستمرار جائحة فيروس كورونا (كوفيد-2019) للعام الثاني علي التوالي حيث تخطى عدد المصابين حول العالم حاجز 106 مليون مصاب وحوالي 2,5 مليون حالة وفاة، بالإضافة إلي اكتشاف نسخ منه متحورة يتوقع معها البعض عدم جدوى التحصين باللقاحات المتاحة حالياَ وحاجة الدول إلى الإسراع من معدلات التحصين، وأنباء عن عدم تمكن دول أخرى من الحصول على جرعات كافية من اللقاحات، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن فيروس جديد قد يكون أشد فتكاً من كورونا، وهو فيروس نيباه (Nipah) كواحد من الأمراض المعدية من إجمالي 16 مرضاً التي تشكل خطراً على الصحة العامة، وأنه إلى الآن لا يوجد أي مشروعات بحثية من قبل شركات الأدوية بشأنها، ومنها حمى الوادي المتصدع، ومتلازمة الالتهاب التنفسي الحاد “سارس” SARS  2002، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية “ميرس” MERS 2013.

فيروس نيباه هو فيروس مشترك (zoonotic virus) بمعنى أنه يستخدم الحيوانات في الأصل كعائل يعيش بداخله، وتعتبر خفافيش الفاكهة من فصيلة بيتروبويديدي Pteropodidae (الثعالب الطائرة) هي الحاضن الطبيعي للفيروس وينقلها إلى الخنازير، ومنها للإنسان المخالط لها.

وينتمى فيروس نيباه مع فيروس هندرا لجنس فيروسات هنيبا Henipavirus (مع ستة أجناس أخري وهم: أكواباراميكسو Aquaparamyxovirus وأفيولا Avulavirus وفيرلا Ferlavirus والفيروسات الحصبية Measels والريسبيرو Respirovirus والروبيلا Rubellavirus) التابعين لعائلة الفيروسات المخاطانية: Paramyxoviridae ضمن المجموعة الخامسة V group من رتبة فيروسات ال آرن ا السلبية الأحادية  (-ve ssRNA)، وهي تسبب عدة أمراض في الإنسان والحيوانات والطيور والأسماك.

ويتميز الفيروس بشكله المتغير وفقا للظروف، حجمه الكبير (حوالي 18,2 كيلو قاعدة)  ويتراوح قطره ما بين 40 إلى 600 نانومتر.

وكان أول انتشار للفيروس كوباء قد حدث في ماليزيا في أواخر التسعينيات (1998)، حيث أصيب نحو 260 شخصا، من خلال العدوى من الخنازير، وتمت السيطرة على المرض بالتخلص من أعداد هائلة من الخنازير. وامتد ليصل إلى سنغافورة، ثم عاود الظهور في بنغلاديش (2001م)، واستمر ظهوره بشكل دوري، ثم سجل انتشارا في الهند والفلبين أيضًا ثم في الصين.

كيف ينتقل الفيروس للإنسان؟

ما عرفه العلماء حتى الآن هو الاتصال المباشر غير الآمن مع إفرازات الخنازير المريضة أو أنسجتها الملوثة، وقد تم مؤخرًا توثيق انتقال الفيروس من شخص إلى آخر، بما في ذلك داخل منشآت الرعاية الصحية عند عدم التقيد بالإجراءات الاحترازية (كمامات وقفازات) للوقاية من العدوى.

كما أن استهلاك الفاكهة أو عصائرها (خصوصاً عصير تمور النخيل الخام المنتشر ببعض دول آسيا) أو أطعمة ملوثة بالبول أو اللعاب أو مخلفات خفافيش الفاكهة الحاملة للفيروس أو الخنازير المصابة. بالإضافة إلي أن البعض في آسيا يقومون بجمع براز بعض أنواع الخفافيش وبيعه كسماد عضوي للمزارعين لأنه غنى جداً بالعناصر الضرورية للنبات (النيتروجين والبوتاسيوم والماغسيوم).

لذلك تعتبر آسيا موطن للعديد من مسببات الأمراض المعدية، نظراً لوجود المناطق الاستوائية بها الغنية بـالتنوع البيولوجي، بالإضافة للتقلبات البيئية المتلاحقة والمرتبطة بتصرفات الإنسان مع التحضر والمد السكاني مثل إزالة الغابات والتنمية الزراعية مما أدي إلي زيادة الاتصال والتقارب بين الناس والحيوانات البرية ومخلفاتها في هذه المناطق مما يزيد من فرص انتشار المسببات المرضية ذات الأصل الحيواني ونشوء فيروسات جديدة تصيب الإنسان.

ما الأعراض التي تظهر علي الإنسان المصاب بالفيروس؟

فترة الحضانة (الفترة من اكتساب العدوى إلى ظهور الأعراض): تبدأ الأعراض بعد فترة حضانة بين 4 – 14 يوم وقد تصل لـ45 يوما من الإصابة (فترة تكاثر الفيروس داخل الجسم المصاب).

قد تمر الإصابة بدون أعراض، وفي بعض الحالات يسبب التهابًا حادًّا في الجهاز التنفسي، والتهاب الدماغ (أنسجة المخ)؛ حيث يصاب الأشخاص المصابون في البداية بأعراض تشبه أعراض الأنفلونزا (الحمى، والصداع، وألم في العضلات، والقيء، والتهاب الحلق).

كما يمكن أن يتبعه دوار، ونعاس، وتغير في الوعي، والتي قد تظهر عند تأثر الجهاز العصبي مشيرة إلى التهاب الدماغ الحاد، حيث يمكن أن يحدث التهاب الدماغ والتشنجات في الحالات الشديدة، والتي قد تتطور إلى غيبوبة والوفاة في غضون 24 إلى 48 ساعة.

ـ طرق الكشف: إجراء فحوص الدم تساعد على تشخيص الإصابة بعدوى الفيروس، مع طرق أخرى تأكيدية وهي: دراسة مجهرية للأنسجة ـ تفاعل البلمرة المتسلسل (PCR) للكشف عن الحمض النووي للفيروس ـ اختبار الاليزا المناعي.

ـ العلاج: حاليًا لا توجد أي أدوية أو لقاحات خاصة بعدوى بفيروس نيباه، بالرغم من توجيه منظمة الصحة العالمية له كأولوية للبحث والتطوير؛ وينصح بالرعاية المكثفة لعلاج مضاعفات الجهاز التنفسي والعصبي الشديدة. ويتعافى معظم المصابين بشكل كامل من الفيروس، على الرغم من أن البعض قد يصاب بحالات عصبية بعد زوال الفيروس نتيجة لالتهاب الدماغ الحاد، مع احتمال حدوث انتكاسات في بعض الحالات وقد يصل معدل الوفيات للحالات شديدة الإصابة لـ 40٪ إلى 75٪.

الوقاية: بزيادة الوعي بين الناس بعوامل العدوى والإجراءات التي يمكنهم اتخاذها للحد من التعرض له، وذلك عن طريق:

1ـ غسل الثمار جيدًا قبل استهلاكها أو تصنيعها، مع الالتزام باشتراطات الصحة العامة والنظافة والتطهير.

2ـ منع وصول الخفافيش إلى المنتجات الغذائية الطازجة وعدم تناول الثمار عند ملاحظة علامة لدغ الخفافيش وعدم استخدام براز الخفافيش نهائياً كسماد في الزراعة (أو براز الحيوانات الأخرى والطيور الغير معالج كيميائياً).

3ـ يجب ارتداء القفازات وغيرها من الملابس الواقية أثناء التعامل مع الحيوانات المريضة أو أنسجتها.

4ـ تجنب الاتصال الجسدي وغير المحمي مع المصابين بالفيروس وضرورة غسل اليدين وتطهيرها بانتظام بعد رعاية المرضى أو زيارتهم.

5ـ تعريف العاملين الصحيين بالمرض وأعراضه وطرق تشخيصه والتعامل معه في المنشآت الصحية.

6ـ تشجيع البحث والتطوير لتوفير الفحوصات التشخيصية واللقاحات والأدوية اللازمة له.

7ـ التنسيق والمتابعة اليومية للتطورات الوبائية مع منظمة الصحة العالمية.                            

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى