رئيس التحرير

ولنا كلمة يا وزير الزراعة

بقلم: د.أسامة بدير

للمرة الألف لست من طالبى المناصب فى وزارة الزراعة أو قطاعاتها وأجهزتها المختلفة ولا أسعى إليها ولن أتردد ثانية واحدة فى رفض أى منصب، رغم أنه قد تم سلفا 4 مرات وكانت الإجابة بالرفض، ولست من الذين يرغبون فى  تحقيق مصالح شخصية ضيقة على حساب أجندة القطاع الزراعى الرسمى وحقوق صغار المزارعين.

أنا صاحب فكر ورؤية للتطوير والتحديث ونهضة وزارة الزراعة وذراعيها البحثيين مركزى البحوث الزراعية والصحراء، فهما معول نهضة الزراعة المصرية، ولذا قلمى دائما ما يطرح قضايا تحتاج إلى إعادة النظر بعد اتخاذ القرار فيها، فالعودة إلى تصويب القرار أفضل من التمادى فى الخطأ والاستمرار فى نزف موارد الدولة وقوت مواطنيها الغلابة لمجرد قرارات تم اتخاذها من غير دراسة أو قبل عرضها على خبراء للمشورة والوصول إلى أفضل الصيغ، من أجل الصالح العام وإحداث تنمية زراعية حقيقة وجادة تعود بالنفع على جميع العاملين بـالقطاع الزراعى وعموم المصريين.

بالتأكيد ليس معنى كلامى أننى الأفضل أو أملك مهارات وخبرات ليس لها وجود سوى عندى دون الباحثين بمركزى البحوث الزراعية والصحراء أو العاملين بالوزارة، فأنا أقل من الجميع والكل أفضل من منى … فقط أعبر عما يجول بخاطرى فى قالب صحفى وفقا لمتطلبات المهنة بهدف الإصلاح والتطوير والتحديث وعلاج القصور أو الخلل الذى ربما يطرأ عن عدم وعى أو غياب النزاهة والشفافية وعناصر الحوكمة العادلة لدى بعض القيادات .. فأنا خادم الباحثين وصغار المزارعين ومعهم دائما لنصرة قضاياهم وحقوقهم العادلة، فضلا عن الاجتهاد من أجل الإسهام أو المساعدة فى تأسيس  منظومة متميزة من الإدارة الرشيدة لـوزارة الزراعة.

ومن هذا المنطلق استطيع القول، أن ما أقره الدكتور عز الدين أبوستيت وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، أمس بشأن لائحة النظام الداخلي لـقناة مصر الزراعية، لهو قرار جانبه الصواب، لأسباب عدة يمكن التعامل معها بقدر كبير من المسؤولية المهنية والأخلاقية والتاريخية التى تفرض علينا جميعا أن نقف بشكل جاد أمام هذا القرار الصادم لجميع العاملين فى الحقل الإعلامى من داخل الوزارة أو خارجها، بالإضافة للاختصاصيين بشأن المجتمع الريفي.

يقينى، أن لائحة النظام الداخلي لـقناة مصر الزراعية، تعد بمثابة دستور حاكم لكل ميكانزمات الإدارة وآليات العمل بالقناة، واتخاذ قرار مثل هذا، خاصة بالمفرادات والجمل التى نشرت مع الخبر وما اتسمت به من ضعف وركاكة فى صياغة  اللائحة والتكرار الحرفى الممل سواء لكلمات بعينها أو معانى ساهمت فى غضب شديد بين عدد كبير منهم.

والسؤال الذى يطرح نفسه لوزير الزراعة؟

هل تم طرح هذه اللائحة قبل إقرارها على الاختصاصيين لمناقشاتها؟ وهل تم تنظيم لقاءات تشاورية مع الجهات البحثية التابعة للوزارة لأخذ المشورة العلمية ومدى توافق اللائحة مع أهداف القناة ورسالتها الإرشادية؟ وهل تمت اجتماعات دائرة مستديرة تضم جميع أصحاب المصلحة ليعبر كل منهم عن وجهة نظره؟

الشاهد، أن كل هذا لم يحدث، ويبدو لى من نظرة أولية فى اللائحة ومن خلال صياغتها أنها ربما تكون اسندت لشخص ما صاغها بمفرده بل والأغرب أنه قام بإعدادها بمفرده، وإن كان قد استعان بطرق غير رسمية ببعض الأراء التى ربما أخذ منها ما يريد وترك الاخر وبالتالى أفرغ الرأى من مضمونة الصحيح.

كنت أتمنى من وزير الزراعة أن يستعين ويستفيد من الخبراء الإرشاديين وعلماء الاجتماع الريفى بمعهد بحوث الإرشاد الزراعى والتنمية الريفية، الذى يملك مهارات وخبرات على أعلى مستوى من الكفاءة العلمية والعملية التى تؤهلهم لتولى المسؤولية كاملة بهذه القناة الهامة والتى تعد كنزا يمثل أخطر طرق الاتصال الجماهيرية لو أحسن وضع دستورها بشكل سليم قائم على أساس علمى ومهنى منضبط وفقا لما تقضيه ظروف وإمكانات وقواعد البناء الاجتماعى وشبكة العلاقات الاجتماعية فى الريف.

لقد تواصلت مع عدد من خبراء الإرشاد الزراعى فى مركزى البحوث الزراعية والصحراء المشهود لهم بالأداء المتميز وفقا لمنظمات إقليمية ودولية، وسألتهم عما إذا كان قد تم الاستعانة بهم بشكل رسمى فى إعداد وصياغة اللائحة الداخلية لـقناة مصر الزراعية التى تم إقرارها أمس من قبل وزير الزراعة، فكانت الإجابة بـ”لا”، بل والأغرب وجدتهم لا يعلمون أى شيىء عن الموضوع.

رغم مرارة القرار بالنسبة لى، واستغرابى من صدوره فى هذا التوقيت بشكل يدعوا للتساؤل: لماذا العجلة فى إصدار تلك اللائحة، ولماذا لم يشكل الوزير لجنة من خبراء الإرشاد الزراعى والاجتماع الريفى تتولى الإعداد والصياغة لهذه اللائحة؟

لا تزال وسوف تستمر المرارة فى حلقى من تسارع وتيرة القرارات التى يصدرها الدكتور عز الدين أبوستيت وزير الزراعة فى تلك الفترة الحرجة، وسط عشرات التقارير الإعلامية والمصادر الرسمية المقربة من دائرة صانع ومتخذ القرار السياسى، التى أكدت أن القيادة السياسية ترغب فى تجديد الدماء والدفع بقيادة شابة طموحة تملك مقومات أفضل ورؤية أعمق للتصدى فى بعض الملفات التى أخفق فيها الوزير الحالى، وفقا لمصادرنا التى كشفت لنا أن تقارير لجهات سيادية أكدت “…. ضعف أداء الوزير الحالى فى علاج بعض المشاكل التى تعانى منها الزراعة وتواضع إنجازاته….”.

وأخيرا، كنت أتمنى أن يدرك وزير الزراعة أن لديه كافة مقومات اتخاذ القرارات الصائبة اعتمادا على مؤسسات بحثية متميزة وخبراء مؤهلين فى كل تخصصات الزراعة يتبعون الوزارة، لكن يبدو لى أن الوزير اعتمد على أهل الثقة لا الكفاءة، وهذا هو أخطر ما يهدد أى بنيان أو استقرار لجميع مؤسسات الوزارة ومنظومة الاقتصاد الزراعى أو السياسة الزراعية التى لو وضعت ونفذت بالشكل الصحيح ستحقق نهضة زراعية كبرى تحدث انتفاضة للزراعة المصرية من كبوتها وتقلص من الفجوة الغذائية التى يعانى منها الاقتصاد المصرى.

للتواصل مع الكاتب

[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى