رأى

الوظائف الخضراء

د.محمد شطا

بقلم: د.محمد خليل محمد شطا

خبير السياسات الزراعية والتنمية الريفية

ظهر حديثاً مصطلح إدارة الموارد البشرية الخضراء وإندرج تحته مفاهيم أخرى مثل الموظفون الخضر green employees أو الوظائف الخضراء green jobs أو المهن الخضراء green careers وأصبحت شائعة الانتشار.

يشير مصطلح إدارة الموارد البشرية الخضراء إلى مساهمة سياسات وممارسات إدارة الموارد البشرية في الحفاظ على البيئة، بتحديد اتجاهات ومساهمة الشركة في حماية الموارد الطبيعية والمحافظة عليها. بمعنى تتبنى سياسات وممارسات تشجع المبادرات الخضراء من خلال زيادة وعي الموظفين والتزامهم بقضايا البيئة المستدامة.

وتشمل الممارسات الخضراء للموارد البشرية جميع ممارساتها التقليدية مع تحديث سياساتها بما يتعلق بالإدارة البيئية، فيصبح التوظيف هو التوظيف الأخضر، والتدريب والتطوير الأخضر، وإدارة الأداء الأخضر، والتعويضات الخضراء. بمعنى أخرى دمج إدارة البيئة بأهداف وممارسات إدارة الموارد البشرية.

ويمكن لإدارة الموارد البشرية الخضراء القيام بمبادرات صديقة للبيئة من خلال سلسلة من الأنشطة منها الكتابة والحفظ الإلكتروني مما يخفف من استخدام الورق وبالتالي الحفاظ على الأشجار في الطبيعة، حيث ان الاوراق يتم تصنيعها من الاشجار التي تنتج الاوكسجين وتستنشق كميات هائلة من غاز ثاني اكسيد الكربون، والمشاركة في نقل موظفيها بشكل جماعي بوسائل مواصلات خاصة بها مما يخفف من استخدام الموظفين لسيارتهم وبالتالي التخفيف من استخدام الطاقة والتلوث البيئي والتقليل من انبعثات الاحتراق، ويمكن أيضاً عقد الاجتماعات والمؤتمرات الالكترونية ومشاركة والتدريب عبر الإنترنت، وساعات العمل المرنة والعمل من المنزل، كل ذلك يخفف من معدلات السفر والازدحام والتلوث وما يصاحب ذلك من إهدار للموارد.

وتكمن أهمية إدارة الموارد البشرية الخضراء في تعزيز التوجهات العالمية لبرامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة العمل الدولية لزيادة الفرص الإنتقال العادل إلى اقتصاد أخضر وتوفير وظائف خضراء.

ولا يقتصر إهتمام الشركات بالإدارة الخضراء على إدارة الموارد البشرية فقط إنما تمتد إلى عمليات الإدارة الأخرى، كالتسويق الأخضر، والعمليات الخضراء، وإدارة سلسلة التوريد الخضراء، والمحاسبة والتمويل الأخضر، وهي بذلك تحمل نظرة شمولية من أجل موائمة الموظفين مع الاستراتيجية البيئية للدولة المصرية.

فتلعب إدارات الموارد البشرية الخضراء دور حيوي في تجهيز وتدريب الموظفين لذلك مما يساعد على التوصل إلى قدر كبير من الفائدة على جميع المستويات سواء للموظفين او الشركات او الدول، وتوفير بيئة عمل خالية من التلوث أثناء تأدية مهام عملهم عبر تنمية سلوك المواطنة البيئية لديهم.

وهناك عدد من المزايا التي يمكن للدول تحقيقها نتيجة إدخال إدارة الموارد البشرية الخضراء في العمل، كتخفيض الأثر البيئي للشركة مما يحسن من صورة الشركة لدى الجمهور، ويحسن القدرة التنافسية لها ويحسن من الإنتاجية والعوائد المستدامة للمستثمرين، وهي استجابة أيضاً للتوقعات الحكومية والعالمية للاستدامة.

أهم الوظائف الخضراء

تتركز الوظائف الخضراء في مجالات (الطاقة المتجددة، والكيمياء الخضراء، والموارد والنفايات، والتنقل المستدام، وصناعة الأغذية الزراعية، والتمويل البيئي، والمباني الخضراء، والغابات، والسلامة الإقليمية، والتسويق الأخضر والإعلان، والأزياء الخضراء ، والرفاهية الطبيعية، والصحافة البيئية والنشر، والمستدامة السياحة).

المتابع للسياسات الخضراء في مصر يجد انها لديها الملايين من وظائف خضراء فى العديد من المجالات كالطاقة المتجددة وإدارة المخلفات، وحققت العديد من قصص النجاح فى تحويل التحدى البيئى إلى فرصة للاستثمار والعمل والتى تعد خطوات داعمة فى توجه مصر نحو التعافى الأخضر، وتعمل الدولة على خلق بيئة مناسبة للشراكة بين القطاعين العام والخاص والشركات الوطنية والعالمية لاستقطاب التكنولوجيا النظيفة قليلة التكلفة.

فى قطاع المخلفات أثمرت جهود الدولة عن إصدار اول قانون للمخلفات بمصر في 2020، والذى يحدد الأدوار والمسؤوليات بين كل الفاعلين فى منظومة إدارة المخلفات، ويتيح فرص للقطاع الخاص للاستثمار فيها كما يحمله مسؤوليات من خلال آلية المسؤولية الممتدة للمنتج، بالإضافة إلى العمل على توفيق أوضاع القطاع غير الرسمى بالمنظومة من خلال العمل مع وزارتى التضامن الاجتماعى والقوى العاملة لمنحهم مسمى وظيفيا يسمح لهم بممارسة المهنة بشكل رسمى ويضعهم تحت المظلة التأمينية للدولة.

هناك تحول كبير فى ثقافة المجتمع عن البيئة وساعد فى ذلك العمل مع القطاع غير الرسمى وإعطائهم الصبغة الرسمية ليكونوا مساهمين فى التنمية ومشاركين فى مواجهة التحديات البيئية، فدمج السكان المحليين المحميات الطبيعية فى إدارتها وصونها وخلق فرص لهم ممارسة أنشطتهم والحفاظ على عاداتهم وتراثهم، جعلهم شركاء حقيقين فى صون موارد تلك المحميات وتحقيق استدامتها.

تعمل الدولة المصرية على تطوير استراتيجية الطاقة المتجددة، والتحضير لاستراتيجية انبعاثات كربون أقل كخطوة كبيرة فى مسار مصر نحو مواجهة آثار التحديات المناخية بعد تأسيس المجلس الوطنى للتغيرات المناخية والذى بدأ العمل علي دمج أبعاد تغير المناخ في السياسات الوطنية وقطاعات التنمية لتسير مصر في الممسار الصحيح نحو مستقبل افضل وحياة افضل لمواطنيها.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى