رئيس التحرير

استقلال السياسات الزراعية فى مصر يُكفل حقوق الفلاحين

بقلم: د. أسامة بدير

أصبحت الزراعة سوقا حرة وقطاعا اقتصاديا ذا توجه للتصدير، كما أصبح تحديد الأسعار والتركيب المحصولي الإجباري وغيره من السياسات المقيدة من سمات الماضي.

د. أسامة بدير
د. أسامة بدير

ومع ذلك مازالت الزراعة فى مصر تفتقد إلى أدوات عديدة مثل المعلومات والمساعدات الفنية والأسعار الاختيارية المضمونة والتعاونيات والإئتمان والإجراءات التنظيمية، التي تساعد هذا القطاع على أن يصبح قاطرة للنمو الاقتصادي إلى جانب النمو غير المباشر للتشغيل في القطاعات المتصلة به.

يمكن تحقيق ذلك عن طريق زيادة الإنتاج الزراعي والإسراع بإدخال الميكنة الزراعية السريعة، والتوسع في صادرات المحاصيل مرتفعة القيمة، واستخدام مياه أقل في الرى ووضع تركيب محصولي بديل وأكثر جدوى وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، وهى إجراءات ستؤدي حتما إلى تحسين كل من الدخول الحقيقية ومستوى المعيشة لسكان الريف بنحو 25%.

رغم نمو الناتج الزراعي والقيمة المضافة وتحقيقه نموا بمعدل يتراوح بين 2,6% – 3,5% فيما بين عام 1982 وعام 2004 بسبب زيادة مساحة الأراضي المزروعة والمساحة المحصولية، وكان ينتظر أن ينمو الانتاج الزراعي بمعدل 4,1% عام 2015 من خلال الإدارة المثلى وتخصيص الموارد واستصلاح وزراعة 3,4 مليون فدان إضافية، لكن ربما الأحداث التى تمر بها مصر منذ عام 2011 عرقلت جميع عمليات التنمية فى هذا القطاع.

وعلى الرغم مما حققته المحاصيل الغذائية الاستراتيجية الرئيسية من ارتفاع غلة المحصول والإنتاج والاكتفاء الذاتي، فإنه يلزم إجراء تحسين أكثر في الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي بالنسبة للسلع الاستراتيجية مثل القمح والخضراوات والزيوت واللحوم ويمكن تحقيق هذه التحسينات من خلال التوسع الرأسي في الانتاج النباتي (إنتاج محاصيل جديدة مرتفعة الغلة وأنواع أفضل جودة) وزيادة الانتاج الحيواني (وبخاصة في الحيوانات المجترة الصغيرة والدواجن والأسماك) بهدف زيادة متوسط نصيب الفرد من استهلاك البروتين الحيواني من 18 – 24 جرام يوميا.

فى نفس الوقت فإن برامج إصلاح الزراعة أدت الى آثار سلبية على أوضاع وحياة صغار المزارعين والعمال فى الريف وأدى ذلك وطبقاً لتقارير التنمية البشرية إلى تزايد الفقر وتدهور الخدمات وأوجه الرعاية بعد انسحاب الدولة من تقديم الخدمات للمواطنين وتركها لسياسات السوق.

بطبيعة الحال يرتبط التقييم النهائي للسياسات الإصلاحية بمدى ما تحدثه من آثار ايجابية بالإضافة إلى ما تخلفه من آثار سلبية، وبمعنى آخر يرتبط هذا التقييم بالاثر الصافي لهذه السياسات سواء على دخول المزارعين خاصة صغارهم، وعلى معدلات النمو التي يحققها الإنتاج الزراعي، وبالقدرة على تصريف النواتج الزراعية بأسعار ملائمة إلى غير ذلك من الاعتبارات.

في هذا المجال تشير الدراسات إلى أن الأثر الصافي للسياسات الإصلاحية يتوقف بالدرجة الأولى على قدرة المنتجين على الاستجابة لمتغيرات الأسواق السلعية والسعرية، إذ أنه في ظل زيادة معدلات الاستجابة تتضاءل الأثار السلبية وتتعاظم الآثار الايجابية وبالقدر الذي يزيد من فرص نجاح السياسات الإصلاحية المطبقة.

وتجدر الإشارة هنا إلى دور مستويات التقنية المستخدمة في الأداء الزراعى وأثره على معدلات الاستجابة حيث تزداد القدرة على الاستجابة للمتغيرات السوقية بزيادة معدلات تبني أنماط تكنولوجية أكثر تقدما.

من هنا فإن المعرفة الدقيقة بعناصر السياسات الإصلاحية المطبقة ومتطلبات المواءمة معها وذلك من قبل المنتجين الزراعيين خاصة صغارهم يُعد شرطا ضروريا لقبولهم هذه السياسات، وبناء اتجاهاتهم نحو استخدام الأساليب والأنماط الزراعية الملائمة، ومن ثم فإن معدلات هذه المعرفة تعد المدخل الضروري لزيادة قدراتهم على الاستجابة للمتغيرات السوقية، فبزيادتها تتعاظم قدرتهم على تخطيط عمليات الإنتاج ومستوياته التكنولوجية بما يزيد من قدرتهم على استثمار الفرص التسويقية المتاحة ومن ثم تزداد ايجابيات السياسة المطبقة مقارنة بسلبياتها الأمر الذي ينعكس بصورة إجمالية في تعاظم فرص نجاح السياسات الإصلاحية المطبقة.

وفى هذا السياق  فإننا نشير الى ضرورة تعديل السياسات الزراعية فى مصر لتحقيق نهضة زراعة واستقلال واكتفاء ذاتى من الغذاء وحماية لثروتنا الزراعية ومواردنا من الإهدار وكفالة لحقوق الفلاحين فى الحياه الكريمة اللائقة والزراعة الآمنة.

للتواصل مع الكاتب
[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى