رأى

السد الإثيوبي والهجرة غير الشرعية!!

بقلم: أحمد إبراهيم

إذاعي وكاتب صحفي

خلال السنوات الماضية استطاعت مصر النجاح فى القضاء تماماً على الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا بعد أن كنا يومياً نستيقظ على كارثة غرق مراكب فى البحر تحمل على متنها مئات الشباب سواء من مصر أو أفريقيا يقصدون الهجرة بطريقة غير شرعية، وهى ظاهرة كانت تعانى منها كل الدول الأوروبية أشد المعاناة، ولكن مصر قضت عليها تماماً، وتحمّلت، وما زالت تتحمل فى سبيل ذلك، عناءً كبيراً، ولكن هل تستطيع مصر تحمّل هذا العبء إذا أصابها الضرر من السد الإثيوبى؟ وهل الدول الأوروبية التى تساند إثيوبيا أو حتى تلك التى تتخذ موقفاً سلبياً من أزمة السد هل تجرؤ أن تطالب مصر بحمايتها من الهجرة غير الشرعية؟

لأن العالم لا يتعامل بالعقل ولا بالعاطفة بل بالمصلحة، لذلك يجب أن نخاطبه بهذه اللغة، وهى أن الآثار السلبية من هذا السد المشئوم لن تتحملها مصر وحدها ولكن المنطقة بالكامل وأولها الاتحاد الأوروبى، وأن هذا السد سوف يكون سبباً فى زيادة الهجرة غير الشرعية، ولن تستطيع القاهرة منعها كما كانت تفعل، الأمر الآخر هو أن يكون تركيز خطابنا الإعلامى والسياسى على الأضرار الحقيقية وبالأرقام فى حالة عدم الوصول إلى اتفاق ملزم لإثيوبيا فى إدارة وتشغيل السد، فالأرقام تقول إن الله يرسل أكثر من 1000 مليار متر مكعب من المياه للثلاث دول، حصة مصر منها 55 ملياراً فقط، والسودان 18 ملياراً، وإثيوبيا أكثر من 900 مليار.

والأرقام تقول إن 95% من أرضنا صحراء جرداء بسبب عدم توافر المياه، وإن نهر النيل هو المصدر الرئيسى لحياة المصريين، وإننا دولة تستورد من الخارج أكثر من نصف السلع الغذائية الاستراتيجية بسبب نقص المياه، كما أن حصتنا فى النيل ثابتة منذ عشرات السنوات رغم تضاعف عدد السكان عدة مرات، كما أننا نعيد استخدام المياه أكثر من مرة، وهذا يكلفنا أموالاً طائلة، بالإضافة إلى جهود الدولة المصرية فى مجال تحلية المياه وتحويل نظم الرى من الأساليب القديمة إلى الحديثة، وهذا يكلفنا أيضاً مئات المليارات.

المعركة مع إثيوبيا ليست سهلة لأن من يديرها خلف الكواليس لا يريد لمصر الأمن والاستقرار، لذلك هى ليست فقط مسئولية الرئيس أو الحكومة، ولكن مسئوليتنا جميعاً، ولن يجدى معها إعلامنا الذى يخاطب نفسه، نريد لغة إعلامية مختلفة تخاطب شعوب العالم قبل حكوماته، وباللغة التى يفهمها، وهى المصلحة لنا ولهم، أو الأضرار علينا وعليهم.

لا شك أن التحديات التى تواجه بلادنا بسبب أزمة سد النهضة تكاد تكون الأصعب فى تاريخها، وربما تتجاوز مرحلة ما قبل حرب أكتوبر، هذه التحديات تتطلب من جميع المواطنين أن يكونوا على مستوى الحدث والتلاحم الوطنى خلف القيادة السياسية، وأيضاً أن يكون لهم صوت مسموع فى العالم كله، لأن حقوقنا فى النيل ليست فقط تاريخية ولكنها أيضاً مكتسبة.

مصر أقرت بحق إثيوبيا فى التنمية، مقابل حق مصر فى الحياة، رغم أن سد النهضة أهدافه إعلامية سياسية أكثر منها تنموية، أو ربما هدفه بيع المياه، وذلك يتنافى مع القيم الإنسانية، ويكون بداية صراع لن ينتهى فى كل الدول التى تربطها أنهار مشتركة.

يجب أن نخاطب العالم بلُغته من خلال الشخصيات المصرية الدولية الوطنية المحترمة «قوتنا الناعمة»، فالقضية ليست سياسية دبلوماسية فقط، بل شعبية، كما يجب أن تتواصل هيئة الاستعلامات مع خبراء الرى المصريين وتترجم آراءهم ومقالاتهم باللغات الأجنبية وترسلها إلى الإعلام الدولى، أيضاً على رجال الأعمال المصريين تنظيم حملات إعلانية فى أهم وسائل الإعلام العالمية.. اللهم احفظ بلدنا الغالى.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى