الطرق المستدامة لتصنيع مواد نانوية صديقة للبيئة (المخلفات الزراعية نموذج)

بقلم: أ.د/كامل أحمد عبدالسلام 

معهد بحوث أمراض النباتات ـ مركز البحوث الزراعية

خلال الفترة 2016-2022، من المتوقع أن ينمو السوق العالمي للمواد النانوية بمعدل نمو سنوي مركب قدره حوالي 20٪ أو أكثر – وأحد اهم التحديات الرئيسية التي تواجه التقدم العالمي في سوق انتاج المواد النانوية هو الاستدامة البيئية لعمليات التصنيع النانوي. ايضا الإنتاج الموثوق والقابل للتكرار للمواد النانوية بكميات كبيرة: وهذا يتطلب رقابة دقيقة على جميع مراحل عملية التصنيع والإجراءات الموحدة لتقييمها.

تعتبر مسألة توحيد تقنيات القياس والاختبار والتوصيف شرطًا أساسيًا لتنفيذ التصنيع، ويجب أن يتم اختيار تقنيات إنتاج الجسيمات النانوية بعناية ليس فقط بناءً على قابلية التوسع والانتاج التجارى وتكاليف الإنتاج، ولكن أيضًا على خصائص الجسيمات النانوية المطلوبة لتطبيقات محددة.

الواقع أن الطرق التقليدية لتصنيع المواد النانوية من أعلى إلى أسفل أو من أسفل إلى أعلى او باستخدام الطرق الكيميائية والفيزيائية يعيبها الاستخدام الكثيف للطاقة أكبر مقارنة بعمليات تصنيع المواد بحجوم الميكرو اوالماكرو. ايضا ارتفاع معدلات السمية للمواد المصنعة بالطرق التقليدية السابقة الذكر.

وعلاوة على ذلك، فإنها غالبا ما تتميز بانخفاض الكمية المنتجة العملية (باستخدام المواد الكيميائية الحمضية / الأساسية والمذيبات العضوية)، وتوليد الغازات الدفيئة، وأنها تتطلب مرافق وتجهيزات معملية محددة، خصوصا فى حالة الطرق الفيزيائية.

ويسعى الباحثين فى استخدام مبادئ الكيمياء الخضراء (“اختراع وتصميم وتطبيق المنتجات الكيميائية والعمليات للحد من أو للقضاء على استخدام وتوليد المواد الخطرة”) جنبا إلى جنب مع التكنولوجيا الحيوية البيضاء (“التكنولوجيا الحيوية التي تستخدم الخلايا الحية – مثل الخمائر والفطريات والبكتيريا والنباتات والمخلفات الزراعية وما تنتجة من انزيمات يمكن تستخدم للانتاج وتجميع المواد النانوية الخضراء على النطاق التجارى”) والتى يمكن أن تسهم حقا في تطوير عمليات صناعية أكثر استدامة لانتاج هذة المواد.

ويعتبر انتاج المواد النانوية الخضراء من المخلفات الزراعية احدى الطرق الواعدة ولكن وفي المقام الأول التعريف بكميات النفايات او المخلفات الزراعية / الغذائية التي يتم فقدانها كل عام حول العالم. حيث  قُدِّر الباحثين أن المخلفات الزراعية يمكن أن تشكل أكثر من 30 في المائة من الإنتاجية الزراعية على الصعيد العالمي.

يعكف الباحثين الان على تقييم أحدث الاتجاهات لإنتاج المواد النانوية من النفايات او المخلفات الزراعية، ويعتبر استخراج المواد النانوية من المخلفات الزراعية بديلا واعدا لمعالجة تلك النفايات، ومن المتوقع في المستقبل القريب أن تكون هناك بضعة تطبيقات أكثر اتساعا من الخلايا النانوية في العلوم البيولوجية.

ومثال على ذلك, يمكن استغلال المخلفات الزراعية كمصدر طبيعي يمكن استخراج النانو كربون والسيليكا من أربعة عدة مصادرة طبيعية مثل قش وقشر الأرز وتفل قصب السكر وقشر الفول السوداني…وغيرها. ايضا يمكن عزل الألياف النانوية عن قش القمح والكتان وتطوير طريقة لدمج هذه الألياف النانوية لتعزيز انتاج البوليمرات النانوية الحيوية (بيونانوكومبوزيت) تكون اقتصادية وذات أداء تنافسي والتى يمكن ان تساهم فى زيادة الانتاج الزراعى.

وفي هذا السياق، يمكن اعتبار المواد النانوية المصنعة من المخلفات الزراعية منتجاً جذاباً له ميول قابلة للتحلل أو القابلة للإزالة أو القابلة للتكون من النواحي البيولوجية. ايضا قد يكون لهذه المنتجات مستوى ثبات حراري ممتاز بالإضافة إلى كونها قوية ميكانيكيا، قاسية وبلورية جدا مثل هذة الصفات تنبىء بمستقبل واعد لتطوير انتاج المواد النانوية الخضراء من المخلفات الزراعية.

إن عملية تصنيع المواد النانوية الخضراء عملية واعدة قائمة على التكنولوجيا الحيوية تمثل نهجًا بديلًا “أخضر” للاستراتيجيات الفيزيائية والكيميائية المستخدمة فى التحلل النانوي.

وفى النهاية تهدف تقنية النانو الخضراء الى استخدام تكنولوجيا مستدامة اقل ضررا على صحة الانسان والنبات وكذلك الحيوان والبيئة، وتشجيع استبدال المنتجات الكميائية القائمة الان بمنتجات نانو تكون اقل ضررا للبيئة، من خلال نهج “أخضر” ومستدام، حيث يمكن أن تحفز تكنولوجيا النانو الميكروبية والنباتية الابتكار في تصنيع النانو مع تأثير قوي محتمل في العديد من المجالات ومنها التنمية الزراعية المستدامة.

ولذلك، ينبغي أن تكون هناك في المستقبل جوانب إيجابية لتسويق هذه المواد النانوية، كما تهدف البحوث الجديدة إلى تحسين كفاءة استخدام المياه في النباتات ومبيدات الآفات والأسمدة والحد من التلوث والزراعة الصديقة للبيئة.