رئيس التحرير

أسامة بدير.. يكتب: إرهاب الإذاعة المصرية!

د.أسامة بدير، رئيس تحرير “الفلاح اليوم”

إنها معركة مصيرية نخوضها ضد الإرهاب بجميع صوره وأشكاله من أجل نهضة حقيقية تستهدف فى المقام الأول تحقيق معدلات تنمية ريفية جادة تنتج قطاع ريفى متميز فى بنيته التحتية، اجتماعية وثقافية وحضارية ما يبشر بمستقبل واعد للوطن.

لم تستقر حتى الان الأمم المتحدة على مفهوم واضح المعالم لمصطلح الإرهاب، لكن ظهرت اجتهادات كثيرة حول المفهوم تجلت مفرادته بشكل أكاديمى فى كثير من الكتابات النظرية، وتناولته النخب السياسية من منظور جيوسياسى وراديكالى، ولست بصدد استعراض مصطلح الإرهاب على صعيده السياسى أو اللغوى أو حتى العقائدى، لكنى فقط أشير إلى أهم وأخطر ما يتضمنه هذا المصطلح وفقا لقناعتى الشخصية بعد بحث واستماع لرؤى خبراء التحليل الاجتماعى السياسى.

أكاد اجزم أن مصطلح الإرهاب يعنى فى المقام الأول سطحية الفكر وضحالة الرؤية وتغيب العقل، وفقدان السيطرة على تحكيم المنطق، ليصبح الإنسان عبد أسير لتلقى أى محتوى خبرى أو معلوماتى أو تحليلى، وينفذ ما يقال له بلا أى تفكير.

يقينى أن الإنسان يصل إلى هذه الدرجة التى عندها يتصف بـالإرهاب ويصبح مجرد حيوان ناطق يعيش فقط ليأكل ويشرب وينام ويتزاوج، تلبية لاحتياجاته الفسولوجية، وغرائزه الفطرية تحركه دون أى وازع دينى أو قيمى أو قانونى، فيما يعرض عليه من أحداث أو مثيرات اجتماعية.

الشاهد أن أساس مصطلح الإرهاب يُبنى على قضية محورية خطيرة ألا وهى الوعى، فهو المفتاح السحرى لـنهضة وتقدم الشعوب، وبالتالى فالمعركة التى ينبغى استخدام كافة الأسلحة فيها من أجل بناء المواطن المصرى أساس التنمية صانعها ومتلقى إنجازاتها هى الوعى الحقيقى.

لقد تبنت أعلى سلطة فى مصر على الصعيد السياسى إشكالية غاية فى الأهمية عندما وضعت كافة الامكانيات المالية واللوجستية تحت تصرف اتحاد الإذاعة والتليفزيون، من أجل إدارة معركة الوعى لبناء مواطن مصرى يتسم بقيم وأخلاقيات تساعد فى بناء الوطن من خلال خطط التنمية الشاملة والمستدامة، يزرع الأرض ويعمرها أملا فى تحقيق النهضة الكبرى.

ورغم كافة أشكال الدعم اللانهائى التى وضعت تحت تصرف عصبة من قيادات العمل الإذاعى فى الإذاعة المصرية، ثبت لدى أنهم لا يملكون أى رؤية فى المستقبل القريب – لتنفيذ تكليفات القيادة السياسية بشكل يتسم بالحكمة والاقتدار – وتسابقوا على إهدار كافة موارد الدولة من خلال السموم التى تبث عبر أثير إذاعة البرنامج العام، التى أفرزت منتج اجتماعى سيىء، بل وزادت سطحية المواطن وفقدان رشده فى الحكم على أبسط الأمور.

لقد بح صوت الرئيس عبدالفتاح السيسى، بضرورة التوجه الجاد صوب العمل والإنتاج من أجل المساهمة الحقيقية فى بناء الوطن على الصعيد الاقتصادى الذى لن يتحقق إلا بمزيد من العمل، إلا أننى أجد أنهم يضربون عرض الحائط بهذا التوجه، وأجد نفسى كل صباح وأنا أتابع إذاعة البرنامج العام، أمام سيل جراف من الأغانى الرومانسية التى تحمل معانى جميلة لكنها غير مطلوبة فى تلك الفترة الصباحية، التى ينبغى أن تذاع فيها أغانى تحث على العمل والإنتاج وبناء الوطن والأمل فى غدا أفضل.

ولم تكتفى الإذاعة بهذا الهراء بحق ملايين المصريين بل “زادت الطين بلة” مستمرة فى مسلسل الهبل والعبط والاستخفاف بالعقول، حينما يتصدى مذيعى الفترة الصباحية لاختيار موضوع للناقش مطالبين المستمعين بالتعليق عليه عبر صفحة الإذاعة على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، وتكون مكافأة المستمع قراءة تعليقه على الهواء مباشرة، والجريمة هنا التى ترتكب مع سبق الإصرار والترصد بحق المواطن تتمثل فى نوعية الموضوعات التى تزيد من طمس الجزء المتبقى من عقل المصريين، وتستفحل معها الأمراض النفسية المزمنة، وتجعل المرء يحزن على ضياع المال والوقت والجهد المبذول فى هراء وبناء مواطن عقيم الفكر.. أعمى الرؤية.. عديم البصيرة.

ياسادة من فضلكم اختاوا موضوعات للناقش مع المستمعين تبنى عقل وفكر المواطن، تساعده على إدراك ما يدور حوله بلا زيف أو تدليس – بذريعة الفكاهة والأمل الوهمى – فهذا لا يبنى أوطان إنما يهدمها ويحولها لمستنقع من الإرهاب.

للتواصل مع الكاتب

[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى