بورصة الأخبار

أسامة بدير يُشدد على أهمية الحقوق الإنسانية للمزارعين

د.أسامة بدير، الباحث فى شؤون الزراعة والفلاحين
د.أسامة بدير، الباحث فى شؤون الزراعة والفلاحين

كتبت: مى عزالدين قال الدكتور أسامة بدير ـ الباحث فى شؤون الزراعة والفلاحين ورئيس تحرير “الفلاح اليوم“، فى المحاضرة التى ألقاها اليوم الأحد فى الجمعية المصرية للتنمية وحقوق الإنسان، عن “الحقوق الإنسانية للمزارعين” أن مصر يُمكنها أن تخطو خطوات سريعة نحو التقدم والتطور والرقى وإحداث نهضة كبرى فى جميع القطاعات الاقتصادية، وتحقيق معدلات نمو كبرى تعود على جميع مواطنيها بمستوى معيشى لائق، إذا ما توافرت الإرادة الحقيقية والفاعلة من جانب السلطة التنفيذية لضمان الحقوق الإنسانية للمزارعين، وتوفير جميع العوامل والمحفزات التى تساعدهم على الحصول على كافة هذه الحقوق الإنسانية التى نصت عليها جميع المعاهدات والمواثيق الدولية التى وقعت عليها مصر سلفا.

واستعرض بدير، نشأة مصطلح حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، مشيرا إلى أنه فى عام 1914 قامت الحرب العالمية الأولي وانتهت في سنة 1918 وراح ضحيتها نحو 16 مليون قتيل منهم 9 مليون عسكرى و7 مليون مدني، وبموجب اتفاقية بين أطراف الحرب اسمها فيرساي، أنهت الحرب العالمية الأولي ومن ضمن مواد هذه الاتفاقية مادة تم بموجبها انشاء كيان سمى عُصبة الأمم.

وأضاف بدير، أن عُصبة الأمم ظهرت عام 1919 وكان الهدف منها التقليل من التسلح الدولي ومنع النزعات المسلحة، لكن فشلت فى تحقيق ذلك لأسباب عديدة منها أنها بعد غزو الاتحاد السوفيتي لفنلندا، تم طرد الاتحاد السوفيتي من العُصبة، وكانت غير فاعلة في غزو ايطاليا لإثيوبيا، كما أنها لم تستطع  منع قيام الحرب العالمية الثانية سنة 1937 واستمرت حتى عام 1945 وراح ضحيتها نحو 62 مليون قتيل منهم 25 مليون عسكرى و37 مليون مدني.

وأشار بدير، أن فكرة الأمم المتحدة بدأت تظهر أثناء الحرب العالمية الثانية، حيث تم عقد عدد من المؤتمرات بين الدول وكان أول ظهور لاسم “الأمم المتحدة” والذى كان قد اقترحه الرئيس الامريكي روزفلت في مؤتمر اسمه دومبارتون اوكس كان بين ممثلين حكومات الصين والاتحاد السوفيتى وبريطانيا وأمريكا، وانتهى المؤتمر بمقترحات لشكل الأمم المتحدة والمبادئ العامة لها وأجهزتها المختلفة، وظهرت الأمم المتحدة في 26 اكتوبر عام 1945، والأجهزة الرئيسية التى تشكل منظومة الأمم المتحدة بموجب مواد في ميثاق الأمم المتحدة وهى: الجمعية العامة، مجلس الأمن، المجلس الاقتصادي والاجتماعي، مجلس الوصاية، محكمة العدل الدولية والأمانة العامة.

وأوضح بدير، كانت بداية دخول حقوق الإنسان عندما أنشىء المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجنة حقوق الإنسان. كان من ضمن مهام اللجنة انها تعمل وثيقة في حقوق الإنسان التى عرفت فيما بعد بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التى كانت في مجملها تفادي أي كوارث إنسانية واقرار وتعزيز حقوق الإنسان.

ونوه بدير، أنه فى عام 2006 تم إلغاء هذه اللجنة وحل محلها مجلس حقوق الإنسان وهو كيان مستقل تابع للامم المتحدة، من أجل تعزيز حقوق الإنسان، وأصدر هذا المجلس عدة مواثيق خاصة بحقوق الإنسان بداية من الميثاق الأم هو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر فى 10 ديسمبر عام 1948، ومرورا بالعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادران فى 16 ديسمبر عام 1966، وانتهاءا بإعلان الأمم المتحدة الخاص بالحق فى التنمية الصادر فى 4 ديسمبر عام 1986.

ونوه بدير، إلى أن ثقافة حقوق الإنسان أصبحت مهمة نشرها والوعي بها من الأهمية بمكان في وقتنا الحاضر، وتكتسب هذه الأهمية من منطلق أن ثقافة حقوق الإنسان لم تَعد ترفا، وغير قاصرة على النخب المثقفة أو فئة بعينها معنية أو مهتمة بالأمر، بل أصبحت ضرورة اجتماعية وسياسية وقانونية، وأصبح المواطن العادي أياً كانت مهنته محتكا بهذه الثقافة في حياته اليومية وبحاجة لأن يعرف ويلم بها، ولو في خطوطها العريضة.

وأوضح بدير، أنه لما كانت الزراعة هي المحرك الاقتصادي الأساسي لكثير من البلدان النامية والأقل تنمية في العالم، ويعمل أغلب سكانها في الانتاج الزراعي الصغير الذي يُلبى احتياجاتهم المعيشية، ويُسهم فى تحقيق الأمن الغذائي وحقوق الإنسان، حيث تُشير تقديرات عام 2015 لمنظمة الأغذية والزراعةالفاو” إلى أن حوالى 46% من سكان العالم يعملون في قطاع الزراعة، ولذا فإدراك حقوق الإنسان بالشكل والطريقة التى يراها المزارع وفقا لخبراته وتجاربه فى الحياة ومستوى تعليمه والعوامل الشخصية المؤثرة مثل الاتجاهات والاهتمامات والمصالح والدوافع، سوف تحدد الطريقة التى يرى / يفهم / يفسر بها تعاطيه مع تلك الحقوق.

وشدد بدير، على أن الإدراك هو عملية يتوافق بها الفرد – المزارع – مع البيئة التى يعيش فيها، ومن هنا كان لزاما على المزارع “الإنسان” أن يفسر ما يدور حوله من معانى ترتبط بحقوقه فى ظل تبنى ثقافة حقوق الإنسان التى تُمهد له فهم أعمق لشتى جوانب حياته وصولا للعيش بكرامة، معتبرا مفهوم حقوق الإنسان في العصر الحديث بات يُشكل أهمية كبيرة فى صياغة حاضر ومستقبل ملايين المزارعين، على اعتبار أنه يعنى مجموعة من المعايير الأساسية والتي بدونها لا يمكن للإنسان العيش بكرامة واحترام.

وفى هذا السياق أشار بدير، إلى أن مصر تُعد واحدة من البلدان النامية التي يمثل السكان الريفيين بها قرابة 57,4% من إجمالي عدد السكان، أغلبهم يعملون فى مهنة الزراعة، ويزرعون حوالى 7,5 مليون فدان، تسعى الحكومة عبر سياساتها الزراعية إلى تحسين نوعية حياتهم اقتصاديا واجتماعيا وحضاريا، واصفا المزارع المصرى هو الفاعل الاجتماعي الأساسي في الريف فإن كل ما يُمكن تحقيقه من نتائج يتوقف على نوعية ومستوى الفعل الاجتماعي الصادر منه وفقا لإدراكه لما يدور حوله فى بيئته الخارجية، وإذا ما كان هناك اتفاق على أن أفعال المزارع سوف تنعكس عليه وعلى مجتمعه المحلي بصورة كبيرة، فإن الأمر لابد أن يتخطى حدود المجتمعات الريفية إلى المجتمع المصري الكبير.

وأشار بدير، إلى أنه قد بذلت محاولات على استحياء خلال العقد الأخير من القرن الحالى لتوعية المزارعين بثقافة حقوق الإنسان أملا فى تعزيز هذه الثقافة بهدف مواجهة عوامل التخلف والمساعدة على نمو إمكانيات وطاقات ومحفزات المزارع – باعتباره إنسان – بشكل كامل وشامل ومتوازن, لتحقيق مستوى معيشى لائق بحياته خاصة ونهضة مجتمعه عامة.

وأكد بدير، على أنه لا يُقاس رأس مال أي أمة من الأمم بقدر ما تملكه من موارد طبيعية فقط، ولكن وبالدرجة الأولى بقدر ما يكون عليه عنصرها البشرى، الأمر الذي دفع كثير من الباحثين لأن يُرجع واقع التخلف المرير الذي تعاني منه دول العالم الثالث ومنها مصر في شتى نظمها الاجتماعية والاقتصادية والإدارية والثقافية، وتعثر كثير من مشروعات وبرامج التنمية فيها إلى إهدار هذه الدول لرأس مالها البشري.

وشدد بدير، على أنه أصبح التفسير المقبول عمليا لواقع المعاناة فى الريف المصرى هو واقع الإنسان – المزارع – بالطريقة التى يُدرك أو يُفسر بها حقوقه الإنسانية، التى تنعكس آثارها عليه من خلال العديد من المواقف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، التى ربما تؤدى إلى مشكلات متفاقمة نتيجة طريقة تفسيره لحقوقه الإنسانية، وهذا يعني بوضوح أن إدراك المزارع لحقوقه الإنسانية التي تشكل محورا هاما فى حياته قد يتأثر بخصائصه الشخصية والاجتماعية الاقتصادية، معتبرا أهمية إدراك المزارع لحقوقه الإنسانية التي أضحت تُشكل إحدى الركائز الرئيسية التى ترفع من قدراته كإنسان، وباتت من أهم المحدادات التي تُؤثر علي سلوكه الاتصالى بالمجتمع  المحيط به، على اعتبار أن إدراك المزارع لهذه الحقوق الإنسانية يساعده في عملية الاتصال بمستوياتها المختلفة عن طريق إضفاء معان علي الأحداث والأشياء المحيطة به، الأمر الذي قد ينعكس بشكل إيجابي على مواقف اجتماعية وثقافية صادرة عنه، تكون أكثر ملائمه وتعاملا مع الواقع الــــــذى يعيش فيه، والذي هو جـــزء منه يـؤثر فيه ويتأثر به.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى