رأى

السياسات واللوائح التنظيمية لاستخدمات المياه العادمة في أغراض التنمية الشاملة

أ.د/علاء البابلي

بقلم: أ.د/علاء البابلي

يتطلب إيجاد أطُر تنظيمية فعالة امتلاك السلطات التنفيذية للقدرات التقنية والإدارية الضرورية، واطلاعها بعملها بطريقة مستقلة، وتمتعها بالصلاحيات الكافية لتطبيق القواعد والمبادئ التوجيهية.

وتُسهم الشفافية وإتاحة المعلومات في التشجيع على الامتثال عن طريق تعزيز الثقة لدى المستخدمين بإجراءات التنفيذ والامان. وسيتطلب إحراز التقدم المنشود في هذا الصدد اعتماد نهج تراكمي يتصف بالمرونة.

ويجري تطبيق السياسات واللوائح التنظيمية على الصعيد المحلي، ولابدّ من تطويعها بما يتوافق مع مختلف الظروف. ومن المهم بالتالي تقديم الدعم السياسي والمؤسسي والمالي للمبادرات التي تنطلق من القاعدة إلى القمة مع توفير خدمات إدارة المياه العادمة على النطاق المحلي الضيق) أي على المستوى اللامركزى).

وبالإضافة إلى ما تقدم، لابدّ من وضع لوائح تنظيمية جديدة بشأن إعادة استخدام المياه واسترداد المنتجات الثانوية من المياه العادمة. فلا يوجد في الكثير من الأحيان سوى القليل من التشريعات التي تنص على معايير الجودة المتعلقة بهذه المنتجات أو لا توجد أية تشريعات تنص عليها مما يؤدي إلى تعرض السوق لانعدام اليقين الذي يمكن أن يتسبب في تثبيط همم المستثمرين والحد من الاستثمارات.

ويمكن تحفيز أسواق هذه المنتجات عن طريق الحوافز المالية أو القانونية) على سبيل المثال الإلزام بخلط الفوسفات المسترد بـالأسمدة الاصطناعية).

استعادة التكاليف وإيجاد آليات التمويل المناسبة

تُعتبر خدمات إدارة المياه العادمة والصرف الصحي بوجه عام باهظة التكلفة وتتطلب رأس مال كبير. وينطبق هذا بالتحديد على النُظم المركزية الواسعة، والتي تستأثر بقسم كبير من النفقات الرأسمالية المباشرة مع ارتفاع تكاليف تشغيلها وصيانتها نسبياً في الأجلين المتوسط والطويل من أجل تلافي تعرضها لتدهور سريع.

وتتفاقم المشكلة من جراء النقص المزمن في الاستثمار في تنمية القدرات المؤسسية والبشرية. وعلى الرغم من ذلك، تفوق التكاليف الناجمة عن قصور الاستثمار في إدارة المياه العادمة تكاليف خدمات الصرف الصحي بمقدار كبير، ولا سيما عند أخذ الأضرار المباشرة وغير المباشرة التي تلحق بالصحة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئة في الحسبان.

ويمكن استخدام نُظم معالجة المياه العادمة اللامركزية للتغلب على بعض المشكلات المالية المرتبطة بالنُظم المركزية. وفي حالة تصميمها وتطبيقها على النحو الملائم، يمكن أن تُحقق هذه التقنيات المنخفضة التكلفة نتائج مُرضية من حيث نوعية النفايات السائلة على الرغم من ضرورة تشغيلها وصيانتها أيضاً بمستويات مناسبة لتلافي تعرضها لأعطى الإيرادات اللازمة لمعالجة المياه العادمة، لا سيما في الظروف الناجمة عن شح المياه المتكرر أو المزمن.

وقد جرى تطبيق عدد من النماذج التجارية المختلفة حيث يتيح استرداد التكاليف والقيمة الحصول على منافع مالية كبيرة. وعلى الرغم من ذلك، لا تكفي الإيرادات التي يدرّها بيع المياه العادمة المعالجة فقط لتغطية تكاليف تشغيل وصيانة المحطات بوجه عام. ويمكن أن يُسهم استعادة العناصر المُغذية ولا سيما الفوسفور والنيتروجين واسترجاع الطاقة في إيجاد مصادر قيّمة جديدة تتيح تعزيز إمكانية استرداد التكاليف.

وقد لا تكون عوائد استخدام المياه العادمة واسترداد الموارد كافية دائماً لتغطية تكاليفها الإضافية، أن فوائد الاستثمار في إعادة استخدام المياه يمكن أن تضاهي فوائد تكاليف إنشاء السدود وتحلية المياه ونقل المياه بين الأحواض المائية، وغيرها من الخيارات المتاحة لزيادة توافر المياه.

ولا تعبر أسعار المياه الصالحة للشرب بوجه عام، وحتى في حال إيصالها إلى المستهلكين عبر شبكات المياه، عن التكلفة الإجمالية لهذه الخدمة. ويجب بيع المياه العادمة المُعالجة ذاتها بأسعار تقل عن أسعار المياه الصالحة للشرب لكي يقبلها الناس. ويتيح تسعير المياه المستمدة من كافة المصادر تسعيراً يعبرعن تكلفتها الفعلية القيام بعمليات استثمارية قد تفضي إلى تقديم خدمات بأسعار معقولة لجميع أفراد المجتمع، ومنهم الفقراء.

*كاتب المقال: خبير المياه الدولى واستاذ الاراضى والمياه ورئيس قسم المقننات المائية الأسيق بمعهد بحوث الاراضى والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ياريت يكون الكلام من غير تسعير او اى كلام فى الفلوس لان المزارع شايف الذل القطن على سبيل المثال مش عارف يبيعه حتى الان وقس على ذلك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى