رأى

الغربة بين معاناة وإنجاز (1)

د.وحيد محمد عبدالصادق

بقلم: د.وحيد محمد عبدالصادق

باحث بمعهد الإرشاد الزراعي والتنمية الريفية – مركز البحوث الزراعية

ما أصعب الغربة وفراق الأهل والاصدقاء والعمل الذى تحبه وتذهب إلى المجهول من أجل تحقيق أشياء تتمنها ولكن بقدر ما تعطيك الغربة تأخذ منك بل تأخذ أكثر ما تعطي ولكن لها مذاقها سواء بحلوها أو مرها ولكن هى تجربة مررت بها وأحببت أن أسطرها فى بعض الكلمات البسيطة وإذا أردت الاستفاضة ستاخذ الكثير من الوقت والجهد ولكن سأتحدث عن أهم المواقف والصعوبات التى وجهتني والانجازات التى بفضل الله وحدة تم انجازها.

لقد تم اختياري من قبل وزارة الزراعة والثروة السمكية بسلطنة عمان للعمل كخبير إرشاد زراعي بمحافظة ظفار وحتى الآن لا أعلم كيف تم اختياري ومن رشحني لهذا العمل فأنا لم اتقدم لشغل هذه الوظيفة ولا أعلم عنها أى شئ ولكن هى أرادة الله سبحانه وتعالي وكنت ضمن ثلاثة مرشحين لهذه الوظيفة والاثنين الاخرين جنسيتهم عراقي وسوداني كما اخبروني وكنت أنا الخبير الإرشادي الوحيد بـوزارة الزراعة وقد فرحت لهذا الاختيار لأنني أميل للعمل الميداني بجانب العمل البحثي وحتى استطيع تنفيذ خططي لتطوير العمل الإرشادي بالسلطنة لأنني أحب هذه البلد من قديم الزمان واعتبرتها بلدي الثانية لما تتمتع به من حياديه فى جميع ما يدور حولها وعدم تدخلها فى شئون الغير وزاد حبها بعد وقوفها مع مصر أثناء مقاطعة جميع الدول العربية لمصر بعد معاهدة السلام ووقوفها مع مصرنا الحبيبة أثناء ثورات الربيع العربي.

وعلى قدر خوفي من تجربة الغربة والسفر لأننى ليس من محبي الغربة ولكن طيبة أهلها جعلني أحس وكأنني فى بلدي الحبيبة مصر وفى أول أيام عملي بالسلطنة تم تجهيز برنامج زيارات لي لجميع ولايات محافظة ظفار والحجر الزراعي والبيطري بها لأنها محافظة حدودية والمرور على جميع الدوائر الزراعية والحيوانية بالمديرية وبرنامج أخر لزيارة بعض محافظات السلطنة الشمالية وزيارة جميع إدارات الوزارة وذلك حتى أقف على كل شئ يخص الزراعة والثروة الحيوانية ومكانة الإرشاد بها وتمت الزيارات داخل المحافظة واستمرت أسبوعين وبعدها تمت زيارة المحافظات والوزارة واستمرت أسبوع وقمت بإعداد تقرير عن هذه الزيارات تم رفعه إلى الدكتور المدير العام وذكرت فيه أهم التوصيات والامكانيات التى احتاج لها فى عملي حيث وجدت عدم وجود مرشدين زراعيين بأى ولاية حتى قسم الإرشاد بالمديرية هو مسمي يوجد بها رئيس قسم فقط وليس لهم أى نشاط يذكر ولهذا أسباب سوف أذكرها وهى:

عدم وجود أى دعم للإرشاد الزراعي من قبل الوزارة.

تعود المزارعين ومربي الثروة الحيوانية الحصول على دعم من الدولة فى كل ندوة أو عمل إرشادى يتم إقامتها.

مرور الدولة بأزمة مالية مما أدى إلى إلغاء جميع الدعومات وذلك بدأية عام 2016 وهو بدأية عملي بالسلطنة.

ولهذا بدأت عملي بصعوبات كثيرة سواء مالية أو مادية أو بشرية وبدأت رفع مقترحاتي إلى المدير العام حتى نقوم بتنفيذها ولكن جميع هذه المقترحات كان مصيرها الأدراج والأسباب لا أعلمها حيث أن هذه المقترحات غير مكلفة ماليا بل من خلال الامكانيات المتاحة، وكان أول شئ فكرت فيه هو تجهيز وتدريب بعض الموظفين ليصبحوا مرشدين زراعيين يمكن الاستفادة منهم فى عملي وتم أخذ الموافقة من الإدارة وإرسال خطابات لجميع دوائر التنمية الزراعية بالولايات لترشيح عدد (2) موظفين لتدريبهم وبالفعل تم ترشيح 12 موظف إلى جانب قسم المرأة الريفية والذي يتكون من رئيسة القسم وموظفتين ليكونوا ذراعاً لى لخدمة المرأة الريفية.

ولكن بعد التدريب والتجهيز وعودتهم إلى العمل عادوا جميعا إلى عملهم السابق ولم يبقى معي غير موظفات قسم المرأة الريفية مما أصابني باحباط شديد لعدم الاهتمام من الجميع بعمل الإرشاد الزراعي وعدم تنفيذ أى مقترح تقدمت به حتى مقترح تجهيز وتدريب مرشدين زراعيين كأنه لم يكن.

وبعد مرور حوالي 9 أشهر على وجودي بالسلطنة تقدمت بأجازة لمدة شهر نزلت إلى مصر وأنا غير فرح لعدم تنفيذ أو عمل أى شئ يذكر ثم رجعت إلى السلطنة وعندى أصرار على تقديم استقالتي لأني لا أقبل أن اتقاضي راتب بدون انجاز أو عمل وفعلا تقدمت باستقالتي وتم رفضها وقام المدير العام بتشكيل لجنة من مدراء الدوائر لحثي على سحب استقالتي ولكن صممت وتم إرسالها إلى الوزارة وفى هذا الوقت تم تغيير المدير العام وجاء المديرية مدير عام من محافظة الباطنة بشمال السلطنة وعلم باستقالتي وسمع منى عن السبب فى تقديم الاستقالة فطلب مني أن أخذ اجازة بدون راتب ثلاثة أشهر حتى اراجع موقفي ووعدني أنه سوف أجد كل طلباتي للعمل متوفرة فوافقة على هذا المقترح والجميع لم يتذكر أنه تم إرسال الاستقالة إلى الوزير وأرسلوا الاجازة إلى الوزير ونزلت مصر. ومن المصادفة الغريبة أن وزير الزراعة وافق على الاستقالة ووافق على الاجازة ولكن المدير العام استطاع إلغاء الموافقة على الاستقالة والموافقة على الاجازة بدون راتب لمدة ثلاثة أشهر.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى