عربى

تونس: موسم ناجح لزراعة الزيتون بإنتاج 1,6 مليون طن من 88 مليون شجرة

الزيتون فى تونس

وكالات في أجواء شتويّة خالصة، يجتمع صبري وثلّة من الشبان في غابة الزيتون التي يملكها بقرية منزل الكامل التابعة لمحافظة المنستير الساحلية، شمال شرقي تونس، من أجل جني الغلّة التي طال انتظارها منذ 3 سنوات عجاف، عانت خلالها أشجار الزيتون ويلات الجفاف والأمراض الخطيرة.

صبري بن صالح، وهو شاب ثلاثيني صاحب وكالة للسياحة، اختار مساعدة والدته في جمع الزيتون هذا العام، على البقاء في مكتبه لاستقبال الراغبين في السفر وحجز الفنادق، يقول: إن “هذا الموسم استثنائي على كل الأصعدة، فصابة (غلة) الزيتون وفيرة وثمن الزيت مرتفع”.

وأضاف: “السنوات الثلاث الماضية كانت عجافاً، وقد عانت أشجار الزيتون بسبب موجة الجفاف التي ضربت البلاد، إضافة إلى الأمراض التي أصابت الأشجار وألحقت بها أضراراً بالغة، لكن بفضل الأمطار الموسميّة التي نزلت العام الماضي، استرجعت الأشجار قوتها وتمكّنت من الصمود برغم فصل الصيف الحار”.

وتم منذ انطلاق موسم جني الزيتون، مطلع نوفمبر 2017، جمع أكثر من 30 ألف طن من الزيتون، وعصر أكثر من 5 آلاف طن لاستخراج الزيتون، بحسب مصادر رسمية.

ووفق آخر إحصائية لـوزارة الفلاحة التونسية، فإنه من المنتظر أن يتراوح إنتاج زيت الزيتون بين 1,5 إلى 1,6 مليون طن هذا الموسم، وهو ما يعادل من 260 إلى 280 ألف طن من الزيت، ليسجل الإنتاج بذلك زيادة بنحو 160% مقارنة بإنتاج الموسم الفائت.

وتحتلّ محافظات الساحل وصفاقس وسيدي بوزيد والقيروان صدارة الإنتاج، حيث تمثل مساهمتها 71% من الإنتاج المحليّ.

أكثر من 88 مليون شجرة زيتون

وتونس هي البلد الأكثر شهرة في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط في مجال زراعة الزيتون، بأكثر من 88 مليون شجرة زيتون، وتخصص أكثر من 30% من أراضيها الزراعية لزراعة أشجار الزيتون بمساحة تبلغ 1,68 مليون هكتار.

وفيما يتعلّق باليد العاملة، تقدر الحاجيات الجملية لعمليات الجني والتحويل لهذا الموسم بـ 14 مليون يوم عمل، وهو ما يتطلّب توفير 135 ألف عامل، في حين تتراوح مدّة الجني بين 80 و120 يوماً.

وتتباين أجرة العامل بين منطقة وأخرى، ووصلت في بعض المناطق أجرة “الجمّاع”، كما يسمّى في تونس، إلى 40 ديناراً (16 دولاراً).

ووفقاً لعدد من العاملين الموسميّين في جني الزيتون، فقد أكدوا أنّ أجرتهم المرتفعة مردّها أساساً لارتفاع سعر بيع الزيت وغلاء المعيشة.

صغار الفلّاحين يشتكون

وعلى الرغم من هذه الغلة الاستثنائية، يشتكي سامي عدّولي كغيره من صغار الفلّاحين من بعض الإشكاليات التي اعترضتهم خلال جني غلّة الزيتون الموسمية هذا العام.

يقول العدّولي وهو من سكان محافظة زغوان (شمال): إن “موسم الزيتون هذا العام فيه العديد من الإشكاليات التي نغّصت على الفلّاحين فرحتهم؛ من ذلك نقص الأمطار الذي أثّر تأثيراً سلبياً في الإنتاجية ونمو الشجرة، فضلاً عن فقدان المواد الكيميائية الأساسية التي نستخدمها لتغذية الأشجار، وشحّ المياه ونقص الأمطار“.

ويضيف: “صحيح أن الموسم الحالي استثنائي وقياسي على المستوى الوطني، لكن في أماكن دون أخرى؛ ففي ولاية زغوان مثلاً هناك أماكن فيها إنتاج قياسي وأماكن أخرى ليس فيها؛ ومردّ ذلك إلى نوعية التربة والأشغال التي قام بها الفلّاح قبل الموسم، خاصة مع شحّ الأمطار“.

وتصدّر تونس زيت الزيتون إلى 54 دولة، ويعد الاتحاد الأوروبي المستورد الأساسي، ثم تليه أمريكا بكميات هامة.

ويعرف زيت الزيتون التونسي بجودته العالية وبقيمته الغذائية وفوائده الطبية الكبيرة، وفق ما يؤكد ذلك مختصّون.

200 ألف طن للتصدير

ووفق تقديرات رسميّة، سيتم تصدير 200 ألف طن والاحتفاظ بنحو 80 ألف طن من زيت الزيتون للسوق الداخلية، التي تحتاج 40 ألف طن فقط، بحسب شكري بيوض، الرئيس المدير العام للديوان الوطني للزيت.

وأكّد المسؤول التونسي ارتفاع صادرات تونس من زيت الزيتون المعلّب، حيث سيتم هذه السنة تصدير نحو 25 ألف طن، مقابل ألف طن فقط في 2007، متوقعاً ارتفاع هذه الصادرات خلال السنوات المقبلة.

ووفق بيّوض، الذي تحدث في تصريحات صحفية، فإنه من المقدّر أن ترتفع العائدات المالية المتوقعة لصادرات زيت الزيتون إلى نحو 2000 مليون دينار (805 ملايين دولار) وهو ما من شأنه أن يعود بالنفع على الاقتصاد المحلّي.

ويأمل التونسيون أن تحتل بلادهم المركز الثاني على مستوى العالم كأكبر مصدّر لـزيت الزيتون.

وطوال السنوات العشر الماضية، باستثناء 2015، ظلت تونس تراوح في المركز الرابع عالمياً كأكبر مصدّر لـزيت الزيتون في العالم، بعد إسبانيا وإيطاليا واليونان.

ويعتبر الزيتون سلعة رئيسة ومصدر دخل لأكثر من 140 ألف عائلة مزارعة في تونس.

وبلغ عدد المعاصر المفتوحة، حتى شهر نوفمبر 2017، 786 معصرة، في مقابل 507 معاصر في الموسم الماضي.

فلّاحون وأصحاب معاصر يستبشرون

وفي الموسم الماضي، تسبّب نقص الزيتون في إفلاس عدد من المعاصر بمناطق متفرّقة من البلاد، في حين تكبّد آخرون خسائر بعشرات آلاف الدولارات.

وأكّد عدد من أصحاب معاصر الزيتون العصريّة وفلّاحون كبار “أن ارتفاع أسعار زيت الزيتون وإنتاج الأشجار القياسي، بالإضافة إلى فتح سوق التصدير على مصراعيه في هذا الموسم، ستكون سبباً في تعويض الخسائر التي تكبّدوها خلال العامين الماضيين.

وانخفضت أسعار بيع زيت الزيتون خلال الأسابيع الأخيرة، بعد أن وصلت إلى أرقام غير مسبوقة، ويبلغ ثمن الليتر الواحد من زيت الزيتون الجديد نحو 10 دنانير تونسية (4 دولارات).

ويبلغ معدل استهلاك التونسي حالياً من زيت الزيتون نحو 8 لترات للفرد الواحد سنوياً، أي 7.2 كغ مقابل نحو 9 لترات، أي 8.2 كغ للفرد سنوياً عام 2000، وفق المعهد الوطني للاستهلاك.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى