رأى

تطوير الثقافة السياحية باحتفال عالمي لعروس النيل يوم 15 أغسطس كل عام

بقلم: أ.د/عفيفي عباس عفيفي

رئيس بحوث متفرغ – معهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة – مركز البحوث الزراعية  

كان لفيضان النيل أهمية كبري في الحياة المصرية القديمة وارتبط بطقوس شبه مقدسة حيث كانت احتفالات وفاء النيل تقام ابتهاجا بـفيضان النيل كما سجلت هذه الاحتفالات على جدران المعابد لتبين مدى تقديس المصريين لهذا الفيضان.

ويعتبر عيد وفاء النيل هو أحد الأعياد التى مازال يتذكرها المصريون ونتمنى ان نحتفل به على ضفاف النهر ولقد عظم الاحتفال بـعروس النيل دور المرأة المصرية القديمة التى أسند لها الفراعنة مهام اله العدل ماعت “أمهوت” وكانت “ايزيس” هى الهة الجمال وكان الزفاف إلى النيل غاية تتمناها كل فتاة في مصر تعبيرا عن قداسة هذا النهر العظيم  الذى جعلوه إلها وسموه حابى.

تتلخص فكرة الاحتفال بـعروس النيل فى تحديد يوم 15 اغسطس من كل عام يتم فيه الاحتفال بعرس الزفاف لمجموعة من الزيجات التى تعلن فى ذلك اليوم بحيث يتحول الاحتفال الى مناسبة عالمية تشترك فيها الدول مع مصر بعروس لكل منها فى هذا اليوم حيث تكون الدول الاساسية هى دول منابع النيل وحوضه.

ان فكرة الاحتفال بـعروس النيل انما تنبع من الرغبة فى تعميق الادراك الثقافى باهمية نهر النيل الذى يجىء الى مصر أن ارضه التى رسبها ويرويها ويعيد اليها النبت والخير للمصريين هى عروسه التى ارتبط بها على مر العصور ونحن الان وفى ظل اختلاف وجهات النظر، وتفسير المصالح لدول منابع ومصب النيل حول حصص المياه فاننا مطالبون الان بان نعمل ولو فى جزئية غير مباشرة تساعد فى خلق روح التعاون الثقافى بين شعوب هذه الدول وربما يكون مردود تنفيذ هذه الفكرة كبيرا فيما يخص التقارب بين هذه الشعوب وابراز اهمية نهر النيل لاستمرار الحياة على ارض مصر وغيرها من الشعوب.

ان مصر فى ظل الفتح الاسلامى تحت ادارة عمرو بن العاص القت الى نهر النيل برسالة تنم على اعترافا ضمنيا باحترام عادات الشعوب وعدم تناسيها.

ان مياه النيل هى الروح التى تسرى فى كيان الارض والانسان وجعلت الكلمة على لسان حالها منطوقا نادرا وتراثا عظيم الشان عبرت عن ادراك المصرى منذ القدم بعظمة الخالق وقيمة النهر وحب الارض ولقد وجب علينا ان  نعمل بكل طاقاتنا المادية والفكرية من اجل حماية النهر فضلا على توفير مصادر مياه جديدة، وليس لنا اختيار فى ظل فقدان الاراضى الزراعية القديمة دون مبرر الا ان نحمى النهر الذى كان الاهتمام به عنصرا هاما فى فلسفة حكم مصر على مدى التاريخ وأخذ فرعون على عاتقه تعظيم شأن النهر، حيث توغل فى وجدانه الادراك باهمية نهر النيل كعنصرا اساسيا من عناصر الحياة وجزءا اصيلا من الفهم والادراك فى تفهم وصياغة منهج الادارة التى لا تحجب النور والحب والحياة للمصريين وبدا فرعون وكأنه مهندسا لـنهر النيل والمياه وتوهجت حضارة المصريين فى مسيرة تضم كل الناس بكل الجينات والعقول.

ان التعمق فى استشراف المستقبل يجب ان يتاسس على تنمية الوجدان المصرى الذى يعتبر طاقة للفكر وأصلا للعمل ولاشك ان احتفالات الشعب المصرى تعبر عن انجازاته التاريخية والثقافية التى تمثل حضارة الانسان على ارض هبة النيل ويعتبر احتفال عروس النيل فى 15 اغسطس نبضا حيا وتوأما لموروثاتنا الثقافية التى سجلها التاريخ قديما وحديثا.

ان هذا الاحتفال سوف يثرى اهتمام المصريين بـنهر النيل وبصفة خاصة فى المحافظات المشاطئة للنهر بحيث تنافس على احترام مجراه والعمل على صيانة وتجميل ضفافه وشواطئه ليتحرر النهر من اى اهمال او سطو حتى نقول انظروا فى عيون المصريين لترو الماء فامنحوهم الحب والامل حتى تتجهز تاكيميت التى ارتبط بها النهر ليجىء اليها كل عام انها عروسه التى سوف تحاكيها كل عروس يتم استحداث زيجتها فى هذا الاحتفال بعرس عالمى مدويا بفرحته وفنونه واصالته فى موكب مهيب من ميدان التحرير الى ضفاف نهر النيل من اجل نشر الثقة والأمن بين شعوبه لتقوى وتتقدم هبة النيل فى ظل رغبة فى الحياة مانحين الارض والنيل مزيدا من الحب والوفاء.

أهداف الاحتفال

1- دعم وتنشيط القطاع السياحى فى فترة شهور الصيف حيث يؤدى هذا الاحتفال الى انشطة مصاحبة له تتعلق بحضور الازواج المحتفى بهم ومصاحبيهم والفرق المرتبطة بفاعليات الاحتفال الفنية والفلوكلورية وراغبى الحضور لهذه المناسبة مما يؤدى الى انتعاش القطاع السياحى فى مصر فى فترة الصيف.

التركيز على اهمية الحفاظ على الموارد المائية الحالية وتعظيم قدرة استخدام المياه وترسيخ وتعميق ثقافة المياه التى من المفترض ان يتفرد بها شعب مصر فى هذا العالم.

تعظيم شان نهر النيل من خلال العمل بكل طاقاتنا المادية والفكرية من اجل حماية النهر فضلا على التطلع الى توفير مصادر مياه جديدة ليس فقط من اجل شرب المياه ولكن ايضا من اجل زراعة الارض.

اظهار اهمية الفنون الشعبية فى مصر ودعم تناغمها وتفاعلها مع الفنون الشعبية لدول نهر النيل والعالم.

تقوية الروابط الثقافية بين شعوب منابع وحوض النيل من اجل ايجاد اسس قوية من الروابط الاجتماعية التى تساعد كثيرا فى تقوية العلاقات الشعوب بما له من تاثير على القائمين على الادارة ومتخذى القرار فى هذه الدول.

6ـ احتمالات مستقبلية فى ان يتطور هذا الاحتفال ويعظم شانه ويصبح علامة ثقافية وتاريخية فى العالم تكون مصر عن طريقه مركزا وبؤرة للاشعاع الثقافى.

الدول والهيئات التى تشترك فى هذا الاحتفال

ـ مجموعة دول نهر النيل.

ـ جمهورية مصر العربية وهى الدولة التى تستضيف الاحتفال.

ـ جمهورية السودان جمهورية جنوب السودان إثيوبيا كينيا تانزانيا اوغندا الكونغو بوروندى رواندا اريتريا.

ـ دول اخرى تمثل قارات افريقيا اسيا اوروبا امريكا الشمالية امريكا الجنوبية واستراليا.

ـ الجامعة العربية.

ـ منظمة الدول الافريقية.

ـ منظمة الثقافة العالمية اليونسكو.

منطقة الاحتفال

تقع منطقة الاحتفال بحيث تضم منظورا متكاملا يعبر عن قلب القاهرة وروح مصر متمثلا فى تاريخها القديم والحديث متضمنا عناصر المكان المبهرة لـنهر النيل وضفافه ليلا ونهارا (شكل2 ا, ب , ج و د) وتضم هذه المنطقة ميدان التحرير المتحف المصرى كوبرى قصر النيل مبنى الاوبرا المصرية برج القاهرة بحيث تضم مياه النهر جنوبا الكوبرى النافورة النهرية.

آلية التنفيذ

– الاعلان فى مصر لكل المصريين الذين سوف يتم زفافهم او عقد قرانهم فى الفترة المقبلة والذين يرغبون فى اعلان هذا الارتباط فى مناسبة الاحتفال بـعروس النيل ان يسجلوا اسماءهم بطرف المقررين او الجهة التى سوف تكون قد تم تحديدها لهذا الغرض بحيث يتم زفافهم او عقد قرانهم فى احتفال عروس النيل.

– الاعلان للبلدان المعنية لاختيار عروس النيل من كل دولة او ان تتقدم بنفسها لتشترك فى هذا العرس.

– يتم تحديد العدد المناسب حسب قدرة الاستيعاب التنظيمية بحيث ينضم تلقائيا الزوج الى عروسه التى تم اختيارها.

– تشارك مصر بتشجيع انتقال العروسان من دول منابع وحوض النيل الى القاهرة عن طريق دعم تذاكر الطيران من اجل عدد معين يحدد بناء على اعتبارات معينة على ان يتم التنسيق مع شركة مصر للطيران من استيفاء هذا الغرض بحيث يتم تغطية نفقات الانتقال لعروس من كل دولة يتم ترشيحها من قبل دولتها وهذه الدول هى جمهورية السودان جمهورية جنوب السودان إثيوبيا، كينيا، تانزانيا، اوغندا، الكونغو، بوروندى، رواندا، واريتريا.

– يتم دعوة الافراد والمنظمات عن طريق رسالة اعدت سلفا ذات تصميما فنيا يعبر عن عناصر الاحتفال الثقافى التاريخى.

– دعوة الشركات السياحية المعنية بالخدمات الفندقية والرحلات السياحية والارشاد السياحى وغيرها الى المشاركة فى دعم هذا الاحتفال والترويج له اعلاميا فى داخل مصر وخارجها.

– يتم الاستعدادات المسبقة بحيث يتم تجهيز منطقة الاحتفال المشار اليها لتبدو فى احسن صورها ومظاهرها بحيث تكون مضاءة بالزينات ونظيفة وتنتشر اعلام الدول المشاركة على مدى الطرق والكبارى التى تقع فى اطار محيط الاحتفال.

ويكون اهمها برج القاهرة الاوبرا النافورة النهرية الفنادق المركبات النهرية (اشكال 2أ, 2ب , 2ج , 2د و3) ويتم تجهيز مراسى المركبات النهرية فى منطقة الاحتفال والمرتبطة بها على جانبى النهر، كما يتم تنظيم قائمة بالمركبات النهرية التى تدرج فى الفاعليات الرسمية للاحتفال حسب نظام تتابع الحركة واحترام نظام المناسبة من خلال صلاحيات فنية لهذه المركبات النهرية وتحديد قدراتها الاستيعابية وطريقة تتابع حركتها فى دائرة الاحتفال.

– يتم اختيار العروس الاول بالقرعة فى احتفال ارضى مسبق فى موقع الاوبرا المصرية ليتم منحها جائزة الحفل بحيث تكون رمزا ثقافيا ويمكن امتداد هذا الاختيار حتى العروس رقم 7.

– تنظم مراسم الاحتفال بحيث تضم موكبا مهيبا يبدا من ميدان التحرير بعزف الموسيقات الوطنية التراثية فى ميدان التحرير ثم تبقى هذه الفرقة فى الميدان ويتحرك الموكب الى كوبرى قصر النيل حتى ميدان الاوبرا المصرية عابرا مجرى نهر النيل، حيث تتناغم الفنون الشعبية لـمصر والتى يمثلها الات عزف شعبية منها السمسمية الربابة والمزمار مصاحبة لفنون وعزف الات الدول المشتركة فى ملحمة ثقافية فريدة تنقل فاعلياتها عن طريق الفضائيات الى العالم وسوف يتم الحاق العروس التى فازت باختيارها عروس النيل بالمركبة النهرية الرئيسية والتى سوف تقود الاحتفال رافعة اعلام الدول المشتركة ومسلطا عليها اهتمام وسائل الاعلام.

– يتم تنويع مظاهر الاحتفال ليكون اضافة شعبية من الراغبين من المصريين سواء كانت مشاركة ارضية تضم وسائل  تقليدية مثل مركبات الحنطور، السيارات، القوارب والمراكب الشراعية والالية.

– يصاحب هذا الاحتفال تقديم عروض موسيقية للفرق العالمية التى ترغب فى المشاركة الفنية بـالاوبرا المصرية سواء فى يوم الاحتفال او ما يليه. 

أننى كصاحب فكرة الاحتفال بـعروس النيل مهموما بقضايا المياه ومهتما بموروثاتنا الحضارية وجذورها الثقافية ولا شك أنه حقا سيكون احتفالا للتعبير عن وفاء المصريين وحبهم لـنهر النيل العظيم الذى هو سببا لاستمرار الخير والنماء فى مصر، فضلا عن أنها مناسبة لاحياء وترسيخ موروثاتنا الثقافية.

إن مهما تباينت منهجية الحكم فى  مصر على مر التاريخ ارتبطت بـنهر  النيل ونبعت من التوغل والاستغراق والتأمل فى واقع مصر من اجل ان نرى حقائق مكانها وموقعها ومكانتها التى تشكل مساحة جغرافية لبقعة موهوبة بـالنيل والطين والانسان موصولة بالطور والنوبة والقطارة فى الصحراء وهى منظومة فوق الارض يخفق لها القلب عند رؤيتها تجولا وفهمها عند تفسير حالها من معلومات الفضاء التى هى جزءا من خبرته العملية.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى