رأى

أفريقيا الأمل المنشود

بقلم: أ.د/هشام عبدالمنعم فرج

لا انكر ان افريقيا لم تكن فى بالى طوال سنوات عملى فى البحوث او التعليم الجامعى والتدريب الا لحظات متفرقه على اعوام ممتدة كلما حضر مثلا بعض الوافديين من افريقيا فى دورات تدريبية، كما ان عملى ودراستى وترحالى كان دوما الى دول الغرب وكانت فكرتى عن افريقيا هى تلك التى نسخها فى رؤوسنا اعلام صفوت الشريف مدعى الرياده والتقدم والسيطرة واننا الاعلى والاغنى والاكثر تقدما دوما.

وشاء القدر ان ارشح للعمل فى افريقيا كخبيرا للهندسة الزراعية فى دولة النيجر وهرعت اجمع معلومات عن تلك الدولة ووجدتها على الورق والمواقع الالكترونية تصنف كاقل دولة فى معدل التنمية والفقر. ورغبة منى استكشاف تلك القارة التى تلقب فى اوروبا بالقارة الكنز عزمت وسافرت الى نيامى عاصمة النيجر.

ولا انكر صعوبة الجو وانتشار الملاريا وارتفاع نسب الفقر لكن ما لا نعلمه فى مصر عن شعوب افريقيا هو التعليم الجيد لمن يريد والبعثات الى اوروبا والمغرب وتونس، وقد تستغرب ان هذا الحال فى كل دول الغرب الافريقي، حيث تعمدت التجول بين توجو وبنين وبوركينا فاسو وصولا الى غانا تلك الدولة التى سبقتنا بخطوات عدة.

الغريب اننى لم اجد فى تلك الدول زحام على العيش وتقاتل على انابيب الغاز او ساكنى مقابر بل وجدت انتشار اماكن بيع اللحوم فى الشوارع كعربات الفول المدمس فى مصر ويمكنك ان تستمتع بساندوتش لحم مشوى بما يساوى جنيه مصرى واحد.

لكن الاهم الذى جعلنى اكتئب واحزن هو اين نحن من تلك القارة التى هى عمقنا وامننا واهلنا ان الدول الاخرى كفرنسا وامريكا وانجلترا والصين واسرائيل تستنزف تلك القارة بجنون فلك ان تتخيل مثلا ان يورانيوم اوروبا كله من النيجر ومالى وان طائرات الشارتر تأتى يوميا لحمل اللحوم الى اوروبا.

اما نحن يا من سبقنا الكل للتمدد فى افريقيا عهد الزعيم عبدالناصر الذى زاد احترامى له من تلك السنوات التى قضيتها هناك فلا بلد الا به شارع باسمه وفرع لشركة النصر بل ان غانا لا تنظر الى اوراقك او تأشيرتك بمجرد ان يكتشفوا انك مصرى فيصرخون فاتى فاتى (وهو اسم يعنى فتحية زوجة نكروما زعيمهم ورئيسهم الملهم وهى المصرية التى تزوجها عند زيارته مصر فى عهد ناصر وتدعى ام الغانيين حتى الان).

فماذا حدث؟ لماذا انهارت شركة النصر للاستيراد والتصدير مثلا وفروعها فى افريقيا؟ شئ مخزى، فين مشاريعنا، مزارعنا الافريقية كله انهار حتى صندوق التعاون الفنى الافريقي سيطرت عليه المحسوبية والوساطة، وكذا بعثات الازهر فاصبحا يرسلا عناصر تسئ اكثر مما تعلوا باسم مصر.

وعلى العكس سيطرت وانتشرت جاليات اخرى منها اللبنانية والاوروبية واخيرا الصينية ورغم عدم حب الافارقة لهم (واعنى هنا الشعوب) وهذة حقيقة لمستها وعايشتها واقسم انهم يحبون المصريين من قلوبهم الا ان فى قلوبهم غصة لاننا لا نتواصل معهم او حتى نزور بلادهم بل ونتركهم لجاليات اخرى تستضعفهم وتستنزفهم وبمساعدة الحكومات التى فرضت عليهم فى اغلب الوقت.

اننى ارى ان الامل موجود وافريقيا تفتح لنا ايديها بكل حب لكن علينا العمل بجد وفهم ووعى استراتيجى وسريعا نعود لتفعيل دور الشركة الكبرى النصر التى اسسها عبدالناصر ونختار لها افضل العناصر والمبدعيين الامناء فى فروعها بـافريقيا ونسعى الى الاستيطان الكامل فى افريقيا نعم استيطان فى اراضى مصرية ومزارع ومشروعات ملك مصر وشباب يستوطن هناك يعمل ويعيش بل يتزاوج ونختلط فى امتنا الافريقيه وبعثات ازهرية محترمة لاناس تجيد لغه البلد المبعوث اليها وتمثل واجهه مشرفه لمصر بدلا من تلك البعثات التى مسار تندر واشمئزاز فى افريقيا.

وتغير الفكر الاستراتيجى لصندوق التعاون الافريقي بـوزارة الخارجية العقيم ونتعلم من مؤسسات كهيئة التعاون الفنى الالمانى او اليابانى وانشاء مدارس وجامعات مصرية ويقينا ستكون مصدر ربح، وهى تجربة تقوم بها ايران وتركيا الان فى غرب افريقيا.

التواصل مع الافارقة الذين تدربوا فى مصر او تعلموا بها وما اكثرهم لا نتركهم كما هو الحال الان ليكونوا مصدر دعم و عمق لنا.

واخيرا خطوط طيران تربط افريقيا بالعالم عبر القاهرة خاصة ان تركيا تحاول ذلك الان بعد ان خرجت الشركة الافريقية الليبية التى كانت تربط افريقيا بالعالم من المشهد رغم ان القاهرة مركز اهم واقرب لكن طبعا مع مغالاه مصر للطيران الخربة اداريا ايضا فشلت كل محاولاتى ومحاولات السفارة المصرية فى نيامى فى تشغيل تلك الرحلات وجعلها الوارث للخطوط الافريقية الليبية.

ان الامل موجود بل وبترحاب شريطة اختيار عناصر جيدة ووضع استيراتجية محكمة وصدقونى شعب افريقيا يفتح يده لنا فلا تردوه فان الفرص تتقلص يوما بعد يوم …… وعاشت مصر،،،

*كاتب المقال: أستاذ الهندسة الزراعية بمركز البحوث الزراعية.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى