تقارير

«الأكاروسات النباتية» بداية الانتشار وأهم مظاهر الإصابة

كتبت: د.هالة الأخضر يعد القطاع الزراعي من اهم القطاعات الأساسية في الاقتصاد المحلي والعالمي، حيث أن دوام الحياة على الأرض مرتبط به لتوفير الاحتياج الغذائي لملايين الأفواه التي تولد يومياً ونظراً لأن الرقعة الزراعية محدودة مع نقص متوقع في حصة المياه فإن العمل على زيادة الانتاج بالتوسع الرأسي لرفع كم المنتج بالنسبة لوحدة المساحة باستخدام كافة التقنيات الحديثة في الزراعة اصبح ضرورة وليس رفاهية.

د.هالة الأخضر

وتعتبر مكافحة الافات الزراعية ومن اهمها الأكاروسات من أهم هذه التقنيات التي تحمي المحصول من ضرر كبير في الحقول والمخازن.

لقد ظهرت الأكاروسات كأفة ضارة بالنبات تتسبب في فقد كبير في المحاصيل بعد الحرب العالمية الثانية وذلك بعد التوسع غير المدروس في استخدام المبيدات الكيمائية وخاصة الـDDT الذي أدى استخدامه لموت مدى واسع من الافات ومفترساتها الطبيعية ما تسبب في حدوث خلل في التوازن البيئي وتحول العديد من الافات الثانوية الى افات اولية خطيرة تتسبب في الضرر والفقد في المحصول ومنها الأكاروسات.

وهناك ايضا العديد من العوامل التي ساعدت على زيادة وانتشار هذه الأكاروسات واهمها على سبيل المثال لا الحصر تكرار زراعة بعض المحاصيل وعدم اتباع الدورة الزراعية, زراعة أصناف ضعيفة غير مقاومة للاصابة بالافات وخاصة الأكاروسات, استخدام بعض العمليات الزراعية الخاطئة التي خلقت ظروفاً أكثر ملائمة للآفات وعدم التخلص من بقايا المحصول السابق, انتقال الأكاروسات من بلد لآخر بعد تزايد التبادل التجاري الدولي, الاستخدام المتكرر وغير المنتظم للعديد من المبيدات الكيماوية دون النظر إلى آثارها الثانوية على الاعداء الطبيعية وكذلك تعدد العوائل للاكاروسات حيث انها تصيب مدى واسع من الخضر والفاكهة والمحاصيل الحقلية المختلفة على مدار العام.

أمام الانتشار الواسع لهذه المبيدات ودخولها كل بيت ومزرعة واستخدامها في العديد من الحالات بشكل خاطىء كان لابد من وقفة تروي وتأمل، فقد نشأ عنها العديد من المضار بحيث تتجاوز الفوائد المرجوة منها.

ومن اهم مشاكل التي تم ملاحظتها من الاستخدام الجائر للمبيدات, الأضرار الصحية بالإنسان والحيوان, الإخلال بالتوازن الطبيعي للكائنات الحية ووجود الاعداء الحيوية للاكاروسات بطريقة طبيعية, ظهور العديد من سلالات الأكاروسات المقاومة لتأثير المبيدات, التكاليف الإقتصادية العالية التي ترهق المزارع نتيجة استخدام هذه المواد, وجود متبقيات للمبيدات في الثمار لعدم التزام الكثيرين بفترة ما قبل الحصاد وما يترتب عليه من رفض العديد من الدول استقبال منتجات زراعية مصرية مما يؤثر على الاقتصاد الوطني.

هذه الأمور أدت إلى التفكير لاستنباط طرق جديدة للمكافحة بحيث لاتعتمد على أسلوب واحد فقط من أساليب المكافحة بل الإعتماد على أساليب متعددة يخدم بعضها البعض بصورة متكاملة وهذا ما يسمى الآن المكافحة المتكاملة للآفة.

وقبل البدء في الحديث عن اهم طرق المكافحة المتكاملة للاكاروسات, يجب التعرف على اهم الاعراض التي يسببها وجود الأكاروسات على النبات ولعل اهم انواع الأكاروسات واكثرها انتشارا هو العنكبوت الاحمر ذي البقعتين والاسم العلمي له هو Tetranychus urticae الذي يصيب معظم النباتات من طور البادرة وحتى ما قبل الحصاد.

واهم مظاهر الإصابة به تتمثل في ظهور بقع صفراء على الأوراق حيث يفرغ محتوى الخليه النباتية من الكلوروفيل وبالتالي أصفرار سطح الورقة وذبولها ويصبح سطح الورقة خشن الملمس وعند حدوث الإصابة الشديدة يغزل العنكبوت خيوطا حول الأوراق.

هذه الخيوط تسهل على الأكاروس الانتقال بين الاوراق والنباتات وانتشار العدوى به وكذلك تترسب عليها ذرات الغبار فتصبح مظلة تعزل الهواء وتقلل اشعة الشمس عن النبات فتسرع في موته. واهم مظاهر وتداعيات الاصابة ايضا تأخر النمو لجميع أعضاء النبات المصاب, مساحة الأوراق في النباتات المصابة تقل بشدة ويحدث نقص في عدد الأوراق قد يكون نتيجة لسقوط الأوراق بالإضافة إلي نقص في سمك الورقة بسبب العدد القليل للخلايا في الورقة.

وما يزيد انتشار الاكاروسات النباتية ايضا خفة وزنها فيمكن ان تنتقل عن طريق الهواء سواء مع الاوراق المصابة المتساقطه او مع تيارات الريح من نبات لاخر.

وأمام هذا الفقد في المواد الغذائية من جهة وازدياد التضخم السكاني وزيادة الطلب على المنتجات الغذائية من جهة أخرى كان لابد أن نفكر في اتباع أساليب جديدة تقي الانسان وتخلصه من أضرار هذه الأكاروسات التي أخذت تنتشر أكثر فأكثرو ذلك باستخدام العديد من الطرق والوسائل غير التقليدية جنبا الى جنب مع الوسائل المتعارف عليها.

*معد المادة العلمية: باحث أول بمعهد وقاية النباتات ـ مركز البحوث الزراعية.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى