تقارير

«الخفافيش» الثعالب الطائرة مصدر هلع المزارعين وخزان الفيروسات

كتب: د.علاء الخولي إن انتشار المسببات المرضية المشتركة ذات أصل حيواني يتم بطرق معقدة تعتمد علي نوع المسبب المرضي وأساليبه للتكاثر والهروب من الأنظمة الدفاعية وكذلك نوع الخلايا المناسب له في العائل المصاب، وقد يحتاج في ذلك لمضيف وسيط.

أ.د/علاء الخولي، وكيل البحوث والدراسات بمعهد الأمصال واللقاحات البيطرية بمركز البحوث الزراعية

هناك العديد من الحيوانات التي تعتبر حاويات بيولوجية لأمراض الإنسان، فـالقوارض تحمل الطاعون، والخنازير تنقل الأنفلونزا والطيور تنقل فيروس غرب النيل وأنفلونزا الطيور، وتعتبر الخفافيش هي ثاني أكثر الثدييات الغنية بالأنواع حيث تم التعرف علي أكثر من 1400 نوع منها موزعة حول العالم.

تعيش الخفافيش بالمناطق الحضرية والطبيعية، ولديها القدرة على حمل الفيروسات ونشرها دون الإصابة بها، وعموما فإنه يمكن القول أن الخفافيش هي ثدييات طائرة معمرة لديها القدرة علي مقاومة الشيخوخة والسرطان وتمتلك هندسة للمحاكاة الحيوية، حيث تستخدم الأدوات البصرية مع صدي الصوت لتحديد ثلاثي الأبعاد للمكان والاتجاه أثناء طيرانها، وتعيش الخفافيش في مستعمرات بأعداد كبيرة، ما يساعد علي نشر الأمراض من خلال ذرقها (براز الخفافيش والذي يستخدم كسماد عضوي نفيس يسمى جوانو Guano ويحتوي علي ميكروبيوم وفيروبيوم)، والذي تم عزل أكثر من 2000 مسبب مرضي منه (بكتيرية وفيروسية وفطرية وطفيلية وبكتيريوفاج والبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية).

استخدمت الخفافيش في البحث العلمي لفهم التطور النوعي والتكيف بالطفرات وكيف تعمل النظم البيئية، كما استخدمت أيضا في دراسات حول الشيخوخة والسرطان وهندسة المحاكاة الحيوية.

تتغذى غالبية أنواع الخفافيش على الحشرات ما يساعد على حماية المحاصيل من الإصابة، بالإضافة إلى أنها تساعد أيضا على تلقيح الكثير من النباتات، بما في ذلك العديد من النباتات التجارية، وعلى النقيض تتغذى بعضها مثل خفافيش الفاكهة (الثعالب الطائرة) علي ثمار الفاكهة والمحاصيل الزراعية أو على دم حيوانات المزرعة مما يسبب هلع للمزارعين خوفا علي استثماراتهم.

تمتلك الخفافيش العديد من طرق التمثيل الغذائي والتكيف البيئي والفسيولوجي حيث ترفع معدل دقات القلب 4 – 5 مرات أثناء الطيران لتصل إلي 1066 دقة بالدقيقة وتخفضها 5 – 7 مرات كل ساعة وتستهللك حوالي 1200 سعر حراري في الساعة وتستهلكهم خلال 8 دقائق فقط من الطيران، مما يولد كمية كبيرة من الطاقة التي ترفع حرارة جسمها إلى ≥ 38 -41 ºم.

المسببات المرضية التي تكيفت في الخفافيش لتتحمل هذه الدرجات ولكنها لا تستطيع التكاثر بداخله، وهذا يشكل مشكلة لجسم الإنسان المريض حيث أن نظام المناعة لدينا ترتفع معه درجة الحرارة (الحمى) كوسيلة مناعية لإيقاف تكاثر المسبب المرضى.

من الملاحظ أن الخفافيش كونها من الثدييات كرابط مع الإنسان يزيد احتمالات دورها كمضيفات حيوانية المصدر للمسببات المرضية المشتركة أكثر من الطيور والزواحف.

وأخيرا، نستطيع القول بأن التقلبات البيئية المتلاحقة والمرتبطة بالتحضر والمد السكاني وإزالة الغابات والتنمية الزراعية وتغير السلاسل الغذائية بأكملها من خلال تلويث الهواء والماء والتربة، تؤدي إلى زيادة الاتصال والتقارب بين الناس والحيوانات البرية بحثا عن بيئة بديلة في هذه المناطق تساعد على زيادة فرص انتشار المسببات المرضية ذات الأصل الحيواني ونشوء فيروسات جديدة تصيب الإنسان.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى