تحقيقات

“إسرائيل” تحارب “مصر” بسد النهضة الإثيوبى

سد النهضة

الفلاح اليوم تستمر إثيوبيا بشكل سريع في عمليات بناء سد النهضة وسط تأكيدات من أديس أبابا حول بداية انتاج الكهرباء من السد في القريب العاجل مع استمرار تعثر المفاوضات المصرية لتقليل حجم المخاطر التي تتعرض لها القاهرة جراء عملية البناء وتخزين المياه.

وبعيدا عن المفاوضات المباشرة بين مصر وإثيوبيا، يوجد جانب يمثل أكثر خطورة وأهمية في موازنات أزمة سد النهضة، يتمثل في إسرائيل، والتي تتوطد علاقتها بشكل كبير مع عدد من دول القارة الأفريقية وعلى رأسها إثيوبيا.

الدول الداعمة لسد النهضة

وقال “بريخيت سمؤون”، المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية، إن زيارة نتنياهو لإثيوبيا أتت تزامنا مع احتفالات الجبهة الثورية للشعوب الإثيوبية “الحزب الحاكم” بمناسبة الذكرى الـ22 لوصوله إلى سدة السلطة في إثيوبيا.

ووجه سمؤون، خلال تصريحات نقلتها الصحف الإثيوبية، الشكر العميق إلى الدول الداعمة لبناء سد النهضة وعلى رأسها إسرائيل والولايات المتحدة والإمارات والسعودية.

وتعد المملكة العربية السعودية والإمارات من أبرز الدول التي لها علاقات اقتصادية مستقرة مع إثيوبيا، كما تعتبر العلاقات بين البلدين وأديس أبابا مؤثرة بدرجة كبيرة على الاقتصاد الإثيوبي، ومصدر من أهم مصادر الدخل الأجنبي.

وأوضح “يفجيني كلاوبر” المحاضر بقسم العلوم السياسية بجامعة تل أبيب، أن إسرائيل تلعب دور الوسيط بين القاهرة وأديس أبابا لضمان عدم تضرر مصر مائيا بعد إقامة سد النهضة الإثيوبي.

وبحسب مقال نشره موقع “ميدا”، حمل عنوان “السد الإثيوبي الذي يعزز إسرائيل على حساب الفلسطينيين”، فإن حديث مصر عن دولة فلسطينية يراه الغالبية مجرد كلام لن يتحقق، والأهم بالنسبة للقاهرة مصالحها مع إسرائيل، وعلى رأسها مسألة سد النهضة، وإمكانية تأثير إسرائيل على إثيوبيا في هذا الإطار.

مشروعات إسرائيل في إثيوبيا

لدى سلطة الاحتلال الإسرائيلي العديد من المشروعات الاقتصادية داخل الأراضي الإثيوبية، كشف عنها السفير الإثيوبي السابق في إسرائيل، هيلاوي يوسف، حيث أن مجلس إدارة الكهرباء في إثيوبيا وافق على اختيار شركة كهرباء إسرائيل لتتولى إدارة قطاع الكهرباء في إثيوبيا، على أن تتضمن عملية الإدارة أيضا تقديم الاستشارات وإدارة المشروعات لإنشاء محطات طاقة جديدة، جميعها سيقان على النيل الأزرق مباشرة.

وأكد يوسف، في تصريحات صحفية، أن إسرائيل دشنت مجموعة كبيرة من المشروعات الزراعية المشتركة داخل الأراضي الإثيوبية، بالإضافة إلى وجود ما يزيد عن 240 مستشمرا إسرائيليا في إثيوبيا.

ووفقا لما ذكره موقع وزارة الخارجية الإسرائيلي، تمتلك تل أبيب نحو 70 ألف دونم “الدونم يعادل 1000 متر مربع”، بما يعادل 70 مليون متر مربع، يتم استغلالها في زراعة قصب السكر، ما جعل إسرائيل لأن تكون إحدى الدول المصدرة للسكر.

ووقع ضمن الاتفاقيات التي وقعتها إسرائيل مع إثيوبيا، مشروع ري ضخم من خلال المياه الإثيوبية، سيبدأ على الفور مع الانتهاء من سد النهضة وبداية توليد الكهرباء منه، ما سيدر عائدا اقتصاديا كبيرا على الدولتين.

الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية، رأى أن مصر لا يجب عليها الذهاب إلى إثيوبيا كثيرا بشأن أزمة سد النهضة، لكن عليها أن تذهب إلى الاتفاق مع الدول الممولة والداعمة لعملية بناء السد، وعلى رأسها إسرائيل.

وقال دراج، إن فشل المحاولات المصرية المستمر في وقف عمليات بناء السد سواء عبر المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة مع إثيوبيا دليل على أن الأزمة لن تنتهي وأن أديس أبابا عازمة على المضي قدما في طريقها نحو بناء سد النهضة دون توقف.

ضغوط على مصر

وأضاف أستاذ العلوم السياسية، أن إسرائيل ستمارس ضغوطا على مصر عبر توجيه إثيوبيا بافتعال أزمات مع مصر في إدارة السد خاصة أنها تسعى لأن تكون الإدارة منفردة لصالحها دون إشراك الجانب المصري فيها.

وأوضح الدكتور أحمد دراج، أن هدف إسرائيل من دعم عملية بناء السد، إعادة إحياء المشروع القديم الذي عرضه نتنياهو على مبارك بشأن تزويد إسرائيل بـمياه النيل، فمازالت تل أبيب في حاجة لـمياه نهر النيل.

وطالب الحكومة المصرية بالذهاب إلى الأمم المتحدة ومحاولة استصدار قرار دولي بشأن وقف عمليات البناء في سد النهضة إلى أن تنتهي لجان يتم تشكيلها من دارسة أثاره على الدولة المصرية، بعد أن يقوم مجلس النواب المصري برفض اتفاق المبادئ الذي وقعه السيسي في العاصمة السودانية الخرطوم.

نادر نور الدين، خبير الموارد المائية، أكد أن إثيوبيا على وشك بداية تشغيل المرحلة الأول من سد النهضة، وأن إسرائيل تتابع عمليات بناء السد بترقب شديد وبشكل مستمر كونها أحد المستثمرين في شركة توزيع كهرباء السد الإثيوبي.

التواجد الإسرائيلى في أفريقيا

وأضاف نور الدين، بأن تل أبيب استطاعت التواجد بقوة في العمق الأفريقي بعد حصولها على تفويض من الأمم المتحدة بتطوير الزراعة والأمن الغذائي في جميع الدول الأفريقية، كما أنها تسعى في الوقت الحالي إلى الحصول على مقعد مراقب في الاتحاد الأفريقي.

ولفت الخبير المائي، إلى أن زيارة نتنياهو الأخيرة لإثيوبيا أتت تزامنا مع أزمة مصر وإثيوبيا في سد النهضة، وزارة خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي 6 دول أفريقية على رأسها إثيوبيا.

ويعيدنا تاريخ وملابسات زيارة نتنياهو للقارة الأفريقية والتدول التي زارها إلى زيارة وزيرة الخارجية الإسرائيلية، جولدا مائير، عام 1958 لـ5 دول أفريقية في إطار محاولتها لترسيخ العلاقات مع أفريقيا لمواجهة دعم جمال عبد الناصر للتحرير الأفريقي.

هل الاختيار عشوائي

ما أكد الحديث السابق البيان الرسمي الصادر من رئاسة الوزراء الإسرائيلية في أعقاب الزيارة، والذي زيارة نتنياهو لكل من إثيوبيا، ورواندا، وكينيا، وأوغندا، ليس مصادفة، بل إنه جرى اختيار وتحديد هذه الدول بدقة.

وتعد هذه الدول السابق ذكرها أول الدول التي وقعت على اتفاقية عنتيبي، والت تتعلق بإعادة توزيع حصص مياه نهر النيل بين دول حوض النيل.

وأوصى الخبير المائي، بضرورة العمل على مواصلة الزيارات واللقاءات لـدول حوض النيل والعمل على كسب تأييد السودان لشرح الأضرار التي ستلقاها القاهرة جراء سد النهضة، مطالبا بضرورة الحصول على تعهد من إثيوبيا بشكل متابي بالحفاظ على حصة مصر في مياه نهر النيل.

اتفاقية عنتيبي

ويضم حوض النيل 11 دولة، هي: إريتريا، أوغندا، إثيوبيا، السودان، جنوب السودان، مصر، الكونغو الديمقراطية، بوروندي، تنزانيا، رواندا، وكينيا.

واتفاقية عنتيبي هي اتفاقية إطارية وقعت عليها دول المنبع في حوض النيل عام 2010 (أثيوبيا وكينيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا)  في مدينة عنتيبي الأوغندية، لطلب حصة إضافية من مياه النيل.

بينما اعترضت عليها دولتي المصب مصر والسودان، لأنها تنهي ما يسمى بالحصص التاريخية لهما في مياه النيل“55,5 مليار متر مكعب لمصر و18,5 مليار متر مكعب للسودان”.

فيما ترى الكونغو أن الدول الخمسة الموقعة على “عنتيبي” خالفت أحد المبادئ الأساسية المنصوص عليها في مبادرة حوض النيل، والمتعلقة بمبدأ التوافق في اتخاذ القرارات بين كل الأطراف، وهو ما لم يتم عند توقيع “عنتيبي”.

وفي العام التالي، في الأول من مارس 2011، انضمت بوروندي إلى الاتفاقية ووقعت عليها  ولكن لم يصدق البرلمان عليها، وتضم الاتفاقية 13 بندا.

وتدخل اتفاقية “عنتيبي” حيز التنفيذ في حال مصادقة ثلثي دول حوض النيل (6 من أصل 10). وفعلياً لم تصدق سوى 5 دول – بموجب القانوني الدولي – وإذا صدقت بورندي ستصبح الاتفاقية سارية.

وبحسب بنود الاتفاقية فإن دول مبادرة حوض النيل ستنتفع انتفاعاً منصفاً ومعقولاً من موارد مياه المنظومة المائية لـنهر النيل، على وجه الخصوص الموارد المائية التي يمكن تطويرها بواسطة دول مبادرة حوض النيل وفق رؤية لانتفاع معقول آخذين في الاعتبار دول المبادرة بما فيها المخاوف حول حماية الموارد المائية وكل دولة من دول المبادرة لها حق الانتفاع من الموارد المائية للمنظومة المائية لـنهر النيل.

كما تنص الاتفاقية، على أن لـدول حوض النيل والمنشآت ذات الصلة، وكذلك المنشآت التي تحوى قوى خطرة في حوض نهر النيل حق التمتع بالحماية التي تمنحها مبادئ وقواعد القانون الدولي المنطبقة في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، ولا سيما قواعد القانون الإنساني الدولي، ويجب أن لا تستخدم في انتهاك هذه المبادئ والقواعد.

ورقة الضغط الإسرائيلية في مسألة سد النهضة سينتج عنها آثارا بالطبع على القضية الفلسطينية الإسرائيلية، والتي تلعب مصر دورا هاما في إطار السعي إلى إيجاد حل لها في الآونة الأخيرة.

مساعي مصر لا تخدم فلسطين

السفير محمود كريم، أول سفير مصري لدى السلطة الفلسطينية، رأى أن حل القضية الفلسطينية الذي تسعى إليه مصر في الوقت الحالي ليس في صالح فلسطين، لكنه يخدم الجانب الإسرائيلي.

وبحسب رؤية كريم، فإن الجلوس على مائدة المفاوضات أمر يحتاج إلى أن يكون لدى كل طرف أوراق ضغط يمكن من خلالها أن يجبر الطرف الآخر على قول شروطه أو على الأقل الغالبية منها، وفي الحالة الفلسطينية الحالية لا يمكن لفلسطين أن تفرض أي شروط على إسرائيل.

وتابع: ما يحدث على مائدة المفاوضات سينتج عنها دولة فلسطينية أشبه بالمسخ، لا تمتلك أي مقومات للسيادة سواء على مجالها الجوي، أو بالنسبة لتكوين جيش قوي، وغيرها.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى