تحقيقات

انفجار وشيك بين المصريين في منطقة سهل الطينة بسبب الأرض

كتب: أسامة بدير أكثر من 5000 أسرة يعيشون فى منطقة سهل الطينة الواقعة بشمال سيناء والبالغ مساحتها نحو 21 ألف فدان، والتى تتبع إداريا محافظة بورسعيد باتوا مهددين بالطرد من أراضيهم التى قاموا بزراعتها بـالمزارع السمكية منذ عام 1996.

والغريب فى الأمر، أن الحكومة قررت بيع تلك الأراضى لمشترين أخرين، رغم وجود مشترين لتلك الأرض منذ 20 سنة، فكيف حدثت تلك المشكلة وما تداعياتها على الصعيد الاجتماعى والاقتصادى وردود الفعل الغاضبة حول تلك الأزمة والصراع المسلح الذى يمكن أن يحدث بين المشترين السايقبن لأراضى سهل الطينة وبين المشترين الجدد؟، هذا وغيره سيحاول “الفلاح اليوم” رصد هذه الأزمة ودق ناقوس الخطر لما يمكن أن يحدث من انفجار بين المصريين بسبب الأرض أملا فى الوصول إلى حل يرضى جميع الأطراف الدولة وصغار المزارعين بتلك المنطقة.

سهل الطينة

سهل الطينة هو المنطقة ما بين البحر المتوسط شمالاً وهضبة التيه جنوباً وهو سهل منبسط تكثر فيه موارد المياه الناتجة عن الأمطار التي تنحدر مياهها من المرتفعات الجنوبية وهضبات المنطقة الوسطى وهي منطقة أرضيتها ملحية ورخوة، وهناك خطة لتوطين 3 ملايين نسمة فى تلك المنطقة وفقاً للقرار الجمهوري رقم 147 لسنة 1993 لاستصلاح وزراعة 400 ألف فدان ضمن المشروع القومي لتنمية شمال سيناء.

البداية

فى عام 1996 قامت الحكومة ممثلة فى وزارة الزراعة بتخصيص حوالى 23 ألف فدان من إجمالى مساحة سهل الطينة لمجموعة من الشركات الخاصة، حيث حصلت كل شركة على مساحة من الأرض ما بين 800 إلى 1200 فدان، وبدأت تلك الشركات فى تقسيم تلك المساحات إلى قطع وبيعها بالمزاد إلى صغار الفلاحين، وحصل كل فلاح وفقا لمقدرته المالية على مساحة تقريبا ما بين 5 إلى 10 أفدنة وربما أكثر، وبدأت المنطقة تعمر بالبشر منذ تلك الفترة وحتى عام 2017.

انعدام الخدمات بالمنطقة

بعد 35 كيلو مترا شرق محافظة بورسعيد، تقع منطقة سهل الطينة التي تضم 7 قرى يسكنها أكثر من 30 ألف نسمة، ورغم حرمانهم من أدنى مقومات خدمات البنية الأساسية التى كان من المفترض أن توفرها الدولة من مياه شرب نظيفة وكهرباء وصحة وتعليم وخلافة، إلا أن الفلاحين تحدوا كل هذه الصعوبات واستطاعوا بإمكانيتهم المتواضعة التغلب على الحرمان من تلك الخدمات الأساسية من أجل تعمير وزراعة هذه البقعة الغالية على جميع المصريين.

أزمة سهل الطينة

عقب تسلم الفلاحين الأراضى من الشركات الخاصة بالمزاد العلنى جأت لجنة من الزراعة وعانيت المنطقة فوجدت نسبة الأملاح عالية جدا فى الأرض الأمر الذى قد يتعذر معه نجاح زراعتها بأى محصول، وأوصت بشكل شفوى بغسيل الأرض عدة مرات تمهيدا لزراعتها، وبالفعل قام الأهالى بزراعة الأرض بالمزارع السمكية على مدار سنوات طويلة أملا فى التخلص من نسبة الأملاح العالية بالتربة تمهيدا لزراعتها.

ولكن فوجىء أصحاب تلك المزارع فى 26 أبريل الماضى بقرار من محافظ بورسعيد اللواء عادل الغضبان بسد فتحات الترع لمنع وصول مياه الرى إلى المزارع السمكية، مطالبا الفلاحين بضرورة استكمال تقنين أوضاع هذه الأراضى واستخدامها فى الإنتاج النباتى الذى خصصت من أجله منذ عام 1996.

استجاية الأهالي

استجاب الأهالى وقاموا بتجفيف جميع المزارع السمكية الموجودة بالمنطقة وأعدوا الأرض تمهيدا لزراعتها، فضلا عن استكمال أوضاعهم القانونية وصولا لتملكهم الأرض وحصولهم على العقد الأخضر ودفعوا الرسوم المقررة واستخرجوا الخرائط والأوراق اللازمة من قبل الجهات الرسمية.

المزاد الذى فجر الأزمة

خلال تلك الفترة التى بدأ الأهالى فى منطقة سهل الطينة تقنين أوضاعها تمهيدا لحصولهم على العقد الأخضر الذى يثبت مليتهم بشكل نهائى لتلك الأرض فوجىء الأهالى بقرار اللواء محمد حلمي، المدير التنفيذى لهيئة التعمير بوزارة الزراعة، بعمل مزاد لبيع أراضي سهل الطينة بشمال سيناء، على مساحة 400 ألف فدان تحت مسمى”ترعة الشيخ جابر”.

وأضاف حلمي، أن الأراضي المقرر بيعها في المزاد، 21 ألف فدان بعد إزالة التعديات عليها، مؤكدا، طرح 600 كراسة للشروط حتى الآن.

وأوضح مدير الهيئة، أن بيع الأراضي بهدف الاستزراع، مضيفا أنه جرى تجفيف جميع المزارع السمكية.

وأشار إلى أن أراضي مشروع الشيخ جابر بـسهل الطينة كلفت الدولة 5 مليارات جنيه منذ عام 1996، ولم تأخذ الدولة حقها حتى الآن.

وتابع أن المساحة المذكورة، بداية أول طرح، مؤكدا أن تسليم الأراضي للفائزين بنهاية العام الجاري.

مزارعو سهل الطينة يطالبون بوقف المزاد

ناشد المزارعون والمستثمرون المضارون من عقد مزاد علني لبيع أراضي منطقة سهل الطينة بشرق السويس، الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء ووزير الإسكان، بوقف المزاد الذي سيعقد (25 نوفمبر) لبيع أراضيهم، والتي قاموا بشرائها من مزاد علني سابق أيضا.

وأكد المزارعون المتضررون أنه سيتم طرح مساحات تقترب من (21) ألف فدان بالمزاد العلني، وأن هذا المزاد والطرح سوف يتسببان في أزمة بين المنتفعين الأصليين بهذه الأراضي، والتي انتزعتها منهم الحكومة عن طريق لجنة استرداد ممتلكات وأراضي الدولة وبين الفائزين الجدد بالمزاد.

وطالب المستثمرون والمزارعون بسهل الطينة لجنة استرداد أراضي الدولة برئاسة المهندس شريف إسماعيل بوقف المزاد فورا، ومنحهم الأراضي، وتحرير عقود جديدة لهم بأسعار مختلفة مع التزامهم الكامل بعدم استزراع الأسماك مرة أخرى في تلك المساحات والمناطق.

وسداد كل مخالفات وزارة الري المقررة عليهم، وقال المزارعون إنهم سيعملون في أراضيهم وسيزرعونها، ولن يتركوها لأنهم قاموا بسداد أقساطها.

وقفات احتجاجية والتهديد بالاعتصام

توافد عدد من أهالي منطقة سهل الطينة بـمحافظة بورسعيد منذ صباح الأحد وحتى إعداد هذا التحقيق، أمام الهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية بالدقى؛ وذلك لمنع جلسات المزاد الأولي بشأن بيع أراضيهم بعد أن تم الحجز عليها، وحذر المزارعين من الاعتصام حول مبنى الهيئة لحين الاستجابة لمطالبهم بإلغاء المزاد.

وطالب المزارعون بتدخل أعضاء مجلس النواب ومطالبة وزير الزراعة واستصلاح الدكتور عز الدين أبو ستيت بتصحيح هذه الأوضاع وعدم المساس بالفلاحين الذين أفنوا أعمارهم في أراضي سهل الطينة.

وقال أحد المتضررين: “قمت بسداد 60% من مستحقات الارض للهيئة العامة للتعمير بالاسماعيلية، ومع ذلك دخلت أرضى فى المزاد، فماذا أفعل”.

وأضاف أحد المتضررين: “يوجد شروط تعجيزية كي نشارك في المزاد مثل الحصول على شهاده الجنسية وهذه الأوراق يتم استخراجها في شهور”.

وأوضح أحد المتضررين: أنه أنفق ما يقرب من 200 ألف جنيه على الأرض نظرا لانها شديدة الملوحة 1 متر فوق سطح الأرض”.

وطالب الأهالي بوقف المزاد نهائيا، وبالفعل توقفت جلسة المزاد اليوم الأول لعدم اكتمال نصابها القانوني.

البرلمان وأزمة سهل الطينة

تقدم عدد من أعضاء مجلس النواب، بطلبات إحاطة، بشأن مشكلة أرض سهل الطينة، التي صدر قرارات إزالة للمزارع السمكية بها وسحب الأرض من الشركات السابق تخصيص الأرض لها وتنظيم مزاد علني لبيعها من جديد، رغم وجود مشترين لها منذ ٢٢ عاما.

وتقدم كل من هشام الشعينى رئيس لجنة الزراعة، وهشام الحصرى وكيل لجنة الزراعة، وبدير عبدالعزيز وعبدالحميد الدمرداش، وعبدالفتاح سراج أعضاء المجلس، بطلبات الإحاطة إلى الدكتور على عبد العال رئيس المجلس، بشأن الأزمة، لتوجيهها إلى رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولى، ومناقشتها في دور الانعقاد المقبل.

وقال النواب في طلبات الإحاطة، إن في عام ١٩٩٦قام جهاز تعمير شمال سيناء، بتخصيص مساحة أرض قدرها ١٩٣٣٧ فدانا بـسهل الطينة، إلى عدد من الشركات، عن طريق المزاد العلني، وبناء عليه قامت تلك الشركات ببيع تلك المساحات لصغار المستثمرين والمواطنين، الذين دفعوا مقدم١٠% من قيمة الأرض، وتم إيداعها في خزينة الدولة عن طريق تلك الشركات.

وأضاف النواب في طلبات الإحاطة، أن صغار المستثمرين والمشترين، بدأوا في الزراعة وإنشاء مزارع سمكية، إلا أن في عام ٢٠٠٦ انتقلت ولاية الأرض من جهاز تعمير شمال سيناء، إلى الشركة القابضة لتنمية سيناء، ثم إلى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، ثم في عام ٢٠٠٨ تم سحب الأرض إداريا، من الشركات الخاصة، وصدور قرار يقضى أن تكون الأرض بنظام حق انتفاع لمدة ٤٩ عام بدلا من التملك.

وتابع النواب، وفى عام ٢٠٠٩ تم سداد أقساط استكمال الـ١٥% من مقدم الثمن بعد قرار سحب الأرض والتعامل مع المشترين مباشرة، وهو ما خلق مركز قانونى للمشترين.

وأضاف النواب، صدرت قرارات إزالة للمزارع السمكية، والآن بصدد تنظيم مزاد جديد، لبيع الأرض لآخرين، رغم أن المشترين يقيمون عليها منذ ٢٢ عاما، وقاموا باستصلاح الأرض وزراعتها.

وطالب النواب، باستكمال سداد باقى ثمن الأرض، مع تغريمهم بغرامات تأخير أن وجدت، وإنهاء إجراءات التعاقد مع المشترين بنظام الإيجار تمهيدا للتملك.

وكان العشرات من المزارعين المضارين من سحب أراضيهم توجهوا إلى مجلس النواب، لعرض مشكلتهم وعبّروا عن أزمتهم بوقفة احتجاجية لعشرات الفلاحين من محافظات الدقهلية والشرقية وكفر الشيخ أمام البرلمان.

تحذير

و”الفلاح اليوم“، يحذر من يهمه أمر أكثر من 20 ألف نسمة من صغار الفلاحين الذين تركوا أرضهم بالوادى وتحملوا الصعاب وقسوة الحياة فى تلك منطقة سهل الطينة منعدمة الخدمات من أجل المساهمة فى تنمية الاقتصاد الوطنى سواء بالإنتاج السمكى أو النباتى على مدار عشرات السنين، ثم يأتى قرار أعتقد أنه غير مدروس لم يراعى الأبعاد الاجتماعية والأمنية الخطيرة التى يمكن أن تحدث عندما يتقاتل المصريين فيما بينهم على قطعة أرض.

يا سادة أرجوكم أقفوا هذا المزاد الذى سيضع المصريين أمام بعضهم البعض فى صراع مسلح، وملكوا الأرض لأصحابها الأصليين وفقا للقواعد القانونية المنصوص عليها، قبل فوات الأوان فى وقت لا ينفع فيه الندم.

شاهد الفيديو

شاهد الفيديو..

https://www.youtube.com/watch?v=xTJ6fF-i5JY

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى