تمييز الباحثين والعلماء
بقلم: أ.د/صلاح يوسف
وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الأسبق
لم يكن يعجبنى فى السيد الرئيس المخلوع مبارك أنه كان يغير فى المشروعات حين عرضها عليه على الهواء مباشرة بكلمات قليلة تصبح بمثابة القانون أو القرارات الرسمية ويتم تنفيذها حرفيا، وهذا حال كل المسئولين عامة فى قطاعاتهم وليس فقط رئيس الدولة، وأثناء افتتاح مدينة مبارك أو مدينة برج العرب للبحث العلمى التى أنشأت فى عهد وزير التعليم العالى والبحث العلمى د.عادل عز والتى أفتتحت فى عهد وزير التعليم العالى والبحث العلمى د.مفيد شهاب تم عرض مدينة البحث العلمى وخلال ذلك قال مقدم العرض أن هذه العمارات بها شقق الباحثين فعلق الرئيس مبارك قائلا وليه شقق ليه ما تكونش فيلات والمكان واسع، الحقيقة كنت أشاهد هذا على التليفزيون، طبعا فكرة مدينة البحث العلمى لم تكن من إبتكار د.عادل عز ولكن فى النهاية من قدم المدينة أناس غير الذين فكروا فيها ونفذوها وهذا حال الدنيا عامة أو غالبا لدينا.
بالرغم من معارضتى لتغييرات الرئيس مبارك على الهواء والتى كانت بالطبع تتحول إلى تنفيذ بالكامل، إلا أن تعليقه على فيلات للباحثين أثلج صدرى أن رئيس الدولة يريد حياة كريمة للباحثين حتى لو كان فقط فى مدينته التى بإسمه فهذا يعبر عن إحترامه للباحثين أو الدكاترة وكنت الحقيقة ألاحظ هذا دائما فى كلامه، إلا أنه ربما هذا التعليق الوحيد للرئيس مبارك على أى مشروع الذى لم يتم تنفيذه، وتعجبت برهة .. لماذا الحكومات تنفذ أى تعليق للمسؤل الكبير ماعدا ما خص الباحثين من نفع؟
تبنى الأزهر العلم فى مصر لقرون طويلة حتى جاء محمد على ليستفيد بعلماء الأزهر ليؤسس بهم المدارس العليا أى الجامعات بعد أن بعثهم للدراسة بالخارج، وتم إنشاء المدارس والترجمة وتنوع التعليم ليشمل نواحى الحياة، بدأ محمد على نهضة مصر فى وقته بالاهتمام المباشر وبنفسه بالتعليم وبالعلم والعلماء.
إذا فكرنا فى أن الباحث يجب أن يعيش فى فيلا بالقرب من منطقة عمله العلمى فهذا يعنى ليس فقط المبنى ولكنه مستوى معيشى يؤهله لتوفير كل وقته ومجهوده وطاقته لخدمة البحث العلمى، ولا أقول أنه يجب أن نساويه بالفئات المميزة مثل القضاة والضباط والبنوك والاتصالات والبترول والضرائب وغيرها فى مصر فى الإسكان والدخل الذى يدعمهم ويحميهم من الفساد ويعينهم لآداء أفضل، بل يجب أن يقدم للباحثين والعلماء ما هو أكثر من كل هؤلاء لأنهم الأمل الحقيقى فى رفعة ورقى هذا البلد والباقون جميعهم يستفيدون مما يقدمه العلماء لهم، وإن كنت مميزا أحدا عن كل هؤلاء فهم المعلمين أو على الأقل يمكن تساوى كل المميزين لتأثيرهم المباشر على المجتمع ككل.
