الأجندة الحيوانية

تفاصيل الحمل والولادة عند الإبل

كتب: د.صفوت كمال هناك العديد من الاعتقادات السائدة والتى تدور حول عملية التزاوج فى الإبل، ويقول البعض أن الجمل لا يلقح الناقة فى حضور إنسان أو أن ينزوى الجمل بعيدا عن القطيع والإنسان وباقى الحيوانات الأخرى،  وكذلك يعتقد البعض أن عملية التلقيح تتم بوضع تكون فيه مؤخرة الجمل مقابلة لمؤخرة الإنثى وذلك نظرا لخروج القطيب من جرابه إلى الخلف إلا أن جميع هذه الاعتقادات غير صحيحة وخاطئة.

ولكن حقيقة الأمر أن هذه العملية نتتم كما هو الحال فى باقى الحيوانات المزرعية الأخرى، وفيها يعتلى الذكر ظهر الإنثى وهى باركة على الأرض، وتتم فى موسم النشاط الجنسى، حيث يكون الذكر فى حالة هياج ويبحث عن الإنثى التى فى حالة شياع أو شبق وهى الفترة التى تسمح فيها الأنثى للذكر أن يلقحها وتسمى أحياناً بفترة القبول عند الأنثى.

ويقوم الذكر الهائج بمحاولة الضغط على رقبة الأنثى لإجبارها على البروك، وفى حالة عدم تجاوبها معه يقوم بعضها عدة مرات فى رفبتها مع الضغط عليها ودفعها فى الوضع الأمامى، وفى هذه الحالة تبرك الإنثى على الأرض ويقف الذكر فوقها بحيث تكون القوائم الأمامية للذكر خلف أكتاف الإنثى بعدها يبرك الذكر ويزحف على قائمتيه الخلفيتين ثم يلقح الأنثى.

ولذلك يؤاعى عند اختيار الذكور للتلقيح يجب أن تكون قوائمها الخلفية قوية، وتتراوح المدة التى يقضيها الذكر فوق الأنثى ما بين 15-20 دقيقة وقد تصل ما بين 7-35 دقيقة ولكن فى المتوسط من 11-15 دقيقة، وخلال هذه الفترة يسمع هدير الجمل وثغاء الناقة.

الجمل

سبق أن ذكرنا أن الإبل تعتبر من الحيوانات الغير ذاتية التبويض (مستحدثة التبويض)، وأن عملية الجماع هى المحفز الأساسى لحدوث عملية التبويض التى تحدث خلال 32-40 ساعة بعد عملية الجماع، وتحت تأثير الهرمون المحفز لعملية التبويض والذى يفرز من الفص المامى للغدة النخامية، كما أن هذا الهرمون يحفز أيضا عملية تكوين الجسم الأصفر.

وخلال موسم النشاط الجنسى تبدى النثى العديد من دورات الشبق تكون خلال كل دورة منها قابلة للتلقيح لمدة 3-5 أيام وعندما يحدث التلقيح والحمل تتوقف هذه الدورات، وتعتبر معدلات الخصوبة منخفضة فى الإبل عن الحيوانات الأخرى ويرجع ذلك إلى عدم تكون حويصلات على المبيض أو عدم حدوث التبويض أو موت الأجنة المبكر وتكون هذه النسبة أعلى بكثير فى حالة تحسن المرعى أو تقديم أعلاف ذات قيمة غذائية عالية لهذه الحيوانات.

وقد أظهرت العديد من الدراسات أن كلا من المبيضين فى الناقة يظهر نشاطه خلال فترة النشاط الجنسى ولكن لوحظ أن معظم الأجنة توجد فى قرن الرحم الأيسر وتصل هذه النسبة إلى 99% ويرجع ذلك لاحتمالين أولهما زيادة نشاط المبيض الأيسر مقارنة بالمبيض الأيمن أو حدوث ظاهرة هجرة البويضات بين قرنى الرحم وهى ظاهرة مألوفة وتحدث بمعدلات مرتفعة فى الإبل ولكن وجد أن الأجسام الصفراء تتكون على المبيضين بنفس النسبة تقريبا بعض النظر عن قرن الرحم الذى يوجد به الجنين مما يدعم الاحتمال الثانى.

وقد وجد أن أكثر من 98.60% من الحمل فى النوق السودانية تحدث فى القرن الأيسر، وفى مصر تصل هذه النسبة إلى 99.24% كما تتراوح فترة الحمل فى افبل بين 12-13 شهرا بمتوسط 370- 385 يوما وقد تطول 15 يوما فى الولادة الأولى.

والناقة غالبا لا تحمل إلا فى جنين واحد خلال فترة الحمل حيث تمتص الأجنة الخرى وتعتبر ظاهرة ولادة التوائم غير مألوفة فى الإبل وهى تصل إلى 0.4% وقد لوحظ أنه فى العادة لا يوثر جنس الجنين أو موسم الولادة على طول فترة الحمل.

تشخيص الحمل فى الإبل

هناك العديد من طرق تشخيص الحمل فى الإبل ومنها:

ـ الكثافة النوعية ودرجة PH الرحم: وفيها يتم تشخيص الحمل من خلال التغيرات التى تحدث فى الكثافة النوعية ودرجة الـ PH فى مخاط عنق الرحم وذلك فى الفترة 6 أسابيع من بداية الحمل حيث أنه فى مرحلة الحويصلات تكون الكثافة النوعية عادة ما تكون 1.009 مع ودرجة الـ PH  تصل إلى 7.0 أو أقل.

ـ تشخيص الحمل بالجس المستقيمى: يعتبر وجود أجسام صفراء على المبايض من أهم العلامات الدالة على حدوث الحمل ويستمر الجسم الأصفر فى النمو حتى اليوم 35 من الحمل وعادة ما تكون الأجسام الصفراء طرية ومتهدلة وذات شكل كروى ويبلغ قطرها 25 مم كذلك يمكن تأكيد الحمل عن طريق جس الرحم وتحسس حجمه بعد الأسبوع الثامن من الإخصاب حيث تبدأ التغيرات فى الرحم من اليوم 35 ولكنها لا تتضح بالجس إلا بعد اليوم 40-45 من الحمل مع أزدياد القطر فى القرن الأيسر وظهور التموج.

وفى الفترة من 60-70 يوما من الحمل يصبح جدار الرحم الأيسر رقيقا، وبعد 70-80 يوما من الحمل يصبح الرحم بطنيا، وبعد خمسة أشهر يصبح الرحم بطنيا بالكامل، وتحس الرأس والساقين فى الشهر السادس من الحمل.

ـ تشخيص الحمل المبكر بالتصوير المستقيمى بالأمواج فوق الصوتية: يمكن تشخيص الحمل فى الإناث فى المراحل المبكرة من الحمل وقد تصل إلى 15 يوما من التزاوج، ويعتمد هذا التشخيص على رؤية الحويصلات الجنينية وعلى رؤية وبقاء الأجسام الصفراء أثناء الحمل حيث أن وجود الأجسام الصفراء النشطة ضرورة لتأكيد الحمل.

ـ تشخيص الحمل بالتحليل الإشعاعى الهرمونى: وفيها يتم قياس مستوى هرمون البروجسترون فى الدم، وتعتبر هذه الطريقة مهمة فى تشخيص الحمل المبكر وخاصة فى المرعى حيث أن طريقة الجس المستقيمى قد لا تكون عملية فى المرعى.

الولادة

تتباين مدة الحمل فى الإبل ذات السنام الواحد والإبل ذات السنامين من 415 – 440 يوما بينما تبدوا أكثر ثباتا فى الألبكه (342-345 يوما) واللاما (346-359 يوما)، وقد يرجع هذا التباين إلى اختلاف السلالة، جنس الجنين موسم الولادة زظروف الرعى.

وتعتبر فترة الولادة قصيرة نسبيا فى الإبل ويمكن أت تلد الناقة ذات السنام الواحد فى أى وقت من أوقات اليوم، ولوحظت ندرة  الولادات بين الساعة الثانية والرابعة بعد الظهر، بينما حدثت أغلبية الولادات بين الظهر ومنصف الليل. وقد حدثت أغلبية الولادات فى إناث الإبل فى العالم الجديد (93.5%) بين الساعة السابعة صباحا والواحدة بعد الظهر ولم يلاحظ وقوع أى منها ليلا.

علامات الولادة

تظهر بعض العلامات الواضحة على الأنثى قبل عملية الولادة ويمكن تلخيصها فيما يلى:

ـ تقوم الإناث الحامل بتحريك ذيلها إلى أعلى وإلى أسفل كلما اقترب منها إنسان أو ذكر الإبل، كما تقوم بفتح الرجلين الخلفيتين وتكثر من التبول المتقطع من وقت إلى آخر.

ـ كلما تقدم الحمل يلاحظ كبر حجم التجويف البطنى وتدلى البطن على الجانبين، ومع اقتراب الولادة تنتفخ فتحة الحيا وكذلك الضرع كما تزيد حجم الحلمات قبل الولادة بـ5-10 أيام ويظهر منخفضا على الجانبين حول الحوض ويرتخى رباط الحوض.

عملية الولادة

تنتهى مرحلة الحمل بعملية الولادة والتى تشمل خروج الجنين والأغشية الجنينية من الرحم إلى الخارج، وكما ذكرنا سابقا فإن علامات موعد اقتراب الولادة هى تورم الحيا ـ كبر حجم الضرع ـ بروز الحلمات وكبر حجمها نتيجة امتلائها باللبن وذلك قبل الولادة بـ5-10 أيام.

ومع بداية انقباضات الرحم تبدى الأنثى علامات القلق وعدم الراحة وتبدأ فى الامتناع عن الأكل، والإكثار من الاجترار وتبرك على الأرض أو على أحد الجانبين مع مد الأطراف، وعند اقتراب موعد الولادة بساعات (3-5 ساعات) تنعزل الأنثى عن القطيع وتمشى فى دوائر وتأخذ مكانا بعيدا عنهم استعداد الولادة التى عادة ما تستغرق ساعة أو ساعتين.

مراحل الولادة

تنقسم الولادة فى الإبل إلى ثلاث مراحل وهى:

ـ المرحلة التحضيرية: وفيها تزاداد قوة انقباض لعضلات الرحم والبطن ويزداد اتساع عنق الرحم وتبدأ الأغشية الجنينية فى الظهور وكذلك الأرجل الأمامية للجنين وبينها الرأس وهذه المرحلة تستغرق حوالى 30 دقيقة، تتباين مدة هذه المرحلة فى الإبل ذات السنام الواحد حيث تكون قصيرة (ثلاث ساعات) أو طويلة تصل لمدة 48 ساع.

ـ مرحلة خروج الجنين: تبدأ هذه المرحلة عند تمزق كيس الماء الأول على حين الدفع الكامل للجنين وتكتمل خلال 5-45 دقيقة فى الإبل ذات السنام الواحد والسنامين، فى خلال هذه المرحلة تكون الناقة مستلقية على الأرض على أحد جانبيها وتقوم انقباضات الرحم والبطن القوية على إخراج الجنين وانقطاع الحب السرى، وتستغرق هذه المرحلة تقريبا 30 دقيقة أيضا.

تظهر الرأس أولا من الفرج وذلك بعد تمزق الكيس المائى وتظهر إحدى الساقين الأماميتين بعد ذلك بفترة قصيرة تم تخرج الساق الأخرى، وخلال 20-50 دقيقة من تمزق كيس الماء يظهر الرأس كاملا وتتدلى الساقين الأماميتين حتى الركبتين ويسقط الجنين على الأرض ويتمزق الحبل السرى بعد الولادة.

ـ مرحلة خروج الأغشية الجنينية (المشيمة): وهى الفترة من وقت انتهاء الولادة وخروج المشيمة وتخرج الأغشية الجنينية المتبقية من داخل الرحم فى فترة 40 دقيقة، وقد تحتاج النوق التى تلد لأول مرة إلى بعض المساعدات حتى تهتم بوليدها ولا تنفره.

وتولد صغار الإبل فى مرحلة متقدمة جدا من النمو وتكون قادرة على المشى والرضاعة بمفردها خلال فترة تتراوح بين عدة دقائق إلى عدة ساعات وتختلف الإبل عن باقى حيوانات المزرعة بأنها لا تلعق وليدها ولا تنظفه ولا تجففه بل تتركه يجف تلقائيا كذلك لا تأكل الأغشية الجنينية بعد الولادة.

وتقوم الناقة فى إدرار السرسوب بعدحوالى الساعة والنصف وذلك بعد استعطاف الحوار (المولود الصغير الأقل من عام) لها، ويولد الحوار بدون قواطع مع وجود أضراس على الفكين وتظهر القواعد على الفك السفلى بعد حوالى أسبوعين من الولادة.

ويصل متوسط وزن المولود حوالى 36 كجم بمتوسط (26-45 كجم) وعادة لا يختلف وزن المواليد الذكور عن الإناث بدرجة كبيرة وتلتحق الناقة وحوارها بالقطيع بعد اليوم الثالث، وقد دلت من الدراسات أن النوق يظهر عليها علامات أول شبق بعد الولادة فى حدود 3 أسابيع وخاصة تحت ظروف التغذية المحسنة ويتزامن موعد الولادة مع توفر النباتات الرعوية وجودة المرعى.

وتتراوح نسبة وفيات المواليد بين 30-60% نتيجة الصراع بين البدوى والصغار على اللبن وكذلك نتيجة فقر المراعى وعدم توفر المراعى الجيدة كما أن عدم خبرة الرعاه بطرق التربية السليمة قد يكون سببا فى زيادة نسبة موت الصغار لاسيما فى الأسابيع الثلاثة الأولى من الولادة والتى تحتاج فيها الصغار إلى رعاية جيدة ولذلك ينصح بأن يقوم الرعاه بعد الولادة بتخفيف المولود بقطعة من الخيش أو دريس جاف لحمايته من تيارات الهواء الباردة والرياح.

*معد المادة العلمية: أستاذ الميكروبيولوجي بمعهد بحوث الأمصال واللقاحات البيطرية.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى