رأى

المنظمات الأهلية ودورها في تنمية الريف المصري

بقلم: د.شيرين قطب على عبدالعليم

يشهد العالم المعاصر تفاوتاً اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً شديداً بين دول استطاعت أن تحقق قدراً ملحوظاً من التقدم الاقتصادى والتغير الثقافى والاجتماعى، وأخرى لا تزال تبحث عن ذاتها ومكانتها فى هذا العالم (الجبالى، 1994، 2) وتسعى الدول النامية لعبور فجوة التخلف وتتخطاها فى محاوله للحاق بركب التقدم الذى تحيا فيه الدول المتقدمة.

وتعتبر التنمية من أكثر الموضوعات شيوعاً فى الكتابات الاقتصادية والاجتماعية (عائشة، فرحات، 2006، 60)، حيث أنها لا تهدف إلى الرخاء الاقتصادى فحسب وإنما تهدف إلى الرفاهية الاجتماعية وأصبحت التنمية تعتمد على مؤشرات للتوازن بين صيانة الموارد واستغلالها من ناحية، والمشاركة الفعلية من قبل الحكومة والمنظمات الأهلية فى الدول النامية من ناحية أخرى (سلامة، 2001، 11).

وقد حدث تطور مهم فى دراسة المنظمات الأهلية منذ بداية الثمانيات وبسبب غياب قاعدة بيانات شاملة رسمية تحدد لنا ملامح هذا القطاع غير الهادف إلى الربح اتجهت الدراسات فى البداية نحو إبراز طبيعة العلاقة بين هذا القطاع وسماته من حيث الحجم وأنماط النشاط والنمو، وتحديد العلاقة بينه وبين الدولة، وفى المرحلة الثانية من تنامى دراسات القطاع الأهلى ركزت تلك الدراسات حول الكشف عن واقع المنظمات الأهلية وهى عبارة عن هيئات تطوعية يقوم بإنشائها الأهالى أنفسهم اختيارياً تعبيراً عن انتمائهم لمجتمعهم المحلى لإحساسهم بمشكلاته أو لاستيقاظ وعيهم ويقظة ضميرهم وسيادة اتجاه القرابة لديهم لخدمة وطنهم الصغير، وقد شهدت التسعينيات من القرن الماضى تطور أكبر فى أدوار وفاعليات المنظمات الأهلية فى العالم العربى وتصاعد ملحوظ لدور تلك المنظمات كشف عنه تزايد عدد هذه المنظمات فى مختلف البلدان العربية، وتنوع أنشطتها واتجاهاتها نحو سد احتياجات المجتمع إلا أن هذا لم يتسم بالتوازن بين الريف والحضر بالرغم من حاجة الريف الملحة لمنظمات تنموية للنهوض به  من خلال تفعيل المشاركة الشعبية وإبراز المعوقات التى تعوق تنمية هذا المجتمع ولها ملامح عديدة (أمانى، قنديل، 1994، 16).

وقد أخذ الاهتمام بـالتنمية الريفية يتجه اتجاهاً جديداً فى السنوات الأخيرة مع الاهتمام بحل المشكلات الاجتماعية من خلال إحداث تغيرات شاملة لمختلف جوانب الحياة بحيث تسير الجهود فى اتجاه مخطط لتنفيذ البرامج الموجهة نحو تحسين الأحوال المعيشية للأفراد (صفية، عيسى، 1997، 20).

وقد أصبحت المنظمات الأهلية دعامة أساسية من الدعائم التى تعتمد عليها الدولة فى عملية التنمية داخل الريف المصرى، بهدف النهوض به لكى يلحق بالمجتمع الحضرى وتقليل الفوارق بين الريف والحضر، وتقوم هذه المنظمات فى مصر بخدمات كثيرة من أهمها مشروعات الأسر المنتجة، وحماية البيئة، والمساعدات الاجتماعية وورش النجارة وغيرها التى تهدف جميعها إلى إحداث التنمية الريفية (عبدالحافظ، 2005، 3).

 والجدير بالذكر أن عدد المنظمات الأهلية شاهدت تطور كمي لأعدادها الكبرى خلال السبعة أعوام الماضية، حيث بلغ عددها 47,580 جمعية وفقا لإحصائيات 2017، منظمة أهلية موزعة على مجالات العمل الأهلى يستفيد منها المجتمع بشكل أو بأخر وبالرغم من اختلاف هذه النسبة  ومدى انتشار المنظمات قياساً لعدد السكان إلا أنها تعد نسبة عالية رغم وجود الكثير من القيود التى تحد من انطلاق عمل هذه المنظمات، وبالطبع فإن الحد من هذه القيود واقتناع الجهات الرسمية بالسماح بتحويل جزء من عمل وأنشطة المنظمات إلى المجال التنموى يمكنه أن يحول هذه المنظمات إلى أداه تنموية حقيقية وليس فقط أداء خدمية فرعية بعيدة عن خطط الدولة للتنمية، هذا التحول يتطلب معالجة واضحة لقضية توظيف الموارد بالإضافة إلى الخبرات والكفاءات البشرية فى المنظمات الأهلية (عبدالوهاب، 2017).

المراجع

  1. الجبالى، جمال الدين يوسف، دراسة فى التكامل بين المنظمات التنموية ببعض قرى محافظة سوهاج ، رسالة ماجستير، كلية الزراعة، جامعة الأزهر، 1994.
  2. عائشة، فرحات فخرى عبد النعيم، المشاركة الشعبية فى البرنامج القومى للتنمية الريفية المتكامل (شروق) وعلاقتها ببعض المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية بريف محافظة المنيا ، رسالة ماجستير ، كلية الزراعة، جامعة المنيا، 2006.
  3. سلامة، فؤاد عبد اللطيف، مفهوم وقياس التنمية الريفية، كلية الزراعة، جامعة المنوفية، 2001.
  4. أمانى، قنديل، وآخرون، الجمعيات الأهلية فى مصر، مركز البحوث الإستراتيجية والسياسية، القاهرة، دار النشر، 1994.
  5. صفية، عيسى سيد محمد، دور المرأة فى التنمية الريفية – دراسة ميدانية فى ريف محافظة المنيا، رسالة ماجستير، كلية الزراعة، جامعة المنيا 1997.
  6. عبد الحافظ، محمد محمد إسماعيل، الدور التنموى لجمعية تنمية المجتمع المحلى – دراسة ميدانية بريف محافظة أسيوط، رسالة ماجستير، كلية الزراعة، جامعة المنيا 2005.
  7. السيد عبد الوهاب، أيمن، مركز الأهرام للدراسات السياسية والأستراتيجية – اصدرات المركز الملف المصرى، الجمعيات الأهلية فى مصر واختلالات الدور، 30-5-2017.

*كاتبة المقال: دكتورة فى محطة البحوث الزراعية بسدس – محافظة بنى سويف.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى